قضايا وآراء

أين أصبحت المنازلة الأميركية الروسية في سورية؟

| باسمة حامد

لا شك أن المقاربات الدولية لمسألة الإرهاب أدخلت «الأزمة» في سورية منعطفاً مفصلياً جديداً كمهمة شاقة ومعقدة إلا أن ظروف حلها باتت في طور النضوج على ما يبدو.
وفي الواقع، ما نشهده اليوم من ترتيبات لعقد جنيف3 يعكس حقيقة وجود مباركة دولية لحل نهائي يحفظ وحدة واستقلال الأراضي السورية وحق الدولة في محاربة الإرهاب، فرقعة المعارك تتقلص تدريجياً مع التقدم الميداني للجيش العربي السوري وحلفائه، وأيضاً نجاح السلطات بتحييد آلاف المسلحين عن المواجهة، إما بتسوية أوضاعهم أو حصرهم في مناطق محددة بإشراف أممي وتوافق إقليمي واضح المعالم (وهذا ما حصل في تسوية الوعر ويحصل الآن في ريف دمشق).
ورغم النزال الأميركي الروسي الراهن، ثمة ما يؤكد أن المراحل الأشد خطورة مرت وانتهت وأصبحت من الماضي، حيث سيتجه الجميع للالتزام بخطة السلام والانخراط بالجهود المبذولة لإطلاق العملية السياسية ومواكبة مسارها وفقاً للقرار الدولي 2254 واتفاقات جنيف وفيينا.
وبقراءة سريعة للمشهد السوري مع بداية العام الجديد، نجد أن صراع الأقطاب لم يمنع حلفاء سورية من التشدد بمواقفهم الداعمة لسورية والمرفقة دائماً بإجراءات عملية. وبهذا المعنى، لم تتوقف إيران عن إعلان دعمها المتواصل و: «الجاد للدول التي تعاني من ظاهرة الإرهاب كسورية والعراق»، على حين لم تجد روسيا حرجاً من التعاون مع حزب اللـه المقاوم «لإسرائيل» كتنظيم يحارب الإرهاب بفعالية، كما لم تنتظر الإذن لإدراج «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» على قائمة التنظيمات الإرهابية، فهي: «تعتبرهما متورطين في عدد كبير من الجرائم ولا مكان لهما وراء طاولة المفاوضات ويجب القضاء عليهما ووضع حد لأنشطتهما الإجرامية»، وعلى أساس معارضتها للنهج السعودي التركي القطري ورفضها للمطلب الأميركي بخصوص: «اعتبارهما جزءاً من المعارضة المعتدلة التي يجب إشراكها في مفاوضات التسوية السياسية»، نسّقت عسكرياً مع الجانب السوري لقصف تجمع قادتهما في الغوطة الشرقية.
لذلك من غير المستبعد أن تقوم روسيا مستقبلاً بتوسيع التحالف الرباعي ليضم دولاً جديدة بالاستفادة من العوامل التالية:
1- تراجع الغرب عن سياساته الاستعمارية لمصالحه واضطراره لمعالجة التهديدات الأمنية إثر إخفاق التحالف الستيني بالقضاء على «داعش» وحاجته للشراكة مع تحالف (موسكو دمشق طهران بغداد) بهذا المجال نظراً للنتائج الملموسة التي حققها خلال وقت قياسي لا يتعدى ثلاثة أشهر.
2- تبدل الإستراتيجيات الأميركية نحو دمشق وتحولها من تهديد عسكري مباشر إلى مجرد حديث عن: «إعداد قواعد للتصويت للحد من فرص الأسد في تحقيق الفوز»، ودخول واشنطن في زمن اللعبة الانتخابية الداخلية سيزيد من فرص الانكفاء الأميركي في سورية مقابل التقدم الروسي، وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى تصريحات الوزير لافروف بهذا الشأن: «التسوية في سورية ليست رهينة الانتخابات الأميركية».
3- استشعار مصر (الدولة العربية الوازنة في الشرق الأوسط) لمخاطر التقارب السعودي التركي وتأثيراته السلبية على دورها ببعده العربي والإقليمي، وخصوصاً أن الرياض وأنقرة تحاولان اللعب لحسابهما في إطار التفاهم تحت الطاولة مع إيران ما يؤدي إلى تحجيم القاهرة وإضعافها، والمشكلة أن النظام السعودي يستغل اسم مصر «لتبييض» صفحته لدى الولايات المتحدة وشركائها الغربيين، فضمها في التحالف الورقي هدفه أولاً وأخيراً إرضاء الغرب وامتصاص انتقاداته للسعودية بسبب تقصيرها المقصود في «مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف»، ولعل المناورات المصرية الأردنية المشتركة على الحدود السورية الأردنية تعبر عن حالة القلق المصري مما يجري في المنطقة خلف الكواليس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن