ثقافة وفن

هل تنجح الوجوه الشابة في كسر «القولبة» الدرامية؟

| وائل العدس

تقولب الظهور الدرامي بمجموعة من الأسماء التي باتت وجوهاً مألوفة في معظم الأعمال السورية بسبب بزوغ نجمهم ووصولهم إلى مرحلة الأسماء «البياعة».
وتلعب شركات الإنتاج الدور الأكبر في ذلك لضمان الربح، معتقدة أن النجم أهم وأسرع الوسائل لتحقيقه، الأمر الذي قلل من فرص ظهور الوجوه الشابة إن لم تعدمها، بل حرمتها من عدم تسليط الضوء عليها رغم وجود مواهب مهمة تضاهي وتفوق أحياناً تلك الأسماء التي لمّعت وسوّقت عبر شاشات الدراما.
وبكل الأحوال، فإن الحالة الفنية هي التي ترضي الجمهور، والمثال على ذلك ظهور أفلام مهمة على الساحة قوامها وجوه جديدة وكوادر جديدة من إخراج وتقنيين وحصلت ليس فقط على رضا الجمهور، فألا يكون غياب النجوم إيجابياً في بعض الأحيان ليأخذ الوجه الجديد الفرصة لإثبات وجوده؟

مواسم استثنائية
تحظى الدراما السورية بمواسم استثنائية في ظل الأزمة الأمر الذي يفسح المجال لتألق العشرات من الوجوه الشابة «كماً ونوعاً» بعد حصولهم على مساحات كبيرة من الأدوار، ليستطيعوا من خلالها التعبير عن مواهبهم، ويفرضوا أنفسهم على الساحة بجهدهم وعرق جبينهم.
إنه جيل جديد سيثري الساحة الدرامية التي كانت حكراً على وجوه قبل أن يقتحمها جيل من الشباب الواعد والموهوب، جيل بدا مغايراً لما ألفناه طوال سنوات ليست بالقليلة بأداء مختلف غير المقاييس، فأصبحنا نرى ممثلاً شاباً «جنتلمان» يشدنا بحضوره وممثلة قافزة تقيّد نظراتنا.
هذه الدفعة من الشباب الحيوي ساهمت بشكل لافت في تعديل المشهد الدرامي التلفزيوني وإزالة الصدأ في ظل تعدد شركات الإنتاج الخاصة، هذه الطاقات الإبداعية الواعدة بدت مصرة على تأكيد حضورها في ظل حاجة المشهد الدرامي إلى ممثلين من مختلف الأعمار لإضافة روح جديدة على الشاشات.

فرصة ذهبية
تمتلك هذه المواهب الشابة القدرة على إثبات ذاتها وموهبتها وشد الأنظار والمشاعر إليها، وهي بحاجة دائماً لفرصة تستطيع من خلالها تقديم ذلك، لكننا اعتدنا زخم النجوم في الأعمال السورية نظراً إلى خاصية البطولة الجماعية التي تتمتع بها. وبالتالي فإن غياب النجوم عن أي عمل فني، سيبعد عنه أنظار الجمهور ولن يحقق نسبة مشاهدة عالية.
غياب النجوم سيشكّل فرصة ذهبية للفنانين الشباب كي يظهروا بمشاهد أكثر وأدوار أكبر، وعليهم اغتنام هذه الفرصة، فيمكن لهم تعويض غياب النجوم بفضل توافر طاقات ومواهب متعددة.
الوجوه الجديدة أصبحت أمراً واقعاً، وبما أن الإنتاج يتعامل مع العنصر المادي وعاملي السوق والتسويق في العرض والطلب، فيجب أن تكون من أولوياته التعاطي مع ذائقة الجمهور بطريقه أكثر منطقية وأكاديمية وإبعاد عنصر الملل والتكرار عن المتلقي ليكسب حالة التجدد.
أي ممثل يعمل ويلعب أدواراً مختلفة في الدراما السورية يتطور بفعل تراكم خبراته أو دراسته وأدوات تعبيره كممثل، وبالتالي إن أردنا بحث كيفية صنع نجم للدراما يجب ألا نغفل أعيننا عن تلك المبادئ.
معادلة النجم في الدراما السورية تبدأ بهذا الشكل، فعموم النجوم كانوا مجرد مواهب بحاجة للدعم والبعض موجود بفعل تكرار اسمه في المسلسلات السورية فقط.
غياب النجم حافز لصعود الشباب ومشكلة أيضاً لأن التجربة تصقل من خلال هؤلاء النجوم الذين هم في الأغلب أسماء ذات خبرة وثقة تعلِّم الشباب.

الموهبة
لعل ما ميز رؤية المخرجين والمنتجين في المواسم الأخيرة اختيارهم لأبطالهم الشباب من دون النظر إلى دراستهم الأكاديمية في أمر يعتبره البعض سلاحاً ذا حدين.
هذه الدراسة مهمة وضرورية لتكوين فكر أي ممثل لكنها لا تكفي بكل الأحوال للوقوف أمام الكاميرا من دون موهبة وجرأة وأذن مصغية للتوجيهات، ومثالنا عمالقة الدراما أمثال رفيق سبيعي ودريد لحام والراحل خالد تاجا وغيرهم الذين وصلوا قمة النجومية باعتمادهم على الموهبة بشكل كلي.

الجمال
من ناحية ثانية، فإن هوليوود التي تعد أكبر «مدجنة» للنجوم لا تعترف بغير الجميلات، وبدت الدراما السورية وكأنها تسير على النهج نفسه من خلال الاعتماد على الوجوه الجميلة.
قد يكون الجمال وحده غير كاف لكن إذا كانت الموهبة وحسن الأداء مقترنة بالجمال وسحر الملامح وجاذبية «الطلة» فإنه أمر مفضل ومشجع من أجل جمالية الصورة والمشهد معاً، فهل تخلع الدراما السورية هذا الثوب لتتخلى عن لقب «الصبية الحلوة»؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن