قضايا وآراء

دول متحالفة مع إسرائيل في التحالف الإسلامي «ضد الإرهاب»

| تحسين الحلبي

لم يعهد التاريخ العربي والإسلامي الحديث تحالفاً يتحدد فيه العدو المركزي لهذه الأمة مثل تحالف حرب تشرين عام 1973 الذي قادته دمشق والقاهرة بكل قدراتهما العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي الذي اغتصب فلسطين واحتل إبان حرب 1967 سيناء والجولان والضفة الغربية، فقد دعت دمشق والقاهرة كل الدول العربية لمشاركتها في تحرير الأراضي العربية المغتصبة، فضمت جبهة الحرب على إسرائيل ثماني دول عربية تحرك قادتها لتقديم المشاركة العسكرية في هذه الحرب التاريخية.
وعلى عكس هذا الحدث التاريخي العظيم وأهدافه الواضحة والإجماع العربي والإسلامي عليه بدأت إدارة أوباما قبل أسبوع توظف الرياض لمهمة إنشاء تحالف (إسلامي) باسم محاربة الإرهاب لكي يصبح هذا الحلف تحت إمرة وتصرف واشنطن وتل أبيب ضد الأمتين العربية والإسلامية هذه المرة.. ولعل نظرة سريعة إلى عدد الدول المشاركة فيه وطبيعة كل دولة منها يوضح أن هذا (البالون) لا يحمل أي مصلحة لأي دولة تشارك فيه بل لا يحمل أدنى مصلحة للرياض نفسها لأنه لا يحقق سوى المصالح الأميركية في المنطقة على حساب مصالحها وأموال نفطها المسخرة لخدمة الأهداف الأميركية.. بل إن هذا الحلف يراد له خوض حروب واشنطن السياسية والعسكرية ضد كل عربي ومسلم يناهض سياسة الهيمنة الأميركية والصهيونية وقد وجد مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في هذا الحلف أهم إطار عربي إسلامي سيوفر لإسرائيل تحقيق كل أهدافها إذا ما استمر وجوده وعمله بقيادة الرياض؟!
ففي هذا التحالف تجد إسرائيل لنفسها عدداً من الحلفاء الذين يرتبطون معها بعلاقات على مستوى الجيش والمخابرات والمساعدات والاستشارات العسكرية والأمنية مثل دولة ساحل العاج، وسيراليون والسنغال وجزر المالديف ونيجيريا والغابون وغيرها من الدول الإسلامية الإفريقية. وقد نسلط ضوءاً واضحاً حين نستعرض علاقة (ساحل العاج) العسكرية والمخابراتية مع إسرائيل وخصوصاً مع إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل ورئيس حكومة ورئيس مخابرات سابق.. فحين استقال (باراك) من وزارة الدفاع (2013) أنشأ ثلاث شركات عسكرية وأمنية لإعداد الخبرات العسكرية والمخابراتية واستدعاه بموجب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية رئيس ساحل العاج (أوتارا) لتأسيس أجهزة مخابرات تضمن بقاءه في الحكم ولتدريب جيش لساحل العاج بمقابل 50 مليون دولار لشركات باراك شريطة أن يستمر خبراؤه بالعمل مستشارين لأجهزة مخابرات ساحل العاج وجيشها.
وتكشف الأبحاث التي نشرت في هآريتس ملحق (ميركر) الاقتصادي أن وزارة الدفاع الإسرائيلية والموساد (جهاز التجسس والعمليات الخاصة) منحت عدداً من (إجازات العمل) و(الرخص) لشركات إسرائيلية- دولية أمنية أنشأها عدد من قادة الجيش والمخابرات المتقاعدون بدءاً من باراك إلى دان مالوتس رئيس أركان وقائد سلاح جو سابق وإلى مائير داغان رئيس الموساد السابق لخدمة دول إفريقية وغير إفريقية مسلمة وغير مسلمة.. وهذه الشركات تعمل في (غابون) وسيراليون والسنغال وساحل العاج ونيجيريا والمالديف وتشاد، وهذا يعني أن كل نشاط سياسي وعسكري لمعظم الدول الإسلامية غير العربية في أي تحالف ستتوافر عنه معلومات لإسرائيل وشركاتها الخاصة الأمنية والعسكرية؟!.. ولعل أبرز ما يثبت الدور الأميركي في صناعة هذا التحالف بقيادة الرياض هو أن جميع هذه الدول العربية المشاركة هي أيضاً عضو مشارك في تحالف السعودية ضد اليمن ومعظمها عضو مشارك فيما يسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن.
ويتساءل معهد بروكينغز الأميركي للأبحاث هل (بدأ العاهل السعودي يتحول حقاً للعمل ضد إرهاب داعش والقاعدة؟!).
ولا شك أن سجل محاربة واشنطن لمجموعات منظمة القاعدة في اليمن يكشف أن أوباما وحلفاءه لا مصلحة لهم بتصفية هذا الإرهاب فمنذ عام 2002 تقوم واشنطن بشن غارات من طائرات بلا طيار على مواقع القاعدة وغيرها في اليمن بدعم من الحكومة اليمنية، وها نحن في عام 2015 نجد أن (القاعدة) أنتجت (داعش) في اليمن وبدأت مجموعاتها توسع سيطرتها لتصل بعد الحرب السعودية على اليمن إلى حضرموت وضواحي عدن؟! وهل سيمنع هذا التحالف الإسلامي إسرائيل عن استمرار تقديم دعمها لمجموعات داعش والنصرة واستقبالهم في مستشفياتها وتدريبهم؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن