قضايا وآراء

بين الجولان وجنوب لبنان

| بيروت – رفعت البدوي

بعد نجاح العدو الإسرائيلي بعملية اغتيال سمير القنطار خرج بعض المحللين والمشككين ليبني مواقف ويستنتج أن اغتيال سمير القنطار في دمشق هو اغتيال لمشروع المقاومة في الجولان بحد ذاته وذهب بعض الكتّاب والجهابذة أبعد من ذلك ليقول إن عملية الاغتيال ما كانت لتتم أو لتنجح لولا وجود موافقة ضمنية من الروس وإن سمير القنطار دفع حياته ثمناً لاتفاق روسي إسرائيلي وبوجود اتفاق مشترك بين الطرفين للحؤول دون فتح جبهة الجولان مترافقا مع موافقة روسية بعدم كسر الستاتيكو السائد في الجولان بعد اتفاق الهدنة الذي ترعاه الأمم المتحدة بين سورية والعدو الإسرائيلي منذ العام… 1973
بعد بدء الأحداث في سورية عام 2011 كانت جبهة الجولان مع فلسطين المحتلة لا تزال تنعم بالهدوء المعتاد إلا أن الدور الإسرائيلي في تسهيل مرور المسلحين وتسليحهم ودعمهم وفتح أبواب مشافي العدو الإسرائيلي في الداخل لمعالجة الجرحى من المسلحين الإرهابيين هدف العدو من خلاله إقامة شريط حدودي على غرار الشريط الأمني الذي كان مقاما في جنوب لبنان إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
إلا أن لبنان نجح بقوة المقاومة العسكرية بإزالة الشريط الحدودي الذي أنشأه العدو الإسرائيلي تحت تأثير الضربات العسكرية المتتالية لرجال المقاومة اللبنانية التي أدت إلى تكبيد العدو الإسرائيلي خسائر بشرية وعسكرية هائلة لم يستطع تحملها ما دفع العدو الإسرائيلي للانسحاب من الجنوب اللبناني في العام 2000 مرغماً ومجرجراً أذيال الخيبة والخسران والانكسار دون أي اتفاق أو ترتيبات أمنية أو علم إسرائيلي يرفرف فوق لبنان.
حصل ذلك لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي معلنا عن بداية هزيمة العدو الإسرائيلي وأثبتت المقاومة اللبنانية نظرية (ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير بالقوة) وكانت فاتحه جديدة غيرت مجريات الصراع مع العدو.
صارت المقاومة القوة الرادعة للغطرسة الإسرائيلية واكتسبت المقاومة اللبنانية ثقة كاملة بالتنسيق مع الجيش اللبناني عسكريا مدعومة من السلطة السياسية الرسمية اللبنانية متمثلة بالرئيس المقاوم إميل لحود ورئيس الوزراء المقاوم سليم الحص بعد أن كوّنا العنصر الرئيسي الداعم لانتصار لبنان والمقاومة اللبنانية على أعتى قوة عسكرية في المنطقة.
أما على الصعيد السوري فجاءت فكرة إنشاء مقاومة سورية شعبية في جبهة الجولان المحتل على غرار ما قامت به المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان ونجاحها في إلحاق الهزيمة بالقوة العسكرية للعدو الإسرائيلي، خصوصاً إذا ما أخذنا بالحسبان التواصل الجغرافي بين جبهتي الجولان المحتل مع جنوب لبنان بدءاً من القنيطرة وصولا للناقورة.
بعد كل ما تقدم نقول ونكرر ما قاله الشهيد سمير القنطار في رسالته بأن مشروع المقاومة الشعبية السورية قد سلك طريقه ولن يتراجع خصوصاً في ظل رعاية ودعم واضح من السلطة السورية السياسية المتمثلة بسيادة الرئيس بشار الأسد ومن القيادة العسكرية المتمثلة بالمؤسسة العسكرية السورية التي كانت ولم تزل الداعم الأساسي لأي عمل مقاوم ضد العدو الإسرائيلي لتحرير واستعادة الأرض العربية من الاحتلال.
أما من روج ويروج لوجود تفاهم أو اتفاق روسي إسرائيلي على اغتيال أو إنهاء نمو المقاومة السورية انطلاقاً من الأرض السورية ضد العدو الإسرائيلي نقول إن مثل هذا الترويج أو التحليل هو لزرع بذور الشك والتشويش على المقاومة وعمل ونمو المقاومة ولا يصب إلا في خدمة العدو الإسرائيلي..
صحيح أن إسرائيل اغتالت المناضل سمير القنطار في ظل وجود روسي في سورية وبوجود منظومة رادار روسية متطورة لكن لنتذكر ونسأل هل اغتيال الأمين العام السابق الشيخ عباس الموسوي واغتيال المجاهد الكبير الحاج عماد مغنية وولده المجاهد جهاد مغنية ورفاقه والحاج حسن لقيس وغيرهم من القادة جاء في ظل وجود عسكري روسي أو بتوافق روسي إسرائيلي؟؟
وهل أن روسيا دخلت إلى سورية لمحاربة إسرائيل؟؟
واهم من يعتقد أن روسيا جاءت إلى سورية من أجل تحرير الجولان المحتل لأن تحرير الجولان لن يأتي ثماره إلا على أيدي السوريين أنفسهم ولن يكون بمقدور أي كان حتى روسيا نفسها من الوقوف عائقاً بوجه ما أقرته شرعة الأمم وكل قوانين العالم التي تبيح العمل العسكري لتحقيق هدفها وتحرير أرضها من الاحتلال.
صحيح أن لروسيا في المنطقة مصالح وخصوصاً في سورية، صحيح أن روسيا وإسرائيل ليستا في حال من العداء لكن لنتذكر أننا نحن كعرب في حال من الصراع الدائم مع العدو الإسرائيلي ونحن من يجب أن يكون في المقدمة وليس روسيا ولا أي دوله أخرى وللتأكيد على قدسية المقاومة فإن موضوع الدعم والحرص على المقاومة لم يغب عن محور اجتماع القمة الذي ضم المرشد علي خامنئي وفلاديمير بوتين في طهران وأن إيران ملتزمة بدعم المقاومة ضد العدو من الناحية العقائدية والتزاما بالمبادئ الإيرانية تجاه فلسطين.
أن المهمة الرئيسية للوجود الروسي العسكري في سورية هو تمكين الدولة السورية من الصمود في مواجهة الحرب القذرة التي تشن عليها وأن تفرض نفسها لاعبا أساسيا على المسرح الدولي، فقط.
التكهنات والتحليلات والتسريبات المؤذية تصب في مصلحة العدو الإسرائيلي فإذا كان للروس مصالح ولإيران مصالح ومبادئ فيجب علينا أن نؤمن أن محور المقاومة من الجولان وصولا إلى جنوب لبنان من القنيطرة حتى الناقورة صار متماسكا وفي وضع الحساب المفتوح مع العدو الإسرائيلي..
ما بدأه سمير القنطار وإخوانه من المجاهدين في الجولان سوف يكمل ويكبر وينمو رغم تشكيك المشككين والضعفاء لأننا مؤمنون أن المقاومة ثم المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير كامل التراب العربي..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن