قضايا وآراء

جيل المقاومة الجديد يتصدى لـ«الشاباك»

| تحسين الحلبي

بذل الكيان الإسرائيلي منذ نشوئه عام 1948 كل جهوده العسكرية والسياسية والإعلامية مستخدماً كل أشكال الإرهاب والقمع والمذابح لإنهاء الصراع العربي – الصهيوني وبقي عاجزاً عن تحقيق هذا الهدف طوال 75 عاماً بل لم يستطع كسر إرادة مليونين من الفلسطينيين الموجودين داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948 ولا إرادة خمسة ملايين فلسطيني يقيمون في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ولا إرادة سبعة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين في خارج فلسطين، فالجميع يتمسكون بحقهم باستعادة وطنهم ولم تنفعه كل ما يسميه تسويات ومفاوضات تجري بينه وبين السلطة الفلسطينية أو بعض الدول العربية.

أمام هذه الحقيقة ما الذي لم يقم جيش الاحتلال بتجربته من كل أشكال الإرهاب والحصار والقمع ضد الشعب الفلسطيني، فالمقاومة لم تتوقف والشعب يرد على كل إجراء تصعيدي ويحبط أهداف الكيان الإسرائيلي.

يعترف أفنير بارنياع في 24 تشرين أول الماضي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وهو الذي كان أحد كبار ضباط جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشاباك» وأصبح بروفيسوراً في مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة حيفا داخل الكيان الإسرائيلي، بأن «المسؤولين في هذا الجهاز يخشون من الاعتراف بمحدودية ما يمكن أن يفعلوه ضد المجموعات المسلحة وأفرادها مثل «عرين الأسود» بل ويعتقد هؤلاء المسؤولون أنهم حتى لو حققوا نجاحاً ضد هذه المجموعات فإن هذا لن يمنع ظهور مجموعات أخرى جديدة ولذلك يبدو عليهم الاضطراب في قراراتهم»، ويضيف بارنياع: «من الواضح أن هناك مقاومة شعبية واحتضان شعبي لهذه المجموعات».

وإذا كانت سجلات الإحصاء الفلسطيني والأجنبي تؤكد أن أكثر من مليون من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 قد تعرضوا للاعتقال ولقضاء سنوات كثيرة في السجون الإسرائيلية خلال خمسين عاماً مضت على وجود الاحتلال فإن إحصاءات إسرائيلية أشارت إلى أن نسبة كبيرة منهم عادت إلى التمسك بأشكال مقاومتها نفسها بل وإلى تنفيذ عمليات مسلحة وتنظيم مجموعات لمقاومة الاحتلال.

ومع جود سبعة ملايين من الفلسطينيين في قلب مساحة فلسطين بحدودها المرسومة من الانتداب البريطاني ووجود عدة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الشرقية سواء ممن نزح بعد عدوان حزيران أم منذ عام 1948 إلى أراضي المملكة الأردنية، يجد الإسرائيليون أنفسهم، بموجب ما يقول عدد من قادة الاستيطان «محاصرين من الفلسطينيين من كل جانب استوطنوا فيه»، ففي قلب عكا يوجد 32 بالمئة من الفلسطينيين و24 بالمئة في حيفا وفي معظم الجليل في شمال فلسطين إلى النقب إلى منطقة المثلث واللد والرملة ويافا وصولاً إلى الضفة الغربية وسط فلسطين، وفي القدس وجنوباً في قطاع غزة المحرر، ومثل هذه النتيجة لم يكن يتوقعها المستوطنون بعد 75 عاماً على وجود كيانهم في فلسطين، ويرون أن وضعهم عام 1967 قبل احتلالهم للضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء كان أفضل بموجب ما يشعرون به الآن، ففي ذلك الوقت قبل حزيران عام 1967 كان الفلسطينيون داخل الكيان يشكلون خمس عدد اليهود والآن تحول هذا الخمس إلى مليونين ومعهم خمسة ملايين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة أي سبعة ملايين على كل أراضي فلسطين مقابل أقل من سبعة ملايين إسرائيلي، وفي قطاع غزة يشكل المليونان من الفلسطينيين فوق أرضهم المحررة جبهة حرب جنوبية مسلحة ضد جيش الاحتلال برغم حصار القطاع المستمر من 15 عاماً، وأمام هذا الواقع أصبح الزمن برغم حروب الاحتلال منذ عام 1967 في مصلحة الفلسطينيين وتصاعد مقاومتهم واتساع رقعتها، لتشمل معظم أراضي فلسطين من الداخل ومن جبهة المقاومة اللبنانية من جنوب لبنان ومن حدود سورية على جبهة الجولان، ولذلك ازدادت هجرة المستوطنين العكسية خلال العقود الثلاثة الماضية وما تزال مستمرة ويزيد من مضاعفاتها على الكيان الإسرائيلي حالة التوقف المستمر لهجرة اليهود إلى الكيان، فكل سنة تمر على هذا الوضع يزداد شعور المستوطنين بعدم جدوى هذا المشروع الصهيوني الذي بات محاصراً من داخله ومن حوله، بمقاومين يرفضون وجوده ويتابعون التصدي لهذا الكيان طوال 75 عاماً دون أن يتمكن من تحقيق أمنه واستقراره وفرض وجوده على الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وهذا ما جعل العديد من مراكز الأبحاث السياسية الصادرة بالعبرية واللغات الأخرى تتناول في العقدين الماضيين مواضيع وعناوين تشكك باستمرار وجود هذا الكيان بعد اصطدامه بإرادة تصر على استعادة الحقوق الفلسطينية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن