اقتصادالأخبار البارزة

بين «المركزي» و«الاقتصاد» والتجار.. دراسة «مؤونة» يدفعها المستوردون … التجار يتهمون «الاقتصاد» برفع الأسعار بسبب «التريث» بالاستيراد في دمشق … معاون وزير الاقتصاد: نقف على مسافة واحدة من الجميع في منح الإجازات

يتناقل بعض التجار أحاديث عن لجوء وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية للتريث في منح موافقات الاستيراد، ما يعني تعطل الشحنات نحو 20 يوماً، تقتضي دفع غرامات تأخير تسدد بالدولار الأميركي، إلا إذا تم الوصول إلى بعض الوسطاء والمخلصين، ودفع المعلوم لتسير الأمور من دون تريث. الأمر الذي لم يتسنّ لـ«الوطن» التأكد من حقيقته بشكل ملموس، لذا استقصت آراء التجار والجهة المعنية بالوزارة.
وفي تصريح لـ«الوطن» كشف المستورد محمد حمزة الجبان أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أوقفت منح إجازات الاستيراد منذ أكثر من عشرين يوماً وإذا منحت الإجازة فهي تمنح على نطاق ضيق جداً وبشكل استثنائي يمكن أن يفتح أبواباً مواربة للحصول على موافقة بالاستيراد للسلع الغذائية أو تتم الموافقة لكميات قليلة وبسيطة جداً.
وحذر من نفاد المواد الغذائية إذا ظل الوضع على هذا الحال وسوف تكون أسعار المواد الغذائية الأساسية كاوية للمستهلك بسبب الندرة في طرحها في الأسواق المحلية.
وبيّن الجبان من جانب آخر أن الوضع الاقتصادي سوف يكون صعباً على المواطن من ناحية توفير وتأمين المواد الغذائية، كاشفاً عن غياب الكميات المطلوبة من تجار الجملة، محذراً من إمكانية بروز حالات احتكار لدى البعض من ضعاف النفوس، كل ذلك بسبب التريث في منح إجازات أو موافقات الاستيراد.
ولفت إلى أن وزارة الاقتصاد وبالتنسيق مع المصرف المركزي تعمل على تعديل أسلوب وآلية منح إجازة الاستيراد عبر فرض مؤونة، لإلزام المستورد بوضع قيمة كامل مستورداته سلفاً في البنك المركزي ليتم خصم قيمة البضاعة بعد وصولها إلى المرافئ السورية من دون سبب واضح للتجار حول ماهية هذا الإجراء.
مبيناً أن التاجر غير قادر على الالتزام بهذه الآلية وخاصة حين يكون في قائمته استيراد عشرة أصناف من المواد الغذائية الأمر الذي لم يكن مقدوراً عليه في أيام الرخاء فكيف في أيام الشدة.
وتوقع الجبان أن تكون الغاية من هذا الإجراء هو سحب أكبر كمية مكنة من السيولة النقدية من العملة المحلية لرفع قيمتها أمام الدولار.
من جانبه انتقد التاجر بشار النوري هذه الآلية، مبيناً أن أي تاجر أو مستورد سوف يضطر لدفع قيمة مستورداته مرتين حيث إن أي شركة في الخارج لن تقوم بشحن البضائع لأي تاجر قبل دفع ثمنها في وقتها والمركزي يفرض وضع قيمة هذه البضائع مسبقاً أيضاً ومن ثم يكون التاجر دفع قيمتها مرتين وعمليات تحويل الدولار وفتح الاعتمادات غير متوافرة للسوريين لكونها سوف تمر على البنك الأوروبي والأميركي، وتساءل لماذا تمنح إجازات الاستيراد في اللاذقية وطرطوس وحلب وتوقف في دمشق؟ ودعا إلى عدم تمويل المستوردين بالدولار إلا للمواد الغذائية الأساسية.
وبرأيه فإن الدليل التجريبي أثبت حسب تقرير المركزي أن انتقال التغيرات في الأسعار العالمية وتغيرات سعر صرف الليرة السورية إلى التضخم المحلي لا يزال مرتفعاً، وهذا يعني أن أي انخفاض في سعر صرف الليرة السورية سوف ينتج عنه ارتفاع مماثل في معدل التضخم، وهذا ما يفسر تركيز إستراتيجية السياسة النقدية في سورية على الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة السورية وأن إعادة ضبط وتنظيم عمليات الاستيراد وتمويلها للمواد والسلع حسب أولويتها وضرورتها للاقتصاد الوطني، مع تشديد الرقابة والمتابعة على تدفق السلع بما يضمن توجيه القطع الأجنبي المبيع نحو الاستيراد الذي يدعم العرض السلعي والحد من العمليات الوهمية التي تستهدف الاستفادة من القطع الأجنبي المبيع لأغراض التدخل في المضاربة على سعر الصرف الأجنبي اللازم، وإلزام جميع المصدرين بتنظيم تعهد بإعادة قطع التصدير للبضائع المراد تصديرها.
من جانبه بيّن معاون وزير الاقتصاد عبد السلام علي لـ«الوطن» أن موضوع تخصيص مؤونة للمستوردات قبل البدء الفعلي بالاستيراد ما زالت مجرد مشروع تتم مناقشته بين الوزارة ومصرف سورية المركزي، موضحاً أنه تتم أثناء الدراسة مراعاة جميع التفاصيل وتأثير هذا المشروع في استقرار سعر الصرف وانعكاسه على التاجر المواطن وعلى تخفيض ضغط الطلب على القطع الأجنبي.
وأوضح العلي أنه من المبكر وضع تعميم على هذا المشروع قبل الانتهاء من دراسته وخاصة أنه من الممكن إقراره أو إلغاؤه وذلك بناء على المعطيات والمعلومات المتوافرة بين يدي اللجنة المكلفة بدراسة المشروع، متعهداً بشرح جميع الملابسات والأسباب التي أدت للمؤونة على المشروع في حال إقراره من الجهات المعنية.
وتعليقاً على ما يتم تداوله في الوسط التجاري بأن الوزارة تتريث ببعض إجازات الاستيراد، من أجل الابتزاز، أكد العلي أن الوزارة مستمرة في سياستها المستندة على التوجه الحكومي بدعم الصناعة المحلية وتأمين المواد الأساسية التي تمس حياة المواطنين في منح المؤونات على إجازات الاستيراد، مشيراً أن الوزارة تمنح الموافقة على إجازات الاستيراد الخاصة بالمواد الأولية الداخلة في الصناعة بهدف تشجيع المنتج الوطني وبما يساهم في تشغيل المنشآت الصناعية الوطنية وتأمين فرص عمل، مع مراعاة أن مثل هذه الإجراءات من شأنها الوصول إلى قيمة مضافة من خلال الوصول إلى سلعة مصنعة قابلة للتصدير من شأنها أن تساهم بدخول القطع الأجنبي إلى الخزينة العامة. كما أنه يتم منح الموافقات على إجازات الاستيراد الخاصة بالمواد الاستهلاكية الأساسية، وبما يؤمن احتياجات السوق المحلية بشكل مستمر ومدروس من جميع السلع الأساسية وفق خطة مدروسة بعناية وفق توجهات الحكومة.
مؤكداً أن كل الطلبات الخاصة بالاستيراد تعرض على اللجنة الاقتصادية وتضم في عضويتها مديري الاقتصاد في دمشق وريف دمشق إضافة إلى مدير التجارة الخارجية في الوزارة وأمانة السر وتعرض بعد ذلك على معاون الوزير ليتم الوصول إلى قرارات ضمن أولويات ومبادرات تستند على التوجيهات الحكومية وفق آلية تضمن تأمين احتياجات المواطن، ومشدداً على أن الوزارة تقف على مسافة واحدة من جميع التجار وتتعاطى مع كل الطلبات المقدمة بحيادية وبموجب التوجه الحكومي متحدياً من يرغب في المراجعة للاطلاع على الجداول الخاصة بالموافقات والاستماع إلى شرح لآلية العمل التي يتم اتباعها في منح الموافقات على إجازات الاستيراد كما أبدى استعداده لاستقبال أي شكاوى أو اعتراض لدى شخص على أي إجراء أو قرار.
وطالب التجار باتخاذ موقف وطني بدعم الرؤية الحكومية التي تتخذها الحكومة في سبيل دعم صمود الاقتصاد الوطني وثبات استقرار سعر الصرف، داعياً إياهم إلى تخفيف أرباحهم بهدف تخفيف العبء عن المواطن ودعم صموده في ظل الظروف التي يمر بها القطر في مواجهة الحرب الكونية التي تشن عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن