قضايا وآراء

أحلام حرّاس الإرهاب… إلى أين؟

| عبد السلام حجاب

رغم أن أجواء المنطقة تلفها رياح مشحونة بالتوتر بسبب أحلام حراس الإرهاب، من العثماني السفاح أردوغان وأركان حكومته إلى مراهقي السياسة الطائشين من حكام بني سعود ومشيخة قطر وما بينهما من أدوات بأجندات إرهابية اجتمعت في الرياض مؤخراً، إلا أن معطيات الحرب الساخنة التي يحاول هؤلاء الهرب باتجاهها، كل حسب أجنداته الداخلية والخارجية لا تشي باحتمالية وقوعها بسبب عدم وجود متحمس لها، أميركياً أو أوروبياً، من دون أن يمنع ذلك من استثمار أجوائها من الرئيس الأميركي أوباما وإدارته في أيام رئاسته الأخيرة لفترة قبل الشلل من عام 2016 بإفساح المجال أمام المثلث الداعم للإرهاب على سورية لمواصلة العبث السياسي والميداني من خلال عدة توجهات بينها:
1- تعويم بلطجة سياسية بوسائط عسكرية وأدوات إرهابية تهدف إلى تحقيق ما يمكن لمصالح أميركية براغماتية على ظهر الإرهاب وأحلام حراسه في مواجهة الجهد السياسي والميداني الروسي للحرب على الإرهاب على قاعدة القانون الدولي.
2- إيجاد عوائق إضافية مساعدة لأحلام حراس الإرهاب بالبحث للإرهابيين الذين جاؤوا من مئة دولة عبر الحدود التركية، عن مقعد لهم في مفاوضات تشكل نسفاً لمبادئ اجتماع فيينا، وهو ما حذر منه الوزير الروسي لافروف مطالباً بالعمل فوراً على إغلاق الحدود التركية مع سورية.
3- وضع صيغة فيينا التي قضت بتحديد لوائح بأسماء الجماعات الإرهابية أمام تحديات المماطلة واللعب على المصطلحات ما يشكل عائقاً حقيقياً لجهود المبعوث الدولي دي ميستورا، فإما أن يتحول إلى حصان طروادة أميركي أو أن يواصل مثلث الإرهاب في اجتماع فيينا بدورة انعقاده القادمة السعي لاغتيال سياسي لمهمته.
4- محاولة الضغط سياسياً بتصعيد الدعم اللوجستي والتسليحي للجماعات الإرهابية في سورية لتعويض خسائرهم ومواجهة التقدم الميداني الذي يحققه الجيش العربي السوري في حربه المعلنة على الإرهاب بدعم شرعي متصاعد من القوات الجوية الروسية والمستشارين الإيرانيين والمقاومة اللبنانية.
5- مواصلة ابتزاز روسيا في خاصرتها الأوكرانية على حساب دول أوروبا القديمة التي بدأت تعيد النظر في حساباتها، وكذلك عبر اللجوء إلى فتح أبواب «ناتو» لدول حديثة النشوء لن تكون إلا قواعد أميركية متقدمة في القارة الأوروبية.
لعله من المؤكد أن هذه التوجهات الأميركية وما خفي في سياق إستراتيجيتها الفاشية التي تضع الكيان الإسرائيلي وأطماعه العدوانية في مقدمة أولوياتها لم تعد مخفية على أحد، ولا سيما الحلف الحقيقي لمحاربة الإرهاب الذي يضم روسيا وإيران والعراق والمقاومة اللبنانية وقاعدته الأساس سورية، ما يعني أن نقاط الالتقاء أو نقاط الافتراق ستشكل عناوين المرحلة السياسية القادمة التي يفترض البناء عليها أثناء لقاء الرئيس الروسي بوتين والوزير لافروف الوزير الأميركي كيري غداً في زيارة إلى موسكو، وهي الزيارة التي سبقتها دراسات روسية فاحصة وشروط أعلن عنها الوزير لافروف لأي اجتماع قادم لوزراء خارجية الدول التي شاركت في وضع صيغة فيينا للحل السياسي للأزمة في سورية، حيث محاربة الإرهاب مقدمة لأي حل سياسي يريده السوريون، ويقررون بأنفسهم عبر الحوار فيما بينهم مستقبل بلادهم بعيداً عن أي تدخل خارجي أو أجندات سياسية مفروضة يمكن أن تغطي الإرهابيين أو أن تحقق أحلام حراس الإرهاب في سورية والمنطقة.
ولقد أكد الرئيس بشار الأسد أن الخطوة الأولى للقضاء على التنظيمات الإرهابية في سورية تكمن في وقف تدفق الإرهابيين وخصوصاً من تركيا إلى سورية والعراق، ووقف الأموال السعودية وغيرها من الأموال الوهابية، ومنع دخول الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم اللوجستي لتلك التنظيمات، مبيناً في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية بأن السعودية وتركيا وقطر هي الأطراف الرئيسية المتواطئة في ارتكاب بشاعات داعش الإرهابي.
وهو ما شدد عليه الرئيس بوتين في اجتماع موسع لوزارة الدفاع الروسية، بقوله: «إن هناك عدداً كبيراً من الإرهابيين المتحدرين من روسيا يقاتلون في سورية». ولفتت الكاتبة الأميركية «شارون بريمولي»: «كم هو شائن، أن الرئيس أوباما يصر على «إسقاط» الدولة السورية بينما لم ينتقد لمرة واحدة سجل حقوق الإنسان الرديء في السعودية فضلاً عن صلاتها بالإرهاب وتمويله».
وبعيداً عن التكهنات فإن تساؤلاً بشقين بات مطروحاً حالياً:
أ- هل يسعى العثماني أردوغان بإعلانه عدم سحب قواته من الأراضي العراقية لتحويل تركيا إلى منصة عدوانية رديفة للكيان الإسرائيلي في المنطقة، ونقلها نهائياً من صفر مشاكل مع الجيران إلى صفر أصدقاء في إجراء تستدعيه شروط إسرائيلية على أوباما لتطويق مفاعيل الاتفاق النووي مع إيران ولإبقاء أحلام حراس الإرهاب قائمة، ما يعني أن يسأل المواطن التركي عن جدوى شواطئه السياحية إذا بقيت مهجورة.
ب- هل التعويل الأميركي على دور وظيفي لحكام بني سعود ومشايخ قطر يمكنه تزوير الحقائق بمعايير مزدوجة لتسييس الإرهاب والإرهابيين سواء عقدوا اجتماعات لهم في الرياض أو في باريس تحت أي مسمى ما دامت أنها مرفوضة من السوريين مثلما ترفضها موسكو وطهران بسبب أهدافها المفضوحة!؟
لا شك أن إنجاح مهمة مكافحة الإرهاب يتطلب من الجميع التخلي عن المعايير المزدوجة والانخراط في جبهة موحدة لمحاربته على قواعد القانون الدولي، والتعاون مع القيادة العسكرية والسياسية في دمشق. وقد أعلن الوزير لافروف أمام مؤتمر حوار المتوسط: «أنه لم يعد جائزاً أن نغمض عيوننا عندما تعمل أطراف كأعوان لتنظيم «داعش» الإرهابي، وتفتح الممرات لتهريب الأسلحة وتوريد النفط المسروق بطرق غير شرعية، محذراً من الوقوع في الخطأ عندما تحاول استخدام الإرهابيين لتحقيق أهداف سياسية»!؟
لقد كان الرئيس بشار الأسد واضحاً في المقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية بقوله: «نحن مستعدون للحوار مع المعارضة الوطنية الحقيقية التي تمتلك قواعد شعبية في سورية وترتبط بالشعب السوري وليس بأي دولة أخرى».
وليس جديداً فإن السوريين جيشاً وشعباً أعلنوا منذ البداية خيارهم الوطني في محاربة الإرهاب حتى القضاء عليه بدعم الحلفاء والأصدقاء، ويحققون إنجازات ميدانية وسياسية لم يعد إنكارها أو تجاهلها مجدياً، حتى بات النصر قريباً مهما كانت رهانات أحلام حراس الإرهاب ومخططات أسيادهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن