قضايا وآراء

إنه تكتيك وليس إستراتيجية أميركية جديدة

| أحمد ضيف الله

كُلف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مرشح الإطار التنسيقي بتشكيل حكومته في الـ13 من تشرين الأول الماضي وفي الـ27 من الشهر ذاته، مَنح المجلس النيابي الثقة لتشكيلة السوداني الوزارية ومنهاجها الحكومي.

الولايات المتحدة الأميركية سارعت إلى الترحيب بتكليف السوداني منذ الساعات الأولى لترشيحه ففي الـ14 من تشرين الأول، فقد رحب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان صُحفي بالتكليف، ناقلاً تأكيد الولايات المتحدة «التزامها بالشراكة مع شعب وحكومة العراق للنهوض بأولوياتنا المشتركة العديدة»، كذلك رحبت السفيرة الأميركية في العراق إلينا رومانوسكي في تغريدة لها في اليوم ذاته «بتعهد السوداني بمكافحة الفساد، والدفاع عن السيادة العراقية والأمن، وتشكيل حكومة مكرسة لخدمة شعب العراق».

رومانوسكي التقت السوداني في الـ17 من تشرين الأول قبل منح المجلس النيابي الثقة لحكومته، مؤكدة «دعم الحكومة الأميركية لعراقٍ فيدرالي وسيادي آمن ومستقر ومزدهر وموحد»، وبأن «العراق يمثل مكوناً أساسياً واستراتيجياً في المنطقة»، بحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء المكلّف.

في الـ25 من تشرين الأول، وقبل يومين من منح الثقة لحكومة السوداني، التقت رومانوسكي، وقائد قوات التحالف الدولي الجنرال ماثيو مكفارلن والوفد المرافق له رئيس الوزراء المكلف الذي أكد أن «الحفاظ على الأمن هو الدعامة الأساسية لأي إصلاح اقتصادي»، معرباً عن «رغبة الحكومة المقبلة في تعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة إضافة إلى التعاون الأمني، لتشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والعلمية وغيرها»، بحسب بيان مكتب السوداني.

رومانوسكي أعربت في لقاء مع السوداني في الـ20 من تشرين الثاني، عن «تطلع الإدارة الأميركية إلى المزيد من التبادل والتنسيق الوثيق بين البلدين».

آخر لقاء للسفيرة رومانسكي مع السوداني، كان برفقة وفد للكونغرس الأميركي برئاسة رئيس لجنة شؤون المحاربين القدامى في الكونغرس السيناتور مارك تاكان في الـ25 من تشرين الثاني، حيث جرى «البحث في تعزيز العلاقات والشراكة وفق اتفاقية الإطار الإستراتيجي في مختلف المجالات»، بينما أشار رئيس مجلس الوزراء خلال اللقاء إلى «أهمية العلاقة مع الولايات المتحدة، وسعي العراق إلى تأكيد علاقة متوازنة مع محيطه الإقليمي والدولي، بما يحفظ السيادة الوطنية للعراق، ويدعم استقرار المنطقة وأمنها»، وفق بيان مكتبه الإعلامي.

الولايات المتحدة سارعت إلى مدّ جسور التواصل مع السوادني وحكومته منذ الساعات الأولى لإعلان ترشيحه وحتّى تكليفه، ومن ثمَّ تشكيل حكومته، لتكون السفيرة الأميركية في بغداد أول من قدّم التهاني إلى السوداني عند تكليفه رسمياً وبعد نيله ثقة المجلس النيابي، ولتلتقيه نحو 4 مرات خلال فترة لا تزيد على شهر ونصف الشهر.

إن تعاطي السفارة الأميركية في بغداد مع رئيس الوزراء العراقي، لا يمكن وصفه بأنه توجّه استراتيجي جديد للولايات المتحدة الأميركية في التعامل مع الوقائع السياسية العراقية، وخاصة في ظل مشاركة قوى سياسية عراقية في الحكومة تراها واشنطن أنها مرتبطة بعلاقات وثيقة مع إيران، بل إن واشنطن تبدل في طريقة التعامل مع من تعتبرهم أذرعاً للنفوذ السياسي الإيراني بالمنطقة، سواء أكان بطريقة مباشرة، كما حصل في العراق، أم غير مباشرة كما حدث في موضوع الحقول النفطية البحرية مع إسرائيل في لبنان.

محمد شياع السوداني وفي مجمل أحاديثه عن العلاقات مع الولايات المتحدة، دعا الإدارة الأميركية إلى أنه يجب أن يكون التعامل مع العراق بعيداً عن التفكير النمطي الذي يريد من العراق أن يكون في خطّ المواجهة الأميركية ضد إيران، وإلى الخروج من فكرة أن حكومة عراقية مقربة أو مدعومة من أميركا يمكن أن تقوم بذلك، داعياً إلى المساعدة في تحقيق الاستقرار في العراق ودعم اقتصاده لمصلحة البلدين معاً، بعيداً عن أجواء لغة التصعيد والمواجهة مع إيران والقوى الحليفة لها.

إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي باتت تبدي اهتماماً واضحاً باستقرار العراق، تتركز أولوياتها الدولية الآن بأوكرانيا وروسيا والصين، وفي مواجهة اضطرابات أسواق النفط العالمية نتيجة الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا، والعمل على تخفيف مفاعيل التوجهات السعودية في تخفيض الإنتاج في «أوبك بلس».

الولايات المتحدة ليس أمامها سوى التعاون مع الحكومة العراقية على نحو أوسع من خلال تحديد المصالح المشتركة، وتسهيل فرص التعاون بدلاً من تقييده.

وما يجري تكتيك أميركي وليس إستراتيجية جديدة، إذ من المستحيل أن تتحول الوحوش الشرهة، الراعية الأولى للمصالح الصهيونية في المنطقة إلى حملان وديعة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن