قضايا وآراء

سقوط الأوهام

| صياح عزام 

في الآونة الأخيرة تساقط وهم كبير يتصل بفريق المعجبين إلى حد الاندهاش بأداء السلطان العثماني رجب طيب أردوغان وخاصة ما يتعلق بموقفه المزعوم والكاذب الذي كان يصفه بالإنساني والديني والأخوي من قضية اللاجئين السوريين، بعد أن قبلت أنقرة عرضهم في سوق النخاسة الدولي، ووقعت مع قادة الاتحاد الأوروبي على صفقة «بيعهم» بقيمة ثلاثة مليارات يورو، إلى جانب بعض التسهيلات المتصلة بالمفاوضات الجارية حول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، كما أن هناك عروضاً أوروبية أخرى تنهال على أنقرة للقبول باستعادة من غادر موانئها من اللاجئين صوب أوروبا، مقامراً بحياته وحياة عائلته، لقاء تسهيلات تُمنح للمواطنين الأتراك بدخول أوروبا والعمل هناك، وربما تأمين الإقامة فيها.
حكومة أردوغان زعمت سابقاً أنها لن تغلق حدودها في وجه اللاجئين، وأنها لن تقبل بمساعدات غربية من أجل استضافتهم، وأنها لن تساوم على حقوقهم في حرية الحركة والتنقل، وأن موقفها من قضية اللاجئين السوريين (خالص لوجه اللـه تعالى)… ولكن ما حصل على أرض الواقع وخاصة في الآونة الأخيرة، هو أن أردوغان لعب مع أوروبا لعبة «ابتزاز بامتياز»، وأن لعبته قد أعطت ثمارها، ولا سيما بعد أن أغرق أوروبا بطوفان المهجرين الذي حركته أنقرة من موانئها على البحر الأبيض المتوسط…
مؤخراً ذهب رئيس الوزراء التركي «أحمد داوود أوغلو» إلى «بروكسل» لتحصيل الثمن والجائزة الكبرى، ووعد بأنه ستغلق الحدود في وجه اللاجئين المغادرين، وستغلق الموانئ التي انطلقت منها قوافل الموت إلى الشواطئ اليونانية، حيث ستحظى تركيا بفرصة استئناف المفاوضات على طريق اكتسابها العضوية في المجموعة الأوروبية.
لهذه الغايات الرخيصة، لم يجد «أحمد داود أوغلو» صاحب نظرية «العمق الاستراتيجي» غضاضة في التنصل من هذه النظرية، عبر تأكيد «أوروبية» تركيا، ضارباً عرض الحائط بكل تنظيراته السابقة حول «شرق أوسطية تركيا» و«إسلاميتها» و«محيطها العربي الإسلامي» و«صفر مشاكل مع الجيران»… إلخ.
المهم لدى أردوغان وزمرته استكمال الصفقة مع الاتحاد الأوروبي بكل شروطها ومتطلباتها، واستكمال قبض الثمن.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أن أردوغان لجأ إلى هذه الصفقة مع أوروبا بعد أن فشل مخططه الذي كان يهدف إلى إقامة ما سماه «منطقة آمنة» أو «منطقة عازلة» في شمال سورية، بحجة أن تستوعب هذه المنطقة اللاجئين السوريين إلى تركيا وغيرها، وهذه الحجة أو الذريعة يكمن وراءها هدف تركي وهو فرض سيطرة تركيا على الشمال السوري تمهيداً لاقتطاعه وضمه إلى تركيا، وكأن سرقة النفط السوري ومعامل حلب الشهيرة لم تكفه. وفي الآونة الأخيرة تكشفت فضائح تجارة أبنائه وأسرته بالنفط السوري والعراقي المسروق بالتنسيق مع داعش كما أوضحت ذلك مصادر روسية موثوقة، وثقت كل ذلك بالصور. ومن ثم، هذا ما جعل أردوغان يوعز بإسقاط الطائرة الروسية في الأراضي السورية لأن الطائرات الروسية قصفت عدة مرات أرتال الصهاريج المسروقة من النفط السوري المتوجهة إلى تركيا، هذا هو الدافع لإسقاط الطائرة وليست سيادة تركيا وحرمة أجوائها كما زعم.
هذا هو «أردوغان» الكاذب والمرابي و(لص النفط) الذي يتحالف معه بعض الحكام العرب المعروفين، ويرفعونه إلى مرتبة السلطان و(خامس الخلفاء الراشدين)، متجاهلين طموحاته في إعادة أمجاد أجداده العثمانيين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن