ثقافة وفن

الفرح ليس مهنتي.. حازم بخاري ومحاولة توثيق «محمد الماغوط»

| عامر فؤاد عامر

يعدّ التوثيق؛ حالة مهمّة نستذكر من خلالها الكثير من الذكريات المكثّفة في حياتنا، التي إذا ما ارتبطت بشخصيّة مشهورة؛ ستكون خطوة غنيّة بتفاصيلها، ومجديّة في الهدف الذي تتجه إليه.
فيلم «الفرح ليس مهنتي» يجسّد رؤية توثيقيّة خاصّة لأحد المخرجين الشباب، الذي يتمتّع بروح حماسيّة ومحبّة خاصّة تجاه ما يصنع، ويقدّم، من محاولات التوثيق، والاتجاه نحو الحرفة السينمائيّة لتقديم أنموذج الفيلم السوري القادم.
لا يمكن إهمال مادّة تتحدّث عن قامة مهمّة من قامات الأدب السوري، والعربي عموماً، لا بل فكره في محطاتٍ كثيرة وصل للعالميّة. «محمد الماغوط» الثراء الفكري، والقدوة للكثير من أبناء الأدب، يقف في مقاطع كثيرة من فيلم «الفرح ليس مهنتي» ليدعونا باتجاه تأملاتٍ لواقع حالٍ أصابنا، واختلطت فيه النبوءة، بالفكرة، وبالعاطفة الجيّاشة، فكان حضوراً صاخباً بين حديثٍ مقتطفٍ من لقاءاتٍ كثيرة – شعرنا بالحنين إليها – وبين مقاطع من مسرحياتٍ كان له فيها البصمة الأولى والخاصّة دائماً، وكلّ ذلك في خدمة فكرة موجعة، وهي: أنّنا وصلنا لحالٍ كان قد رثاهُ «الماغوط» مسبّقاً.
هكذا كانت رواية الفيلم، بالمزج بين مقاطع قرّبت الصورة أكثر على وجهه وقسماته الخاصّة، وبين شهادات لمثقفين شاركوا الفيلم بكلماتهم التي أدلوا بها في رؤية قد تعبّر عنهم شخصيّاً، وقد يشتركون فيها مع الناس، ومع من عرف طيف «الماغوط» الواسع الانتشار، وهؤلاء كانوا: الشاعر «شوقي أبو شقرا»، والشاعر والكاتب المسرحي «بول شاوول»، والباحث والمؤرخ «برهان بخاري»، والكاتب ابن شقيقة الماغوط «أسامة الماغوط». بالإضافة لقصائد وأحاديث جاءت بصوته العاصف، وفي نهاية الفيلم جاءت قصيدة بعنوان «شكراً» للشاعر «محمد عيد القدّة» التي قدّمها بصوته.
الفيلم رؤية خاصّة للمخرج «حازم بخاري» عبر بنا في نصف ساعة من الوقت وبضع دقائق، ليلقي ضوءاً على شيء من شخصيّة الأديب الكبير «محمد الماغوط» فنجح في لفت الانتباه، لكنه لم ينجح في شموليّة الشخصيّة، التي ستحتاج مزيداً من الوقت، والشهود، والبحث، فهناك مؤلفات الماغوط، وخصوصيّتها، والموطن، والبيئة، وشهادات الكثر فيه، وفرادته في وصف شعره، ونثره، والعلاقة مع زوجته «سنيّة صالح» صاحبة الفضل، ومجلة «شعر» وغيرها من المنابر، والكثير الكثير من جنبات الماغوط، ووصفه التخيلي الغريب، والمحطات المهمّة من حياته.
لربما يكون هذا الفيلم خطوة أولى في الاتجاه نحو فيلم تفصيلي أكثر عن حياة هذا الأديب الكبير والغني جداً. مع ملاحظة تقديم موسيقا تصويريّة مناسبة أكثر، ومن دون الاعتماد على موسيقا المسلسلات الدراميّة السوريّة المألوفة للمستمع، فجدير بقامة ساحرة كـ«الماغوط» موسيقا تؤلف له وحده، لا يشترك فيها مع أحد.
الفيلم تمّ عرضه في المركز الثقافي العربي في «أبو رمانة»، وتابعه حشد من الحضور المهتمّ، وعدد من المثقفين والإعلاميين، وفي تصريح خاصّ من المخرج «حازم بخاري» يقول: «أردت من الفيلم.. الفرح ليس مهنة أحد، علينا اليوم قراءة الماغوط وإعادة النظر لكثير من الكتاب والشعراء السوريين والمفكرين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن