قضايا وآراء

منظومة إس 400 في سورية… ماذا يعني ذلك؟

ميسون يوسف :

عندما اتخذت تركيا ومن خلفها أميركا القرار بالاعتداء على الطائرة الروسية وإسقاطها في عملية وصفها الرئيس بوتين بأنها طعنة في الظهر، كانت تظن أن جريمتها سترعب روسيا وتدفعها إلى الخلف والتراجع عن تقديم المساعدة العسكرية الدفاعية إلى سورية بناء على طلبها.
كما ظن المتهور المغرور أردوغان الذي ما فتئ يسعى إلى إقامة منطقة حظر جوي تتبعها إقامة منطقة آمنة للإرهابيين على الأرض السورية، ظن أن إسقاط الطائرة سيكون الخطوة العملية الأساسية للبدء بتنفيذ حلمه العدواني على سورية.
لكنّ ظن أردوغان ومَنْ وراءه، خاب لا بل انقلب عمله في نتائجه إلى عكس ما توقع وانتظر. فروسيا ليست دولة من جمهوريات الموز، بل هي دولة عظمى تمتلك قدرات عسكرية تعتبر أحد أهم قوتين في العالم، وفوق ذلك تمتلك حساً وعنفواناً قومياً لا يسمح لها بأن تتقبل اعتداء أو إهانة، فكيف إذا كان العدوان والإهانة جاءا من دولة ترعى الإرهاب وتستثمر به وتعتدي على من يجاورها؟.
لقد بات واضحاً الآن أن الرد الروسي لم يتأخر بل كان أسرع مما يتوقع مراقب أو متابع، رد تنوع على أكثر من اتجاه وعنوان من الميدان إلى السياسة والاقتصاد مروراً بالدبلوماسية والمال… وإذا كان البحث في أبواب يتطلب مساحة أكثر مما تتيحه هذه المقالة، فإننا نتوقف عند منظومة الدفاع الجوي إس 300 وإس 400 التي قررت روسيا نشرها خلال ساعات من جريمة أردوغان ضد الطائرة الروسية، حيث نشرت بطاريات إس 400 في مطار حميميم السوري وتمركز الطراد موسكوفا مع ما يحمل من صواريخ اس 300 مقابل الساحل السوري قريباً من الحدود التركية.
نقف عند هذه المنظومة التي تعتبر في مصاف الصف الأول عالمياً على صعيد أسلحة الدفاع الجوي، ويكفي أن نذكر بمزايا الصاروخ إس 400 لنعرف كيف انقلب الميدان عكس ما كان يشتهي أردوغان.. فالصواريخ إس 400 قادرة على صد جميع وسائل الهجوم الجوي الحديثة على مسافة تصل إلى 400 كيلومتر وعلى ارتفاع 27 كيلومتراً بما فيها الصواريخ الباليستية والتكتيكية والصواريخ المجنحة والطائرات والمروحيات، وإن تركيزها على بعد أقل من 50 كلم من الحدود التركية يعني أنها ستغطي مدى يتجاوز 300 كلم داخل تركيا، أي إن منطقة الحظر الجوي التي رغب أردوغان في إقامتها أنشئت ولكن في تركيا وليس في سورية، وباتت الطائرات التركية التي ستتجرأ في المستقبل على اعتراض الطائرات الروسية عرضة للتدمير مباشرة بعد إقلاعها من قاعدة أنجرليك أو غازي عنتاب. ويكون متهور تركيا شاء شيئاً فجاء عكسه، لأن هذه الصواريخ ستشكل إنذارا وتحذيرا بالغ الخطورة لتركيا، وعلى أردوغان أن يسمعه جيداً وأن يفهم منه أن زمن العربدة ولى وأنه بات مع طيرانه الداعم للإرهاب في قبضة من يحارب الإرهاب بشكل جدي. فهل يفهم أردوغان أي نتيجة حصد من عدوانه؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن