قضايا وآراء

عودة التقارب الروسي الأميركي

باسمة حامد: 

 

في مؤشر على قرب انعقاد طاولة جنيف3، واستكمالاً لاتفاق لافروف كيري حول تفعيل العمل المشترك لدفع الحل السياسي للأزمة إلى الأمام.. أكد المسؤولون الروس بعد المشاورات الروسية- الأميركية «المفصلة والصريحة» التي جرت في بلادهم الإثنين الفائت، أن واشنطن «مهتمة باستئناف التشاور مع روسيا لحل الأزمة في سورية».
ووفق مصادر مطلعة، يستند هذا الموقف الأميركي إلى قراءة جادة تقول بأن إيجاد حلول لأزمات الشرق الأوسط يبدأ من سورية باعتبار أن التسوية فيها «أسهل» من التسوية الأوكرانية، وهو موقف يقترب أكثر فأكثر من الواقعية السياسية على أساس أن الحل السوري يمثل خطوة مهمة يُعول عليها لمكافحة آفة العصر: الإرهاب، فالظاهرة الخطرة باتت تمثل تحدياً رئيسياً للعالم لأنها آخذة بالتوسع في خرائط جديدة، ولم تعد مقتصرة على بؤر محددة في سورية والعراق واليمن والمغرب وسيناء وليبيا والصومال ومالي ونيجيريا..
وواقع الحال، إن الهزائم المتلاحقة للجماعات الإرهابية في سورية يدفعها للبحث عن «ملاذات آمنة» خارج الحدود السورية مهددةً أمن دول أخرى تماماً كما فعل «داعش» مؤخراً حين أعلن بداية العدّ التنازلي لتنفيذ هجمات في أوروبا بالقرب من سيارات الشرطة الإيطالية!!
في هذا السياق، تؤكد التقارير الأمنية الغربية الأخيرة أن تنظيم (أبو بكر البغدادي) يعمل ضمن خطط إستراتيجية خطرة معتبرةً أن نجاحاته في شمال إفريقية بمنزلة أول «توسع حقيقي لنفوذه خارج المشرق العربي»، ولا شك أن تهديداته باقتراب «ساعة الصفر» تؤخذ أميركياً وغربياً على محمل الجد، فالتنظيم الإرهابي الذي يتبنى شعار «البقاء والتمدد»:
– يجني أرباحاً طائلة من «الاتجار بالبشر».
– ويقوم بتعزيز مواقعه في ليبيا ويحولها عملياً إلى «معقل رئيسي لقادته في إفريقيا» من أجل «توسيع دائرة نفوذه في البلاد المفتتة التي تستمر فيها الحرب من 4 سنوات».
– ويستغل الهجرة غير المشروعة عبر المتوسط: «لإغراق الدول الأوروبية بعناصره» وينقل «خلاياه النائمة» إلى القارة الأوروبية.
– ويسعى لزيادة شعبيته في صفوف المجموعات المتطرفة مستفيداً من الصورة الإعلامية التي خلقها لنفسه، وحسب تحذيرات وزير الاستخبارات في الحكومة الليبية (غير المعترف بها دولياً) فإن روما ستشهد خلال الأسابيع المقبلة وصول سفن تُقلّ مقاتلين للتنظيم إلى جانب لاجئين فقراء من إفريقية (يشار إلى أن تقرير وكالة تحليل المخاطر الأوروبية (فرونتكس) لعام 2015 أكد وصول أعداد قياسية من المهاجرين إلى الدول الأوروبية، مشيراً إلى أن الإجراءات المتسرعة الجارية لاستقبالهم تتم على حساب عمليات الكشف الأمنية).
وأمام هذا المشهد، يبدو «المجتمع الدولي» حالياً متحمساً لجنيف3، إذ «لا بديل من المؤتمر» كما قال أمين عام الأمم المتحدة (بان كي مون)، والمؤكد أن عودة التقارب الروسي الأميركي يثبت أن الحل السياسي في سورية سيبقى أحد المسارات الإلزامية لمواجهة الإرهاب والقضاء على بؤره المنتشرة في أصقاع الأرض، وهنا لا بد من التذكير بما قاله قبل أشهر الوزير (جون كيري) بخصوص مهمة مبعوث الولايات المتحدة الخاص للشؤون السورية (دانييل روبنشتاين): «المطلوب منه ليس فقط دعم المعارضة المعتدلة بل أيضاً مواجهة تزايد التطرف الذي يهددنا جميعاً».
وما يعنينا كمواطنين سوريين في هذا الإطار، أنه في الوقت الذي تبدأ فيه دول مواجهة أزماتها المصيرية المتفجرة على خلفية دعمها للإرهاب، وتنكفئ فيه دول أخرى لطالما وقفت موقف المتفرج على المأساة السورية نحو الداخل لترتيب أوضاعها الأمنية والاقتصادية في ظل وجود المشروع «الإخواني» المدعوم بقوة من النظام التركي، ستكون سورية قد بدأت تطوي صفحة الحرب عليها وتدخل مرحلة جديدة: مرحلة التعافي الاقتصادي وإعادة البناء والإعمار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن