قضايا وآراء

تآكل وظائف حلفاء واشنطن

تحسين الحلبي

اذا كانت نيران الحروب الداخلية وغير الداخلية التي أشعلتها واشنطن وتل أبيب في المنطقة وخصوصاً ضد القوى والدول المناهضة للهيمنة الأميركية بدأت تنتشر في عدد متزايد وتتحول إلى حرب بين السعودية واليمن فإن إطفاءها لا يمكن أن يشق طريقه دون جهود عربية إسلامية تفرض على السعودية وقطر بشكل خاص الالتزام بوقف نار ضد اليمن وبحظر تقديم أي دعم للمجموعات الإرهابية التي تستهدف سورية والعراق ولبنان ومصر والجزائر واليمن.
فالولايات المتحدة التي تدعم السعودية في حروبها لا يمكن أن تتوقف عن محاولة توسيع جميع أشكال التدخل العسكري المباشر وغير المباشر ضد الدول التي تستهدفها في المنطقة إلا حين تجد أن الأطراف العربية التي تعتمد عليها في إشعال هذه النيران أصبحت عاجزة عن الوظيفة التي حددتها لها من أجل تحقيق أهدافها وتثبت التطورات الأخيرة في المنطقة أن الدور الوظيفي للسعودية وقطر بدأ يترنح ويظهر عاجزا عن تحقيق أهدافه من الحرب ضد اليمن كما بدأ دور قطر وتركيا وحلفائهما يفشل في تحقيق أهدافه ضد مصر وما زال الفشل الأميركي الفرنسي السعودي واضحاً في عجزه تحويل لبنان إلى ساحة تدخل ضد سورية بعد أن تمكنت القوى الوطنية والإسلامية اللبنانية وبخاصة حزب اللـه من فرض دورها القومي المساند والداعم لسورية في الحرب ضد الإرهابيين وحلفائهم، وعلى ساحة التحالف الإيراني السوري تمكنت إيران وسورية بمساندة روسية وصينية من إحباط المخطط الأميركي لضرب التحالف الإيراني السوري الذي شكل مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية قاعدة المجابهة الأساسية المناهضة للهيمنة الأميركية والإسرائيلية في المنطقة
إن مقارنة بسيطة بين ما أرادت واشنطن وإسرائيل وحلفاؤهما أن تفرض وجوده في المنطقة من مصالح وأهداف خلال السنوات الأربع الماضية وبين ما تمكنت الدول المناهضة لهيمنتها من تحقيقه يثبت أن الساحة السياسية للمنطقة تتجه نحو تقارب واتفاق بين عدد من الدول العربية وقواها القومية والإسلامية الثورية على مجابهة مخطط التقسيم والتجزئة الذي تسعى واشنطن وتل أبيب إلى فرضه على دول المنطقة. ففي العراق أعربت معظم المكونات العراقية الوطنية والإسلامية عن رفضها تقسيم العراق مهما بلغت التحديات وانتقل العراق إلى مرحلة يتكاتف فيها الجميع ضد الإرهاب ومن يدعم الإرهاب وفي اليمن اتحد معظم اليمنيين ضد مشروع تقسيم اليمن رغم صعوبات المجابهة مع السعودية ومن يتحالف معها وفي مصر ما زال الشعب المصري يحافظ على مواقفه المعادية لكل أشكال الإرهاب التكفيري المتطرف ويندد بكل الداعمين له رغم اغراءاتهم المالية للحكومة المصرية. ولا شك أن العجز الواضح للسعودية وقطر وحلفائهما في تجنيد دول تقف إلى جانب دورهما في كل حروب المنطقة سيؤدي قريبا إلى زيادة في مصادر قوة وحشد معظم دول وقوى المنطقة ضد هذا الدور وأصحابه في الولايات المتحدة. فاذا كانت المنطقة تشهد حالة حروب مباشرة وحروب وكالة يقوم بها الإرهابيون ضد القوى العربية والإسلامية الثورية الصاعدة فإن خسارة السعودية وقطر وحلفائهما لعدد من معاركها بدأ يفتت قدراتها ويثير مناهضة شعبية متزايدة ضدها كلما طالت هذه الحروب.
وهذا ما حذر منه مركز راند الأميركي الذي يديره بريجينسكي المستشار السابق للأمن القومي الأميركي في الآونة الأخيرة حين أعرب بين السطور عن خوفه من ارتداد الحرب السعودية ضد اليمن وتزايد التدخل الأميركي في العراق إلى انهيار يصيب القدرة الأميركية في إدارة سياستها في المنطقة ويقلب السحر على الساحر بلغتنا العربية
كما يمكن الاستنتاج بأن شهر حزيران سيحمل للمنطقة حدثين قابلين لتوليد ظروف لن تخدم السياسة الأميركية في المنطقة فنتائج الانتخابات التركية بعد السابع من حزيران ستكون مصيرية حول مدى استمرار الدور التركي السابق أو انتقاله إلى التغيير لمصلحة سورية وإيران كما أن اتفاق الدول الخمس زائد واحد في شهر حزيران سيحمل معه هو الآخر منعطفا كبيراً لمصلحة دول وأطراف الممانعة والمقاومة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن