رياضة

بائعو الوهم

بسام جميدة

قد نجد التبرير الكافي لضاربي «المندل» ومن يعملون في قراءة الحظ والأبراج وهم يبيعون الوهم لمن يأتون إليهم طائعين ويدفعون لهم كي يقرؤوا لهم المستقبل، فهذا هو عملهم الذي يقتاتون منه، وبالتالي هم يتقنون صناعة الكلام المعسول والتفنن في إلقائه ربما من أجل بث السعادة في نفس المتلقي ولو من باب الوهم.

مناسبة هذا الكلام ما نسمعه دائماً، ومنذ عقود من الزمن، تصريحات المدربين الذين يمتهنون كرة القدم وهي بالنسبة لهم مصدر عيش أيضاً.

المتابع لهذه التصريحات سيدرك فوراً أنه قد سمع الأسطوانة ذاتها من قبل، والمفردات ذاتها، والهشاشة ذاتها، والغريب أن ذاكرة المتلقين لهم من داخل الأسرة الكروية كذاكرة السمك…!

تغيب الواقعية، وكذلك العمل المنظم، وتحضر الفوضى والعمل الارتجالي وهم موقنون أنهم سيرحلون مع أقرب خيبة..!

من النوادر أن سمعنا مدرباً يتكلم بواقعية ويتحمل المسؤولية، ويشير لمكامن الغلط ويعمل على الإصلاح أو وضع لبنة صحيحة يمكن أن يستمر عليها غيره حتى لو حزم حقائبه ورحل؛ هؤلاء هم قلة للأسف، والبقية يعملون على ضمان خط السير كي لا تصبح «صوفته حمرا» ويتم تداوله دائماً في أنديتنا على مبدأ المراوحة في المكان.

هذا الواقع المريض يبدو أنه انتقل للمدربين الأجانب الذين يحضرون بيننا، وقبل أن يتعاقدوا يدرسون حالتنا جيداً ويتعاملون معها، ويبدؤون بتسويق ذات البضاعة، وعلى الأقل يضمنون البقاء ولو بالحد الأدنى لعام كامل، ينقص أو يكثر لا مشكلة، ففي النهاية سيكتب له أنه درب منتخب، ورأسماله قليل من الكلام المعسول، وإن كثر فلا ضير فالسوق تستهلك الكثير.

هذا الوهم المتجدد في أسواقنا الكروية لمسناه مع المدرب فوته ومن ومعه، وربما بدرجة أقل مع كوبر الذي لم يأت بجديد، بل عاد للقديم وهو الذي يملك الوقت، ولا أعرف إن كان يمتلك كل الصلاحيات في الانتقاء، أو أنه بهذه الفترة القصيرة قد استطاع دراسة كل ملفات اللاعبين وحده وقرر اجترار الماضي بكل ضحالته، دون أن يكلف خاطره في تقديم رؤيته النظرية لنا عن آسيا 2024، وارتضى بعقد عام فقط، و«يا دار ما دخلك شر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن