سورية

عملية سياسية لا انتقال سياسي.. وحكم موثوق غير طائفي بدلاً من «هيئة الحكم الانتقالية» … دعوة دي ميستورا للمباحثات: مرجعية فيينا و(2254) يطويان بيان جنيف

استند المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في الدعوة التي وجهها للأطراف المشاركة بمحادثات جنيف إلى بياني فيينا والقرار الدولي (2254)، الأمر الذي يعني أن هذه الوثائق طوت كلياً بيان جنيف الأول لعام (2012).
الدلائل التي تؤشر إلى تحييد بيان جنيف الأول عن المحادثات كثيرة، إلا أن أبرزها غياب أي كلمة عن «هيئة الحكم الانتقالية» المنصوص على تأسيسها في بيان جنيف، والاستعاضة عنها بما ورد في بيان فيينا الأول إنشاء «الحكم الموثوق غير الطائفي». كما لم تذكر الدعوة أي كلمة عن عملية انتقال سياسي واكتفت بالإشارة إلى أن هدف المباحثات إطلاق عملية سياسية في سورية تنفيذاً للقرار (2254).
واستهل دي ميستورا دعوته، بالإشارة إلى مرجعية المحادثات. وقال: «بموجب بياني فيينا الصادرين.. عن الفريق الدولي لدعم سورية (الفريق الدولي)، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254).. ووفقاً للتعليمات الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة، أتشرف بدعوتكم للانضمام إليّ في جنيف»، ولفت إلى أن «مسار المفاوضات» سيبدأ في تلك المدينة غداً الجمعة «في شكل مشاورات حول كيفية إنهاء النزاع ووضع أسس لتسوية مستدامة». وبين أن المفاوضات ستبدأ «في شكل اجتماعات منفصلة وغير مباشرة». ولم يحدد المبعوث الأممي جدول أعمال «المشاورات» بشكل واضح، لكنه أشار إلى أن جدول الأعمال «يتسق» مع القرار (2254) «والذي عبر من خلاله (مجلس الأمن) عن بالغ قلقه إزاء استمرار معاناة الشعب السوري، والوضع الإنساني المتردي، والعنف الوحشي والمتواصل، والأثر السلبي للإرهاب والأيديولوجية المتطرفة العنيفة. كما أعاد المجلس التأكيد على أنه ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سورية، إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري».
ولفت إلى أن مجلس الأمن طلب «من أجل هذا الغرض» من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يقوم، من خلال مساعيه الحميدة وجهود مبعوثه الخاص لسورية، بـ«تيسير مباحثات حول عملية الانتقال السياسي بشكل عاجل عملاً ببيان جنيف وتماشياً مع بيان فيينا الصادر عن الفريق الدولي في 14 تشرين ثاني 2015»، وهذه هي الإشارة الوحيد لبيان جنيف في كامل نص الدعوة التي وجهها دي ميستورا إلى «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية.
واللافت أن دي ميستورا تجنب أي حديث عن «انتقال سياسي» بل تحدث فقط عن «عملية سياسية». وأشار إلى أن مجلس الأمن حدد «مخرجات محددة للعملية (السياسية)، وهي إقامة حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على أسس طائفية، وجدول زمني وعملية لصياغة دستور جديد في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، وانتخابات حرة ونزيهة تجرى عملاً بالدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة»، في اقتباس من نص بيان فيينا الأول الصادر عن مجموعة الدعم الدولية لسورية في تشرين الأول الماضي. ولفت إلى أنه سيقوم بتحديد «الآليات وخطة العمل بالتشاور مع المشاركين وتحديد أفضل السبل للتعامل مع هذه القضايا بهدف التوصل لهذه المخرجات في خلال الإطار الزمني الذي تم تحديده».
ولطمأنة الهيئة العليا، التي لم تكل عن اشتراط تنفيذ البندين (12) و(13) من القرار (2254) قبل التوجه إلى جنيف واللذين ينصان على وقف القصف وحماية المدنيين وإخلاء المعتقلين، ضمّن دي ميستورا دعوته مايلي: «ومع بدء هذه المفاوضات، يجب أن نؤكد على الأهمية والطبيعة الملحة لقيام كافة الأطراف باتخاذ تدابير لبناء الثقة»، لكنه علق تنفيذها على المشاورات مع الأطراف السورية وأعضاء مجموعة الدعم الدولية لسورية، ما بدا وأنه إصرار على عدم وضع شروط مسبقة على إطلاق المفاوضات. وقال: «من أجل تحقيق هذا الغرض سوف أتشاور مع الأطراف ومع أعضاء الفريق الدولي ليس فقط حول طرائق وشروط وقف إطلاق النار، ولكن أيضاً حول تدابير بناء ثقة ملائمة»، وحرص على تذكير «كافة الأطراف بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول بشكل سريع وآمن ودون إعاقة إلى جميع المناطق في سورية».
وشدد على ضرورة أن يبدي «جميع الممثلين.. استعداداً للانخراط في عملية مفاوضات مستمرة وشاملة على مدار ستة أشهر»، مع الإعراب عن الأمل في «تأمين الوفود المختلفة مشاركة كاملة وفاعلة للنساء بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 1325 (2000)».
وأشار دي ميستورا إلى أن مكتبه «سيكون على تواصل معكم خلال فترة وجيزة لتحديد الموعد المناسب لعقد الاجتماع الأول في جنيف»، وعبر عن تطلعه إلى «مشاركتهم البناءة» في المباحثات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن