قضايا وآراء

هل يقلب إعدام النمر طاولة المفاوضات على آل سعود؟

| سامر ضاحي

أقدمت السعودية على إعدام الناشط الشيخ نمر باقر النمر مع 46 معتقلاً آخرين، واعتبر بيان داخليتها أنهم إرهابيون خضعوا للقضاء الذي حكم بإعدامهم وكان بينهم أعضاء من تنظيم القاعدة قالت الرياض إنهم كانوا يخططون لعمليات إرهابية في «المملكة».
ليس من المستغرب أن تخلط «المملكة» بين الإرهاب وحقوق الإنسان وهي البعيدة تماماً عن حقوق الإنسان، ولا تزال تعامل المرأة وكأنها من زمن الجاهلية، وتمنع عن مواطنيها كل الحقوق السياسية والمدنية. وليس من المستغرب أن تعدم السعودية الشيخ النمر وتقول إنه إرهابي فهي لا تفرق بين الإرهاب وحقوق الإنسان، فالناشط النمر لطالما نادى بحقوق المضطهدين في «المملكة»، وفي مناطق أخرى من البلاد العربية، وآل سعود هم أنفسهم الذين وصفوا متزعم «جيش الإسلام» زهران علوش بـ«الشهيد»، وهو الذي أمطر المدنيين في دمشق بمختلف أحيائها ولأكثر من عامين بوابل من قذائف الإرهاب التي لم تميز بين طفل وامرأة وكهل. لكن المستغرب أكثر مما سبق هو طريقة الرياض الداعشية بإعدام النمر بقطع الرأس بالسيف وهي التي اعتادت على ذلك، لا بل ربما «أرشدت» داعش إلى تطبيقها منذ بدايات نشوء التنظيم الذي يرجح البعض ارتباطه بآل سعود، ورغم كل ذلك وقف العالم والأمم المتحدة متفرجين على المشهد الدرامي السعودي.
تقتل الرياض ناشطاً تقول إنه إرهابي وتحتضن على أرضها مقاتلين يشاركون في سورية علناً إلى جانب القاعدة التي ادعت الرياض أنها أعدمت مع النمر بعض عناصرها في ازدواجية معلنة للمعايير، أكملتها الرياض عندما اتهمت موسكو بقتل العلوش على حين لم تستسغ اتهامات طهران لها بقتل النمر والتي توعدت آل سعود بدفع ثمن باهظ.
ورغم فداحة الجريمة التي ارتكبتها الرياض إلا أنها لم تستطع جر دمشق إلى الوقوع بفخ التصريحات وقفت وقفة مسؤولة وشجاعة من «التهور» السعودي ودعت السعوديين إلى ضبط النفس وعدم الانجرار إلى فتنة تحرف العالم الإسلامي عن معركته الأساسية نحو القدس. ولم تستطع الرياض أن تدفع دمشق للانجرار بتصريحات ثأرية، علماً أن آل سعود شركاء بقتل أطفال ونساء سورية بدعمهم للمنظمات الإرهابية.
ورغم أن الشيخ النمر كان قد انتقد الحكومة السورية في خطاباته، لكن الأخيرة تميز وبوضوح تام بين نظام آل سعود المتهور بسياساته، والشعب المغلوب على أمره.
اللافت أن البعض صور عملية الإعدام على أنها رد على مقتل علوش في الغوطة الشرقية قبل يوم واحد من بدء اجتماعات «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة عن مؤتمر الرياض الذي ضم معارضين سوريين، إضافة إلى ممثلي مجموعات مسلحة تقاتل جنباً إلى جنب مع جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سورية.
بالعودة إلى وفد المعارضة الذي من المفترض أن يبدأ المفاوضات مع وفد الحكومة السورية في جنيف برعاية دولية وعلى رأسها المارد الصيني في 25 الجاري، فإن الرياض قد تكون قد فتحت على نفسها أبواب جهنم بفعلتها الأخيرة ما يعطي دفعاً لمطالبة الكثيرين ومنهم دمشق وموسكو بأن يتم اعتبار «معارضة الرياض» لا تمثل كل أطياف المعارضة السورية، ومن ثم يجب توسيعها لتشمل كل المعارضات الداخلية والخارجية وهو الأمر الذي أشار إليه البعض بتأكيدهم أن موعد بدء المفاوضات في الخامس والعشرين من الشهر الجاري قد يؤجل بسبب عدم استكمال التحضيرات، ما يعني أن وفد المعارضة الذي تحاول السعودية فرضه على المجتمع الدولي قد ينسفه انضمام معارضين قد لا يقبلون بوصاية الرياض عليه، وينقلب السحر على الساحر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن