قضايا وآراء

مؤتمر الرياض مناورة إخفاق جديدة

| ميسون يوسف 

بعد أن تيقنت أميركا أنها لن تستطيع إسقاط سورية في الميدان، وازدادت مؤخراً يقيناً بذلك بعد أن بدأت تشاهد انهيارات متتالية في معسكر أتباعها وإرهابيها على كل الجبهات لجأت إلى مناورة جديدة لانتزاع ما تريد عبر طاولة التفاوض والعمل السياسي، لأجل ذلك أوعزت أو لنقل أصرّت في لقاء فيينا الأخير على أن تتولى السعودية تشكيل وفد موحد مما تسميه معارضة سورية ليكون بزعمها «الند» للحكومة السورية فيجالسها ويحاورها برعاية ودعم من قيادة العدوان الأميركي.
ولأجل هذا كان انعقاد ما سمي مؤتمر المعارضة في الرياض الذي تولت السعودية فيه شأن الاختيار والدعوة والرعاية وطبعاً الإنفاق وتقديم «المكرمات» للمرتزقة كل حسب الوزن والثمن الذي تحدده الجهة التي يتبعها.
واستعبد بطبيعة الحال عن مؤتمر الرياض من هم معارضة حقيقة حسب التوصيف الدستوري والقانوني ممن يناهضون الحكومة ويحاذرون الارتباط أو العمل بأوامر الخارج فضلاً عن رفضهم للعمل المسلح ضد الدولة ومواطنيها. استبعد هؤلاء لأن السعودية لا تتقبل في مؤتمرها من يحتفظ بقدر من الحس الوطني والعنفوان السيادي، مهما كان هذا القدر صغيراً أو كبيراً.
وهكذا وعبر الدعوة إلى مؤتمر الرياض حدث الفرز السريع بين حفنة العملاء الذين يرتزقون بالعمل السياسي أو الإرهابي، والمعارضة في الداخل السوري التي تمارس عملها السياسي باستقلالية وثقة بالذات.
ومع هذا الفرز كان التباين واضحاً بين جمع العملاء المنصاعين للإمرة السعودية ومجموعات المعارضة المتمسكين بوطنهم في دمشق. ونحن هنا لا نقول معارضة داخل ومعارضة خارج بل الحقيقة هي أن في سورية معارضة تقيم في الداخل وعملاء يتسكعون في الخارج ويتوسلون كل شيء غير مشروع من أجل الوصول إلى السلطة مهما كانت الطريق والوسيلة.
أما سورية التي شاهدت عن بعد مسرحية الرياض فإنها كانت قاطعة في مواقفها، لجهة عدم الاعتراف بكيان سياسي لأي جهة مسلحة وعدم محاورة الإرهاب مهما كانت تسميته ورعاته، موقف قد لا يفهمه من يحاول أن يفرض على الشعب السوري من يمثله دون علمه ومن يحاور باسمه من دون تكليف منه.
وهنا نذكّر أولئك أن مناوراتهم سابقاً عبر فرض ما سموه ائتلافاً وطنياً كممثل وحيد للشعب السوري فشلت وسقطت مع أصحابها وأن عملاء الرياض الذين حلوا محل الساقطين أولئك لن يكونوا أحسن حالاً ممن سبقهم في العمالة فسورية تعرف طريقها وتعرف كيف تواجه الإرهاب وتعرف كيف تمكّن شعبها من ممارسة قراره المستقل. ولذا فهي تعرف أن الحل الذي تسعى إليه لن يكون في متناول اليد إلا بعد هزيمة الإرهاب وإفهام العملاء أن الاتكال على الخارج لن يجديهم نفعاً ولن يوصلهم إلى سلطة ولتبقى دروس الديمقراطية والحرية وحقوق المرأة التي تعلموها في الرياض أثناء مؤتمرهم لتبقى لهم يمارسونها في بلاد تتقبلهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن