من دفتر الوطن

المتملقون السعداء!!

| عبد الفتاح العوض

التملق يجعلك سعيداً.. هذه ليست دراسة حديثة.. بل نتيجة توصل إليها ابن خلدون في مقدمته..
كل منا راقب متملقاً ما حوله.. وبالتأكيد أجبرت كلاً منا الظروف أن يكون «سيده» يحب التملق ومن هواة جمع المتملقين حوله.. هذا إن لم نقل إنه في كل منا «متملق» صغير نائم يصحو وقت الحاجة..
الفكرة التي قالها ابن خلدون تتلخص بأن «التملق من أسباب حصول الجاه المحصل للسعادة، وإن أكثر أهل الثروة والسعادة هم أهل التملق».
ثمة ربط بين المال والسعادة يمكننا أن نراه أوضح في قوله: «الجاه يفيد المال لما يحصل لصاحبه من تقرب الناس إليه بأعمالهم».
الجاه الآن معادل للسلطة.. ولن أفسد الزاوية هنا بتذكيركم بطلاب السلطة الآن على دماء الناس وليس فقط على أموالهم.
أولئك الذين تم العبث بوتر الجاه والسلطة لديهم ليتحولوا إلى وحوش بربطات عنق وجروا وراءهم كثيراً من الناس مع إغراءات الفتات من العيش والفتات حتى من الأوهام.
أعود إلى ابن خلدون وهو يقول: «فاقد الجاه وإن كان له مال فلا يكون يساره إلا بمقدار عمله».
هؤلاء هم التجار والصناعيون وغيرهم ممن يملكون المال لكنهم لا يملكون السلطة ويبقى طموحهم الدائم الوصول بالمال إلى السلطة.. مثلما يحصل أهل السلطة على المال.
فمن الذين يخرجون من المولد بلا حمص؟!
الإجابة أيضاً عند ابن خلدون مثلما هي أيضاً متوافرة حولنا بنماذج حية.
«نجد الكثير ممن يتخلق بالترفع والشمم لا يحصل لهم غرض الجاه فيقتصرون في التكسب على أعمالهم ويصيرون إلى الفقر والخصاصة».
التفسير لذلك بأن الترفع إنما يحصل من «توهم الكمال» وأن الناس يحتاجون إلى بضاعته من علم أو صناعة حتى يصل ابن خلدون إلى الجزم بأنه «اشتهر بين الناس أن الكامل في المعرفة محروم من الحظ وأنه قد حوسب بما رزق من المعرفة واقتطع ذلك من الحظ» وهذا ما يجعل النتيجة كما يقررها أيضاً ابن خلدون.
«يقع في الدول.. أن يرتفع فيها كثير من السفلة وينزل كثير من العلية».
الآن……… قسم منا سيرى أن ابن خلدون قدم توصيفاً صحيحاً وأن التملق مجلبة للسعادة..
وقسم آخر سيرى أن التملق مجلبة للمال لأن التملق مجلبة للسلطة التي بدورها تجلب المال.. لكنها ليست مجلبة للسعادة!!
الشيء المؤكد بالنسبة لي أن ثمة قادرين على التملق وكان لي صديق «شاطر» بالتملق وعندما سألته لماذا تذل نفسك بهذه الطريقة فقال: إنه بالعكس إنما «يضحك عليهم بها»…….. وفي الوقت ذاته ثمة من هم غير قادرين ولا يمتلكون الرغبة بالقدرة على التملق.. لكن أسوأ الناس هم الذين يجبرون الناس على التملق ويسعدون به ويقربون إليهم أصحاب «الكفاءات» بالتملق وأنواعه؟

فن التملق:

خروف يوصي ابنه….

ولدي إذا ما داس إخوتك الذئابْ فاهرب بنفسك وانجُ من ظفر وناب
وإذا سمعت الشتم منهم والسباب فاصبر فإن الصبر أجر وثواب
إن أنت أتقنت الهروب من النزالْ تحيا خروفاً سالماً في كل حال
تحيا سليماً من سؤال واعتقال من غضبة السلطان من قيل وقال
كن بالحكيم ولا تكن بالأحمقِ نافق بُني مع الورى وتملق
وإذا جُررت إلى احتفال صفق وإذا رأيت الناس تنهق فانهق
• أحمد مطر‪

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن