قضايا وآراء

هل يخطط بوتين لإسقاط (حرامي النفط)؟!

| باسمة حامد 

كثر الحديث مؤخراً عن طبيعة الرد الروسي القادم ضد تركيا (على خلفية إسقاطها المقاتلة الحربية فوق سورية) خصوصاً وأن بوتين في خطابه أمام الجمعية الفدرالية الخميس الفائت حدد خطوط المواجهة بمعادلة جدية عنوانها: «لا بالسلاح ولا بالطماطم»!!
فهل يخطط بوتين لإسقاط أردوغان وزمرته؟!
السؤال بات مطروحاً بقوة ربطاً بالطريقة التي يتعامل بها الرئيس الروسي مع الحادثة، وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه رفضه المطلق لقاء نظيره التركي الذي برر الحادثة بسيناريوهات أكثر سخفاً من المسلسلات التركية، وعلى أساس وصفه لبلاده بدولة «زعيمة ومسؤولة» وتحارب الإرهاب وإيديولوجيته الوحشية الهدامة: «في الخطوط الأمامية منذ وقت بعيد».. وبالنظر إلى استخدامه لمصطلحات حادة في توصيفه للنظام التركي: «الخيانة والغدر».. واستحضاره للقديم والجديد في التاريخ التركي الحافل بالإرهاب الدولي: «تركيا قدمت ملاجئ للإرهابيين الذين كانوا يقاتلون في شمال القوقاز».. يبدو أن الزعيم الروسي يحضر لحكومة «العدالة والتنمية» حساباً غير متساهل.
ومن الممكن القول إن شرعية النظام التركي أصبحت في دائرة الاستهداف الروسي من الآن فصاعداً، بحيث سيسعى المسؤولون الروس للنيل منها استناداً إلى الأدلة الموثقة لديهم. فالعقل الروسي ربط بذكاء بين محاولات (حرامي النفط في تركيا) إحباط العملية السياسية السورية واستفادته من بقاء التنظيمات الإرهابية حيث المصالح المشتركة بين الطرفين تفسرها صفقات النفط المشبوهة.
والملاحظ أن المساعي الروسية المبذولة لتجريم حكومة «العدالة والتنمية» باتت أقوى من ذي قبل:(موسكو ستقدم رسمياً للأمم المتحدة أدلة على عمليات تهريب النفط من سورية والعراق إلى تركيا.. كما أن وفدها لدى الأمم المتحدة بدأ مشاورات مع أعضاء آخرين حول صياغة وتبني مشروع قرار جديد يهدف إلى مراجعة مدى تنفيذ القرار السابق الخاص بقطع التمويل عن تنظيم «داعش» الإرهابي).
ومن سوء حظ اللص الذي تجرأ على هيبة روسيا أن قبعته ستحترق أمام العالم بأسره، فالروس يعملون على أكثر من مسار بالوقت نفسه، وهم يدفعون «المجتمع الدولي» لإيجاد آليات حقيقية لتطبيق قرارات مجلس الأمن الصادرة بشأن الإرهاب، ويركزون على توسيع الفجوة القائمة حالياً بين الجيش والنخبة الحاكمة في تركيا والتي ظهرت إثر مقتل العسكريين الروس.
وما يخدم هذا المسعى ما يلي:
1- عجز واشنطن وحلفائها عن إيقاف الحراك العسكري والسياسي الروسي في سورية في ظل نجاحه بتطويق الإرهابيين ودفعهم للبحث عن ساحات جديدة (وسر نجاحه يكمن في التنسيق والتعاون مع القوات البرية المقاتلة على الأرض كالجيش العربي السوري وحزب اللـه اللبناني والجيش العراقي وغيرها.. ).
2- تأييد إيران للأدلة الروسية بخصوص دور أردوغان وأسرته في سرقة النفط السوري والعراقي رغم عرضها لعب دور الوساطة بين موسكو وطهران.
3- التقارير الإعلامية المسربة عن دور أردوغان في إسقاط الطائرة الروسية المدنية فوق سيناء عبر قنبلة صغيرة وُضعت خلسة تحت مقاعد الركاب قبل إقلاعها من مطار اسطنبول (إثبات الأمر مهم جداً بالنسبة لكل من روسيا ومصر).
4- تخلي واشنطن عن أردوغان وإدانة حكومته لقيامها بإسقاط الطائرة الحربية الروسية.
5- الاعتراف الأميركي بعدم القدرة على: «كسب النزاع مع داعش بشكل كامل بالضربات الجوية فقط».. بالتوازي مع الاتفاق الروسي الأميركي على ضرورة إغلاق الحدود التركية السورية.
6- إشارة واشنطن حول إمكانية جمع السلطة والمعارضة في سورية لمحاربة التنظيم الإرهابي. وتقدم الأوروبيين (كفرنسا وبريطانيا وألمانية) خطوات في هذا المجال وسط ترحيب روسي، فالغرب وجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما:إما «داعش» أو القبول ببقاء الرئيس الأسد ومن الواضح أنه ابتلع الخيار الثاني على مضض.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن