ثقافة وفن

محاضرة علمية في مجمع اللغة العربية

| عامر فؤاد عامر

تعاريف أساسية، ومجموعة من المفاهيم، أوضحت المعنى في ما يتعلق بـ«الخلايا الجذعيّة»، وأهميتها في الجسم البشري. من خلال محاضرة ألقاها الدكتور«هاني خليل رزق» في قاعة المحاضرات في مجمع اللغة العربيّة في دمشق، الذي يسعى للتنوع والغنى في المحاضرات التي يقدّمها، وفي هذه المرّة يأتي للعلم وإلقاء الضوء على دراسة طبيّة حديثة، انطوت على تعريف الموت الخلوي المبرمج، وغير المبرمج أو العرضي (النخر الخلوي)، والدورة الخلويّة، والبروتين P53 ومشابهاته، وعلاقة هذه البروتينات بالتسرطن، وأهمية الموت الخلوي المبرمج التخلقي، والبروتينات الوصيفة، وإنزيمات الكاسباز، والمعالجة بالخلايا الجذعيّة.

الخلايا الجذعية
يتكون جسم الإنسان البالغ وسطيّاً من مئة ألف مليار (1×1410) خلية. يستموت منها بالموت الخلوي المبرمج programmed cell death، أو الانتحار الخلوي cell suicide، أو الاستموات apoptosis (ثلاثة مُسَمَّيات لظاهرة واحدة)؛ يستموت منها إذاً في كل ثانية نحو مليون خلية. أي إن خلايا جسمنا كافة تستموت كل ثلاث سنوات تقريباً. ويجري التعويض عن الخلايا المستموتة بوساطة الخلايا الجذعية. والخلايا الجذعية هي خلايا جنينية توجد في نسج الجسم كافة، مهيأة كي تنقسم عندما تستموت أو تموت خلية معينة في النسيج. فتعوض الخلية البنت الناتجة عن الانقسام عن الخلية المفقودة. وبذلك يبقى عدد خلايا الجسم ثابتاً تقريباً. وهذا هو الاستتباب homeostasis الخلوي. وبهذا المعنى؛ فإن الخلايا الجذعية تعتبر أقدم الخلايا في الجسم، لذا فهي أكثر الخلايا عرضة للتسرطن: بسبب انقساماتها المتكررة أولاً، وبسبب قدمها ثانياً. وكما سنرى، يمكن الحصول على هذه الخلايا من نسج مختلفة.

الموت المبرمج أو الاستموات
ظاهرة فيزيولوجية سوية، تعوض بوساطته الخلايا الجذعية عن الخلايا المستموتة. وتشتمل سيرورة الاستموات على عدد من التفاعلات الكيميائية الحيوية.

النخر الخلوي cell necrosis
النخر الخلوي هو موت خلوي طارئ، يحدث في كل مرة تتعرض فيه الخلية لأذية ما، كتكسر جزيء DNA مثلاً بسبب الجذور الحرة (مثل ذرة الأُكسجين، التي تحمل الكتروناً واحداً، O-)، أو المواد الكيميائية المؤذية، أو الرضح trauma الخلوي، الذي ينشأ بتأثير ميكانيكي، أو حراري، أو نقص التروية، وخاصة فقد الغلوكوز أو الأُكسجين…

الدورة الخلوية cell cycle
يبدأ الانقسام الخلوي، من خلال تكون الفرد، إثر إخصاب البيضة، التي تنقسم قرابة 45 مرة كي تعطي ما يقرب من مئة ألف مليار خلية (أي 452). ولكي تنقسم الخلية لتعطي خليتين بنتين عليها أن تمر بالدورة الخلوية. وتتألف هذه الدورة، من أربعة أطوار…

البروتين P53 والتسرطن
يسمى هذا البروتين أيضاً حارس الجينوم the guardian of the genome. يمكن للخلية وهي في الطور S أن تتعرض لمواد ضارة، وخاصة الجذور الحرة الناتجة إِمَّا من الاستقلاب الخلوي السوي، وإِمَّا نتيجة التعرض للإشعاع؛ فتتكسر عند جزيئات DNA ذات الحلزون المزدوج بسبب تحطم الروابط الهِدروجينية، التي تسبب تشافعاً شريطي الحلزون. ولكي لا تتحول الخلية إلى خلية سرطانية بسبب هذا التكسر؛ فإن البروتين P53 والبروتينات الأخرى المشابهة (P21، P63، P73) يحصر الخلية في الطور S، ويمنعها من التقدم في الدورة.
الموت الخلوي المبرمج التخلقي morphogenetic death
يحدث في أثناء تنامي الجنين وتكون بنى معينة نتيجة استموات الخلايا في مرحلة زمنية محددة تماماً من حياة الجنين. ويحدث هذا الاستموات حتى ولو نُقلت البنية إلى موضع آخر في الجنين لا يحدث فيه موت خلوي؛ فتستموت الخلايا المنقولة في اللحظة نفسها، التي تستموت فيها الخلايا الشاهدة (التي بقيت في مكانها).

البروتينات الوصيفة
chaperon proteins
تُعرف هذه البروتينات أيضاً ببروتينات الصدمة الحرارية heat shock proteins (HSP)، أو بروتينات الكَرْب stress proteins. تنجز هذه الطائفة من البروتينات، التي تترواح كتلها الجزيئية النسبية بين 15 و90 كيلو دالتون، الوظائف الأساسية التالية:
أ- تسهر على حسن التنامي الجنيني السوي، وعلى نظامية إنشاء الجزيئات البروتينية السوية.
ب- تقي بروتينات الخلية من التمسخ denaturation (ومن ثم تنقذ الخلية من الموت) في حال التعرض المؤقت لحالات الكرب (ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها، أو نقص الغلوكوز أو الأُوكسجين، أو حالات الرضح، وهلمَّ جرَّا).
جـ- تعمل على التخلص من البروتينات الهرمة، أو ذات الإنشاء السٍّئ، أو الطافرة. إن هرم البروتينات الوصيفة يؤدي بالخلية إلى الاستموات، ومن ثم فإن تجددها يتسبب في إطالة عمر النسيج أو العضو.

إنزيمات الكاسباز
caspase enzymes
إنزيمات الكاسباز هي طائفة من الإنزيمات يزيد عددها على 13 إنزيماً، يرمز لها بالرمز C، وأشهرها C9؛ إنها تعمل كشلال يتضخم فعله من خطوة لأخرى.

المعالجة بالخلايا الجذعيّة
يتلخص مبدأ المعالجة بالخلايا الجذعية باستبدال خلايا جذعية محرضة لأن تكون عديدة الإمكان (iPS induced pleuripotent stem cells) بخلايا مستموتة في عضو من أعضاء الجسم. وتؤخذ الخلايا الجذعية إِمَّا من جلد المريض (الأُرومة الليفية fibroblast)، وإِمَّا من النسيج الشحمي (الخلايا الشحمية adipocytes).
في المحاضرة أيضاً استناج منطقي لكل هذه التعاريف وربطها بصورة علميّة دقيقة بالنتيجة مروراً بالتجارب العلميّة التي قدمها باحثو هذا المجال وعلماؤه، والوصول للخلاصة بأن المعالجة المثلى مستقبلاً ستكون عن طريق خلايا Ips. يذكر أن الدكتور «هاني خليل رزق» حائز دكتوراه الفلسفة في البيولوجيا، من جامعة «فيرجينيا»، ‹تشارلوتزفيل، الولايات المتحدة الأميركية. وهو عضو في مجمع اللغة العربية دمشق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن