قضايا وآراء

مع سقوط الأقنعة.. هل تتوقف حرب الإرهاب..!؟

| عبد السلام حجاب

«لأن الجاهل الحقيقي، من لا يعرف نعمة الاستماع، ولا يعرف بما يتكلم، فإن هؤلاء يموتون وهم أحياء».
ويبدو أن المراهنين على لعبة خاسرة. يتدافعون لإبقاء الرهان على الدور الأميركي، دون الأخذ بالحسبان، الموقف الصريح والعملي الذي يتناوب حسب الحاجة بين العلني والسري بناء على ازدواجية معايير السياسة الأميركية وثابتها الاستراتيجي مصالح الكيان الإسرائيلي.
وليس من فراغ يشدد الرئيس بوتين خلال اتصال هاتفي مع الرئيس أوباما قبيل انعقاد جنيف 3 المفترض نهاية الشهر الجاري على مسألتين:
1- ضرورة تشكيل تحالف دولي موسع لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
2- أهمية تحضير قوائم بالتنظيمات الإرهابية في سورية وتجنب المعايير المزدوجة.
ما يعني أن سورية التي تحارب الإرهاب وتحقق نجاحات إستراتيجية في الميدان، لن تذهب إلى جنيف للتحاور مع أشباح. بل «يجب الامتثال بشكل كامل لقرار مجلس الأمن الدولي 2254 بشأن تشكيل وفد شامل للمعارضات السورية» وهو ما أكدته الخارجية الروسية.
فضلاً عن أنه لابد من معرفة قوائم بالتنظيمات الإرهابية المسلحة أو المسيسة بربطات عنق أو أقنعة تمثل أطرافاً في حلف الإرهاب، مثل العثماني السفاح أردوغان وحكام بني سعود ومشيخة قطر، تتسرب، كحصان طروادة سياسي لتفخيخ جنيف المفترض وقتل مآلاته الممكنة التي يسعى باتجاهها المبعوث الدولي دي ميستورا على قاعدة مبادئ اجتماعات فيينا التي توصلت إليها المجموعة الدولية لدعم سورية بتاريخ 30 تشرين الأول و14 تشرين الثاني الماضيين والقرار رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 18 كانون الأول 2015. والتي تؤكد ضرورة إطلاق الحوار السوري- السوري ليقرر السوريون مستقبلهم بأنفسهم دون تدخل خارجي، أو شروط أجندات مسبقة.
وما من شك بأنه لم يكن مفاجئاً أو مستغرباً أن يبشر الرئيس الأميركي أوباما، سورية والمنطقة عموماً بحرب المئة عام في خطاب الاتحاد الأخير الذي أراده بياناً انتخابياً في السنة الرئاسية الأخيرة في اتجاهات عدة من بينها:
1- التقليل من شأن التبدلات التي أخذ العالم يعيش على إيقاعها مع بروز عالم جديد متعدد الأقطاب، راح يعيد الاعتبار للقوانين الدولية ودور الأمم المتحدة في قضايا الشعوب بعد غياب لعقود تحت هيمنة القطب الأميركي الأوحد.
2- تغليف فشله والتخبط السياسي والعسكري بعدم التعاون والتنسيق مع دعوة موسكو لمحاربة «داعش والنصرة والنتظيمات الإرهابية الأخرى» على أساس القانون الدولي والتعاون مع سورية لأنها الدولة الوحيدة التي تحارب الإرهاب دفاعاً عن نفسها والعالم.
3- طمأنة الكيان الإسرائيلي بأن أحداً لن يكون بمقدوره التأثير في أمنه ومصالحه بتفوقه العسكري وانخراط بعض الدول في الخليج وفي الإقليم بدعم الإرهاب والاستثمار فيه واستبدال بوصلتهم السياسية والعسكرية بأعداء جدد على خلفيات طائفية ومذهبية وإثنية يتناغم أداؤها الوهابي والإخواني في المنطقة مع المصالح الصهيونية.
4- إعلان براءة مشبوهة من الإرهاب والاستثمار فيه الذي عملت على إنتاجه كنهج سياسي ولا تزال إدارات أميركية سابقة حسب اعترافات مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين.
5- توفير أدوار إضافية لأنظمة الحكم الفاشية في تركيا والسعودية وقطر الذين سقطت عنهم أقنعة دورهم بدعم وتمويل ورعاية الإرهاب، للاستمرار في تأدية أدوارهم الوظيفية الجديدة ومواصلة الرهان على تداعيات اللعبة الخاسرة التي يشكل الإرهاب جوهرها المتشظي لتحقيق مكاسب جيوسياسية لم تغادر أحلامهم المريضة السوداء.
ويمكن القول إنه على الرغم من المؤشرات الدالة على سقوط الأقنعة إلا أن حرب الإرهاب التي تقودها واشنطن لحسابات إستراتيجية، تغذي شهوات وأطماع ومصالح ذاتية لمثلث الإرهاب ضد سورية، فالشمس لا تغطى بغربال ولعل من أبرز مؤشرات ذلك السقوط الفاجعي:
أ- فشل سياسات التباكي والمتاجرة بالقضايا الإنسانية واستخدامها ورقة سياسية، وإن خضع لابتزازها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فالتبست عليه رؤية الحقائق وضاع من بين كلماته القانون الدولي، عندما تجاهل حصار مدينتي نبل والزهراء ومدينة دير الزور من الإرهابيين، واستشهاد المئات من المواطنين السوريين المدنيين بقذائف الإرهاب التي سقطت على دمشق وحلب بأوامر أسيادهم وانساق في حملة الدعاية المضللة التي استهدفت مضايا والفوعة وكفريا حيث استولى الإرهابيون على المساعدات الإنسانية واعتبروها جزءاً من غنائمهم ومصدراً من مصادر تسليحهم، وهو ما رصدت وقائعه وزارة الدفاع الروسية في بيان قالت فيه «لقد رصدنا حالات متكررة لإيصال الذخائر والأسلحة إلى الإرهابيين في سورية تحت غطاء المساعدات الإنسانية ولا يمكن القفز عليها».
ب- نجاحات الجيش العربي السوري وسلاحه الجوي بدعم وتعاون القوات الجوية الروسية، في دحر الإرهابيين بمختلف مسمياتهم من مساحات من الجغرافية السورية واستعادة عدد من البلدات والقرى والمواقع إلى حضن الوطن، ولن تقف عند بلدة سلمى والقرى والتلال المحيطة بها في ريف اللاذقية الشمالي ولن تتوقف عند مدينة الباب ودير حافر بل تضع في حساباتها الميدانية والسياسية الجغرافية السورية بالكامل.
جـ- فشل يحيق بمهمة دي ميستورا مرده أطراف مثلث الإرهاب التركي السعودي القطري بالبصمة الأميركية في تشكيل وفد المعارضات السورية إلى جنيف لحسابات المصالح والأجندات التي يسعى كل طرف لفرضها على خارطة الوفد والمهمات المطلوب أداؤها، وغياب الاتفاق على قائمة بالتنظيمات الإرهابية التي تشكل إكسير الحياة لأحلامهم الفاشية التي أسقطها الصمود السوري وجيشه الباسل أو يكاد. ولعل التعويل على اللقاء المنتظر يوم الأربعاء القادم بين الوزيرين الروسي لافروف والأميركي كيري لوضع حل لهذا الفشل وما يشكله من تعطيل مبرمج ومدروس لقرارات فيينا ومجلس الأمن الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية يقرره السوريون بقيادة سورية جوهره محاربة الإرهاب حتى القضاء عليه باعتباره أبرز العراقيل أمام العملية السياسية التي يريدها السوريون.
إنه لا جدال بأن تراكم انتصارات الجيش العربي السوري، لابد أن تعيد للعالم وعيه وتصحح بوصلته السياسية والميدانية في محاربة الإرهاب، بعيداً عن المعايير المزدوجة وأحلام المكاسب الافتراضية الجيوسياسية التي لن تقدم للعالم إلا مزيداً من الخراب ووحشية الإرهاب سواء سقطت أقنعة داعمي الإرهاب أم لم تسقط بعد، ما يقطع الطريق على الأحلام الطوباوية ويبددها على أرض الواقع.
ومن يقرأ في هذه الانتصارات يتأكد له أهمية إصرار السوريين بقيادة الرئيس بشار الأسد على محاربة الإرهاب والقضاء عليه، دفاعاً عن أمن وسيادة بلدهم وبناء مستقبلهم وفق ما يريدون، فأصبح الانتصار قريباً والجاهلون يموتون وهم أحياء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن