قضايا وآراء

خطة مكشوفة تستبق مؤتمر الرياض

| سامر ضاحي 

أطلقت ما تسمى «مجموعة الخبراء السوريين» يوم الخميس الماضي مسودة مقترحة لمشروع خطة للانتقال السياسي في سورية، تضمنت ما سمته جوانب العملية السياسية للانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، عبر مرحلة انتقالية، الأمر الذي يبدو استباقاً لنتائج مؤتمر الرياض للمعارضة السياسية والمسلحة المزمع عقده اليوم وغداً، لتشكيل وفد جامع للمعارضة حسب بيان فيينا 2 يفاوض وفد الحكومة السورية لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر على أساس مقررات مؤتمر جنيف 2012 وصولاً إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي تحظى بصلاحيات الرئيس والحكومة لثلاثين شهراً.
وجاءت الخطوات «الدستورية» الأساسية في المرحلة الانتقالية التي فصلتها الخطة لتشير بشكل أو بآخر إلى وقوف أنقرة والرياض والدوحة خلفها هكذا خطة ولاسيما تطابقها مع مواقفهم حول المنطقة الآمنة وتعويم الائتلاف المعارض قبل مؤتمر الرياض، إذ اعتبرت المسودة أن خريطة الطريق اللازمة لنجاحها تتطلب إنشاء منطقة آمنة مؤقتة، كما أكدت على أن تعزيز دور السوريين في تقرير مصير وطنهم يتم عبر تحول المعارضة إلى قوة منظمة، تعمل تحت قيادة الائتلاف الوطني المعارض الذي ستعاد هيكليته، داعية لحل الحكومة المؤقّتة فور تأليف حكومة المرحلة الانتقالية، وكأن للمؤقتة أي وجود مادي ملموس باعتراف المعارضين أنفسهم، كما دعت لتفعيل النشاط السياسي المعارض على المستوى الدبلوماسي والإعلامي والمحلي وهو إقرار بعدم فاعلية المعارضة ودورها المحدود مقارنة بالحكومة الشرعية القائمة.
وكررت الخطة عبارة الجمهورية السورية الجديدة مراراً فيما بدا إنكاراً لعروبة سورية رغم تأكيد عضويتها في الجامعة العربية، كما لم تورد لاحقاً أي إشارة للمناطق المحتلة في الجولان أو لواء اسكندرون، على حين اعتبرت المشاركة الروسية في سورية ضد الإرهاب «تدخلاً» وأغفلت دور واشنطن وأنقرة وعواصم عربية أكدت مراراً دعمها للمجموعات المسلحة.
وشددت الخطة على أن المرحلة الانتقالية ستكون «دون أي دور للرئيس بشار الأسد ومجموعته»، وهذا يتنافى مع بيان فيينا 2 وحتى بيان جنيف 1، وهذا الشرط بدأت حتى عواصم الغرب وآخرها باريس وواشنطن الإقرار باستحالته.
كما يؤخذ على الخطة أن الهيئات المساعدة لهيئة الحكم الانتقالي ستشكل مناصفة بين الحكومة والمعارضة على غرار المجلس العسكري الانتقالي فإذا قلنا إن لدى وزارة الدفاع السورية قيادات عسكرية كفوءة فإن المعارضة تفتقر وبشده لهذا الأمر مما سيعرض هيكلية الجيش للهشاشة، ناهيك أن كثيراً ممن تسميهم القوى الغربية فصائل معارضة معتدلة يقودهم ضباط عرب وأجانب أو قياديون من جبهة النصرة على غرار ميليشيا جيش الفتح فهل سيصبح أحد إرهابييها عضواً في الهيئة العسكرية الجديدة ويقدم لنا برتبة لا أحد يدري كيف نالها.
كما دعت الخطة إلى بدء تشكيل «جيش حر وطني»، الأمر الذي ينسف كل الادعاءات السابقة عبر مراحل الأزمة السورية عن وجود هكذا جيش ويعزز ما أكدته دمشق مراراً حول وجود مجموعات مسلحة فقط.
كما أن اقتراح تشكيل الهيئة القضائية الانتقالية العليا يتناقض في تفاصيله مع بيان فيينا 2 ومع مقدمة الخطة ذاتها اللذين أكدا على علمانية الدولة لاسيما أن المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة لا يوجد فيها إلا هيئات شرعية يتولاها شيوخ أو قياديون في جبهة النصرة ومنهم غير سوريين وتشكيل هذه الهيئة مناصفة بين الحكومة والمعارضة يثير الاستغراب فهل نتصور أن يقف عناصر جبهة النصرة في وزارة العدل بدمشق ويجاهرون بعلمانية الدولة؟!
وما يثير الاستغراب أكثر أن الخطة لم تشر إلى الصفة الرسمية لمن رسمها وفيما إن كانت بناء على اجتهادات من أشخاصهم أو بتكليف إما من الائتلاف المعارض أومن المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا الذي تحتوي خطته للحل ما يسمى «مجموعة خبراء سوريين» وهو الاحتمال الأخطر نظرا لما يليه من تورط أميركي وأممي مع العواصم ذات المصلحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن