عينا «الوطن»

العين اليسرى

السماء صافية، والعصافير تزقزق، والنسيم عليل.. هكذا وصلت إلينا صورة واقع الأداء الحكومي عبر إجابات رئيس الحكومة على تساؤلات الصحفيين.. فما من أحد يوظّف بالواسطة، وكل دولار في عملية التدخل اليومي معروف أين ذهب وكيف يتحرك، وما تقوم به الحكومة هو تصحيح للخلل التاريخي في أسعار المواد الرئيسية وليس رفعاً، والمواطن مدعوم بالكهرباء والخبز والصحة والتعليم والمازوت والبنزين والسكر والرز، وكل ليرة أتت من «تصحيح» الأسعار أعيدت إلى المواطن بزيادات الرواتب وتحسين واقع بعض الخدمات، ووضع الليرة ممتاز مقارنة مع ظروف الحرب، والدخل ليس ثابتاً، بل يزداد من فترة لأخرى، ومحاسبة الفاسدين تطول الجميع..!!
كل التساؤلات الحرجة التي استغرقت نحو الساعتين من الزمن لطرحها، لاقت إجابات بسيطة، لم تختلف في شكلها ومضمونها عما يتكرر كل أسبوع في الخبر الرسمي لاجتماع الحكومة الدوري، وكأنها «كليشات» جاهزة، تخرج دفعة واحدة، تناسب أي سؤال مهما كان مستفزاً.
إصرار رئيس الحكومة على فكرة أن الحرب والإرهاب واقع وليس شماعة لتبرير التقصير، وعدم إمكانية الحديث عن حالة مثلى في الاقتصاد والواقع المعيشي والخدمي، وتأكيده عدة مرات على أن مشروع «عقلنة الدعم» مستمر، وأن ندرة موارد الخزينة لا تدار بالأماني والضجيج الإعلامي.. كل ذلك جعلنا ندرك أن هذا الاجتماع الطويل مع ممثلي الإعلام الاقتصادي والخدمي بالتحديد، لن يكسر القاعدة، بالخروج عن منهج عمل الحكومات التقليدي بالتعامل مع بعض الإعلام، وكأنه حصان طروادة، لتمرير قرارات حساسة تطول المواطن مباشرةً!
على الأقل، الخوف مشروع، من أن يتحقق ذلك الانطباع الذي خرج به البعض من قاعة اجتماع الوزراء، وخاصةً أن بعض الأسئلة الحرجة تم تجاهلها، بطريقة أو بأخرى.
بصراحة، كانت خيبة الأمل واضحة على وجوه البعض ممن حضروا الاجتماع، وهذا لم يبق محصور بتعابير الوجوه المستاءة، فبمجرد الانتهاء من واجب التصوير ووداع رئيس الحكومة وفريقه، بدأت الانطباعات السلبية تقفز من ألسنة العديد من الزملاء، ونحن نهم بالخروج من المبنى، إذ كنا ننتظر إجابات صريحة بقدر درجة الاستفزازية والوضوح في العديد من الأسئلة التي طرحت خلال الاجتماع، ولكن ما حدث هو قلب لشريط التصريحات المقرر علينا كل ثلاثاء!
البعض منا فقد الأمل بعد الدقائق الخمس الأولى من مقدمة رئيس الحكومة، التي حفظناها عن ظهر قلب، من كثر ما تعاملنا معها صحفياً في الوسائل الإعلامية التي نعمل فيها.. فبدأ الهمس بين البعض «اللـه يستر» من القرارات التي ستصدر قريباً.
وفي المحصلة: لم يكن أسلوب إقناع الإعلام بالتعامل مع الأمور «بواقعية» موفقاً، لأن زاوية الرؤيا من جهة الإعلام تختلف 180 درجة عن زاوية الحكومة في العديد من الملفات، وعلى رأسها الاقتصاد وإدارة الأزمة.