قضايا وآراء

بعثرة الشمل الفلسطيني في الجزائر

| نعيم إبراهيم

لا شك أن إعلان الجزائر حول «لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية» سيكون مآله الفشل الذريع كما الجولات السابقة من حوارات المصالحة الفلسطينية ومحاولات إعادة المياه إلى مجاريها للأسباب المعهودة والمتمثلة بإقصاء فصائل وأطياف فلسطينية أخرى، وأيضاً عدم التقاء نهجين متناقضين الأول يريد المقاومة بكل أشكالها ضد العدو الصهيوني والآخر ترك ساحة النضال والانخراط في تسوية تحت مسمى «السلام» مع هذا العدو.

هذه هي حقيقة المشهد الفلسطيني، كانت منذ العام 1965 ولا تزال اليوم وستستمر، ما دامت الحال على ما عليه، والبنود والتوصيات والقرارات التي تمخض عنها لقاء الجزائر الجديد لا تختلف عن سابقاتها في الشكل والمضمون من حيث الصياغة وترتيب الأفكار والمصطلحات، وحتى ما دار في الكواليس عهدناه منذ عشرات السنين اللهم إلا ما تعلق بالإسلام السياسي الفلسطيني ومحاولات ضمه إلى «جب» منظمة التحرير الفلسطينية.

إذاً انفض الاجتماع وعاد كل أدراجه إلى موقعه وتنظيمه ليبدأ التداول والتقييم وكشف المستور وما جرى تحت الطاولة تحديداً، فهل سنسمع في القريب أن الجميع اختلفوا واتفقوا ثم اختلفوا لتبدأ الخروقات والاتهامات المتبادلة التي ستعود بالقضية إلى سيرتها الأولى وتطوى البنود والقرارات في أدراجهم بانتظار جولة جديدة من الحوار الفلسطيني – الفلسطيني في مكان ما ربما يكون ميدانها في المرة المقبلة في جزر القمر أو أبعد جغرافياً منها.

السؤال الذي يفرض نفسه في كل لقاء ومؤتمر فلسطيني هو ماذا يريد الجميع من الجميع؟

إذا أردنا أن نعرف ماذا جرى في الجزائر علينا أن نعرف ماذا جرى منذ العام1965 حيث انطلقت الرصاصة الأولى ضد العدو الصهيوني، وكيف اختلف الجميع على ملصق لأسماء وصور الشهداء ومن ستكون له الأولوية في تبني العمليات الفدائية، وصولاً إلى إعلان قيام الدولة الفلسطينية قبل أربعين عاماً من الرئيس الراحل ياسر عرفات في القاعة ذاتها التي شهدت إعلان الجزائر الجديد حول «لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية».

وما بين هذا وذاك، كل المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية وآخرها مرحلة العشرية السوداء المتمثلة في «الربيع العربي» واتساع دائرة الشتات الفلسطيني بعد تدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وهروب كثير من الفصائل من اتخاذ موقف واضح بذريعة الحيادية وأن المشكلة في سورية شأن داخلي، على حين شارك جزء مهم من الإسلام السياسي الفلسطيني في هذه المؤامرة ويريد اليوم العودة إلى دمشق من دون اعتذار صريح يقدم إلى القيادة والجيش والشعب في سورية، وإبداء الندم ومحاسبة من اتخذ قرار المشاركة في الجريمة لتعج بعد ذلك أوروبا وغيرها بجزء كبير من أبناء الشعب الفلسطيني من كل الشرائح والعقول والطاقات البشرية الفلسطينية.

للإشارة هنا فإن الاتفاق، تضمن تسع نقاط، كان أبرزها بعد شطب بند الحكومة المختلف عليها، إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس في مدة أقصاها عام من التوقيع.

ونص أيضاً على تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، وعلى اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام، وعلى تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية، على اعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناتها ولا بديل عنها. ولكم أن تقرؤوا ما بين السطور وكل بند لتصلوا إلى النتيجة ذاتها كما في كل لقاء أو جولة حوار بين القوى والفصائل الفلسطينية أي إلى الفشل الذريع والعودة إلى المربع الأول ومحاولات إنقاذ ما يمكن إنقاذه مع شيء من الابتسامات أمام الكاميرات والتصفيق الحار وتشابك الأيادي والذهاب إلى متابعة التكتيك على حساب الإستراتيجيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن