من دفتر الوطن

شاطر!!

| عصام داري

كنت أسمع أغنية قديمة للمطربة ليلى مراد عندما اقتربت مني قريبتي الشابة التي لم تتجاوز العشرين من عمرها وسألتني:ماذا تسمع؟ وما الأغنية ومن يغنيها؟

بداية استغربت الأمر، لكنني عندما تمعنت في الأسئلة تبخر استغرابي وتبددت دهشتي، ذلك أن هذا الجيل مقطوع بالكامل عن جيلنا الذي يطيب لنا تسميته بـ«الزمن الجميل».

أجوبتي كانت مقتضبة لكنها واضحة ومباشرة وتعمدت ألا أكون مملاً في الإطالة، ولا غامضاً في الاختصار، فقلت:المطربة ليلى مراد والأغنية أنا قلبي دليلي قال لي هـ تحبي.

فقالت: ها ها.. يعني هذه المطربة هي ليلى مراد التي نسمع عنها. فسألتها: ألا تعرفين ليلى مراد، ولم تسمعي أغانيها؟ فأجابت بالنفي طبعاً!

سألتها:ألا تعرفين شيئاً عن الأغاني القديمة؟ فأجابت:لست مضطرة وما الفائدة من العودة إلى زمن مضى وانقضى، فقلت:لكن عليك معرفة بعض الأغاني فقط للعلم بالشيء.

قالت: في الحقيقة لا أعرف، فأنا أعيش في زماني وعليك أنت القادم من زمانك أن تتأقلم مع زماني لا أن تدعوني بالعودة إلى زمانك، ودعني أسألك:هل تعرف بعض أغاني زماني؟.

ضحكت وقلت ساخراً: طبعاً أعرف مثلاً.. بسبوس عاشق بسة وبيدلعها بسبوسة، فقالت: شاطر.

من الطبيعي أن أعرف بعض الأغاني التي انتشرت انتشار النار في الهشيم ثم انطفأت بالسرعة نفسها التي انتشرت فيها، لكن من غير الطبيعي ألا يعرف جيل الشباب مطربي وفناني الزمن الجميل، إلا أن هذا هو الواقع، وأظن أن جيلنا كان أكثر حباً للطرب والموسيقا والثقافة والأدب من الجيل الحالي الذي يعيش في عصر السرعة والأغاني التي لا طعم لها ولا رائحة ولا لون.

حتى كلمة شاطر التي أثنت الصبية عليّ بها هي عنوان لأغنية تؤديها مغنية لبنانية، لكن هذه الكلمة تنطبق عليّ شخصياً ولكم الحكم في ذلك.

لقد أردت الهروب من الكتابة عن واقعنا المعيشي الكارثي فقررت أن أكتب عن أي شيء حتى لو كتبت عن أغاني بسبوس عاشق بسة، أو قوم أقف وأنت بتكلمني، أو زحمة يا دنيا زحمة وغيرها من الأغاني التافهة والهابطة والفارغة.

ولعلمكم قد تسامحونني إذا رأيتم أن زاوية مفككة وغير مترابطة وفيها خروج عن النص وعلى المألوف وكلام (شروي غروي) كما يقولون في لهجتنا العامية، فأنتم ستعذرونني إذا عرفتم أن هذه الزاوية كتبت على مدى يومين وليس على مزاجي بل على مزاج التيار الكهربائي المحترم!.

هربت بالكلام أعلاه من الكتابة عن رسالة المازوت التي لم تأت بعد مع أننا نعيش في عز «مربعانية» الشتاء والبرد يقص المسمار.

هربت من التعليق على تصريحات الكثير من المسؤولين عن واقعنا وهي تصريحات للاستهلاك وغير واقعية، ولا منطقية!.

هربت أيها السادة من مشكلة رسائل الرز والسكر التي غابت عن يوميات المواطن لعدة أشهر مع أن هاتين المادتين متوافرتان في الأسواق وعند تجار الجملة والمفرق وبأسعار تلهب جيوب المواطنين.

أنا شاطر في الهروب وخاصة عندما يدور الحديث عن أزمة البنزين وتأخر رسائل تكامل لنحو شهر ما اضطر الحكومة إلى تعطيل الدوائر الحكومية لأكثر من أسبوع.

لكنني اكتشفت أن تأخر رسائل البنزين كان يهدف إلى تخفيف عدد الحوادث المرورية، وقد سجلت في الفترة الماضية بشكل كبير والحمد لله والشكر لحكومتنا الواعية.

ما رأيكم؟ هل ينطبق علي لقب»شاطر»وهل نجحت في الهروب من المشاكل اليومية أبعدها اللـه عنا وعنكم؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن