اقتصاد

أيام قاسية

| هني الحمدان

نعيش أياماً صعبة، نعبر وسيلٌ من الأزمات عالق فينا يكاد أن يحطّمنا ويردينا أرضاً! ربما هي أيام من أصعب الأيام التي عشناها جميعاً ما تركته لنا من ندوب يجعلنا نشعر بتوتر وقلق إزاء كل ما يجري!

قصصنا تبدأ بكيفية تأمين لقمة العيش، كيف نصل إلى العمل؟ كيف نوفر احتياجات الأطفال والأسر؟ كيف نسدد الديون التي غرق الجميع بقنواتها! وكيف وكيف؟ عديدة في ظل واقع معيشي مقلق! لا أحد يعرف إلى متى وإلى أين ستتحول الأمور، كل سوري اليوم يتأمّل صعوبة هذه الأيام وقسوتها.

كل معطيات الوضع الراهن تدلّل على أن أزمات الضغط والتضخم وفقر الحال ستبقى قائمة وستشهد جدلاً كبيراً بين الحين والآخر، وربما بوتائر أعلى من سابقاتها بكثير نتيجة الأوضاع السائدة، فالفقر وضنك المعيشة اللذان تدور رحاهما في عيون وجيوب أغلبية البشر يشيران إلى أننا بواقع بائس، ولا أحد يملك الجواب الشافي إلى متى؟!

اليوم تتطاير الاتهامات ما بين أعضاء السلطة التشريعية تجاه الحكومة التي طالتها سهام النقد والتقصير بتدخلاتها الخجولة حيال أزمة العيش الخانقة، ولكن ما هو معروف ومحسوم أن هذا المشهد الذي يتكرر بين فترة وأخرى، من حالة انتقادات أصبحت تأخذ منحى تصاعدياً بالشدة من جانب أعضاء في مجلس الشعب، سرعان ما تنتهي بما ترغب الحكومة ومن دون مشكلات تسرد بيانها وتغادر، أمر تكرر، أمر عزّز فقدان ثقة المواطن بالخطاب الحكومي المعتاد.

هكذا مطالبات واتهامات ليست بذاك الحوار الذي يجدي نفعاً على القضايا الاقتصادية تحديداً، وسيبقى المشهد أقرب ما يصطلح عليه تقاذف مسؤوليات وتسجيل ربما مواقف، تتم تلاوة البيانات ويتكلّم من يتكلّم وباب النقد مفتوح، حتى أصبحت صفحات التواصل الاجتماعي تنضح بكل شيء، وهنا ماذا كانت الفائدة؟ فالمواطن هو من سيجد دائماً نفسه بلا سند يدافع عن مصالحه وحقوقه المعيشية، عوضاً عن أن تنشئ الجهات المعنية والمشرفة مع الحكومة حواراً عميقاً موضوعياً، حواراً عقلانياً ومنظماً يخدم المصلحة العامة ينتهي إلى تفاهمات علمية تجيب على كل أسئلة المواطن وترفع درجة المسؤولية للمعنيين في المسألة الاقتصادية تحديداً.

اليوم الكل معني ومطالب بالتدخل في تفعيل منهجية عمل ومراقبة الأداء الحكومي، والارتقاء بالمطالبة والنقاش ليكون ذلك وسيلة فاعلة لتحصين المواطن من أي تغوّل على أمنه المعيشي، نحتاج لوقفة تفكير عميقة ومراجعة لكل شيء وإعادة إنتاج كثير من العناوين، صحيح هناك مصاعب والكل يمر بها، وهناك كلف، بل المشهد يلزمه إدارة صحيحة لأن الحسابات هذه المرة تؤثر في مخاطر من نوع ثانٍ.

ويبقى القول: ما لم تتحسن دخول الناس ويحدث هناك ازدهار اقتصادي وينتعش القطاع الخاص فإن الأزمات ستبقى متواصلة، وخصوصاً مع زيادة نفقات الحياة ومتطلبات البشر الاستهلاكية، فالأزمة تتضاعف يومياً!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن