قضايا وآراء

حرب السعودية وأوهامها…

تحسين الحلبي :

بدأ عدد من مراكز الأبحاث السياسية في أوروبا يطرح سؤالاً حول مستقبل الحرب السعودية على اليمن وهل سيظل اتحاد دول الخليج تشارك كل دوله في هذه الحرب التي يشنها أغنياء دول النفط العربية على أفقر دولة في العالم العربي؟
وثمة من يسأل وماذا ستستفيد هذه الدول من هدر أموالها من دون مقابل حتى حين تدعي أنها تحارب النفوذ الإيراني في اليمن علماً أن الهدف هو تقسيم اليمن إلى دويلات صغيرة عن طريق القوة؟
بعد ثلاثة أشهر سيكون قد مرّ عام على الحرب التي لم تتوقف من الجو والبحر والبر ضد اليمن من دون وجود أي توازن بين القدرات المالية والعسكرية السعودية والخليجية والقدرات اليمنية البسيطة من جميع النواحي إلا من إرادة الصمود والتضحية ومجابهة التحديات.
يشير الموقع الأميركي (نيشينال انترست) (المصلحة القومية) أن فريق شن الحروب في الولايات المتحدة هو الذي أشعل هذه الحرب التي لا يهمه إذا ما اتسعت رقعتها في شبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر لأن اتساعها سيوفر المزيد من تصدير الأسلحة والذخيرة لدول تملك أموالاً طائلة مثل السعودية وبقية دول الخليج.. ويعترف الموقع الأميركي أن واشنطن لا تمارس أي ضغط على السعودية رغم أن دولاً أوروبية ومعها منظمات مراقبة غير حكومية تحذر من تزايد ارتكاب سلاح الجو السعودي لجرائم حرب ضد المدنيين والمنشآت الطبية والمدنية طوال تسعة أشهر ومن دون توقف في اليمن.. ويقول (غاريت بورتر) في تحليل نشره في موقع (تروث آوت) الأميركي: إن الغارات السعودية ضد اليمن تعلن يومياً وبشكل مكشوف عن استهداف المدنيين وتؤكد ذلك جميع المنظمات الإنسانية بما في ذلك منظمة العفو الدولية لكن واشنطن تقطع الطريق على الجميع لكي لا تصل المطالب إلى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الجنائية.
ورغم كل ما يتجمع لدى السعودية من أموال يمكنها استخدامها في هذه الحرب يؤكد معظم المحللين أن الرياض لن تخرج من هذه الحرب رابحة أو منتصرة كما تتصور العائلة المالكة، فحتى صحيفة واشنطن بوست الأميركية ترى أن حرب السعودية ستطول ضد اليمن على غرار حرب أميركا ضد فيتنام ولن تتمكن السعودية من تحقيق أهدافها وأنه إذا كان العالم منشغلاً الآن في أخطار إرهاب داعش فإنه سيصحو ليجد أنه مطالب بالوقوف إلى جانب اليمنيين الذين تقوم السعودية بتدمير بلادهم وبالتدخل العسكري في تقرير مصيرهم لخدمة المصلحة الأميركية. ويؤكد المحلل السياسي (أنغوس ماكدوال) في تقرير نشرته (رويترز) أن السعودية ستخرج مهزومة من هذه الحرب أمام اليمنيين، وإذا كان هدفها عزل إيران أو محاصرتها بالأعداء فإنه من المتوقع أن تزداد إيران قوة وخصوصاً في علاقاتها مع الجوار العربي في العراق وسورية ولبنان وسلطنة عمان التي ستشكل لها رسولاً بين دول الخليج الصغيرة.. وبالمقابل من المؤكد أن تبدأ الأمم المتحدة بعد كل هذه التطورات في المنطقة بالاعتراف بمطالب المعارضة اليمنية بقيادة أنصار اللـه والجيش الأمني الذي يتحالف معهم ضد (هادي عبد ربه منصور) ويفترض بعض المحللين سيناريو يحافظ اليوم فيه على وحدته السيادية بشروط أفضل مما كان سائداً في ظل الحكم السابق المتحالف مع السعودية التي ستتعرض خلال وبعد توقف القتال المحتم لتغييرات لم تكن تتوقعها العائلة المالكة سواء في مجال علاقاتها مع جوارها من دول الخليج أو مجال نظامها الداخلي الاجتماعي والسياسي، وهو الثمن الذي سيفرض نفسه أيضاً على دول خليجية أخرى..
ويرى هذا السيناريو أن واشنطن نفسها ستضطر إلى ممارسة الضغوط على السعودية عندما تستنفد منها أهداف هذه الحرب لأن واشنطن ستكون الدولة المستفيدة من هذه الحرب السعودية سواء في حالة انتصار السعودية أم في حال فشلها وهزيمتها، ولذلك يرى المرشح الأميركي للرئاسة (ترامب) أن أوباما وضع قواعد لعبة في حرب السعودية تجعله يعلن انتصاره عندما يهزم اليمنيون السعودية وعندما لا يهزمونها.. ويرى (مادوال) أن العائلة المالكة ستكون هي الخاسرة في جميع الأحوال وستحمل أوهامها بعد هذه الحرب وتدفنها في قصورها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن