اقتصادالأخبار البارزة

بعد «عقلنة الدعم».. الحكومة تطلق شعار «إعادة هندسة الاقتصاد» … الحكومة أمام «الشعب»: ولادة الجيل الثالث من الاقتصاد ضرورة تاريخية … الحلقي لـ«الوطن»: حالياً.. لا زيادة على الرواتب

لم تكد تمر خمسة أسابيع على اللقاء الختامي لأعضاء الحكومة مع أعضاء مجلس الشعب في آخر يوم من العام الفائت (2015)، حتى عاد الفريق الحكومي إلى تحت قبة «الشعب» لافتتاح الدورة العادية الثانية عشرة من الدور التشريعي الأول.
وبعد جلسة امتدت نحو خمس ساعات، لم يتسن لـ«الوطن» طرح ما في جعبتها من تساؤلات على رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي بسبب خروجه السريع بعد انتهاء الجلسة، والسؤال الوحيد الذي تسنى طرحه وهو يهمّ بالخروج، كان عن وجود زيادة في الرواتب قريباً كما يتداول، فأجاب بالنفي حالياً، على أن يتم العمل على دعم المواطن وفق الخطط الموضوعة والامكانيات المتاحة.
وفي كلمة الافتتاح أكد رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام أن هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الوطن تتطلب من الجميع العمل بأقصى الحدود على الجبهات كافة من أجل مستقبل سورية وشعبها منوها بصمود المواطن السوري الذى قاوم الإرهاب وتمسك بأرضه وبيته.
وعبر اللحام عن تقديره لعمل الحكومة الدؤوب من أجل تأمين مستلزمات الصمود الميداني والسياسي وتأمين احتياجات المهجرين رأى أن هذا لا يعفيها من المسؤولية عن تقصير في بعض القطاعات وفي بعض المناطق مثل دير الزور وحلب وخصوصا في موضوع مياه الشرب والمحروقات ورغيف الخبز والاتصالات.
وأثنى اللحام على جهود العمال الاستثنائية خلف خطوط الإنتاج في ظل الظروف القاسية ولا سيما العاملين في المخابز الآلية لتأمين رغيف الخبز وعلى كل مواطن يقوم بواجبه متوجها بالتحية إلى أرواح شهداء الوطن الأبرار ومتمنيا الشفاء العاجل للجرحى.
ومن جانبه بيّن رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي أن الحكومة الحالية لا تدير أزمة عادية، بل أزمة حادة ومركبة ومعقدة، وتدير مفصلاً مهماً من مفاصل التحول في تاريخ سورية. مشيراً إلى أنه في مثل هذه البيئة الصعبة والقاسية لا يصعب العمل والأداء الحكومي فحسب، بل يصعب أيضاً اعتماد معايير ثابتة للتخطيط والتنفيذ والتقييم، في وقت يتعامل الإرهاب مع بنك أهداف متحركة ولا يدع شيئاً بعيداً عن مرماه.
وأكد في كلمته أن الحكومة لا تخوض الحرب الاقتصادية والخدمية بشكل انفعالي وبمبدأ رد الفعل بل اعتمدت الحكومة مبدأ التخطيط الديناميكي، بمعنى التفكير بإجراءات التخطيط والتنفيذ في بيئة واقعية ديناميكية متحركة، وأهداف متحركة، مع الأخذ بالحسبان التغيرات الناتجة عن أحداث غير متوقعة تحدث أثناء إجراءات تنفيذ الخطط. موضحاً أن التخطيط الديناميكي كان استجابة لخصوصية المرحلة التي يخوضها البلد. مع تأكيد استمرارية العملية التخطيطية من دون الانقطاع عن الموروث التراكمي لنهج التخطيط في سورية ومن دون تغيير هوية الأهداف الإستراتيجية العريضة للتخطيط التي تناسب المجتمع السوري من خلال السعي لتحقيق التنمية المتوازنة.
وأضاف: «كان لزاماً علينا أن نتعاطى مع تداعيات هذه الحرب من خلال إجراءاتنا التي تتماشى مع اقتصاد الحرب المقاوم حيث يكون الهدف الحكومي الأمثل هو تقليل الآثار السلبية لها، والسعي للحد من التراجع في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية ومنعها من التدهور، والمواءمة بين الأولويات والإمكانات وبين الموارد والإنفاق، وبالتالي لا يمكن أن نعيش الاستقرار والمثالية في ظل هذه الحرب والحصار الاقتصادي والوحشية والفكر التخريبي والتدمير الظلامي الذي تحمله هذه المجموعات الإرهابية المسلحة».
بيّن الحلقي أن الأزمة أبرزت الأهمية الكبرى للقطاع العام في الحفاظ على هيكل الدولة والدفاع عن مشروعها السياسي التنموي المقاوم وكخط دفاع أول عن المصالح الاجتماعية ولاسيما للطبقات المتوسطة والفقيرة. منوهاً بأنه في ظل التراجع الكبير لدور القطاع الخاص المحكوم بقواعد الربحية، أفرزت الأزمة طيفاً واسعاً من رجال الأعمال الوطنيين الذين وقفوا إلى جانب الدولة والقطاع العام وأظهروا انتماءً يتجاوز حدود معادلات الربح والخسارة.
وأشار إلى أنه لم يعد هناك مجالا للشك في ضرورة استثمار جميع الموارد الوطنية العامة والخاصة والصديقة في سياق التحضير لعملية إعادة الإعمار من خلال إعادة هندسة الاقتصاد الوطني، وذلك انطلاقاً من واقعية ما سبق، وفي ظل تداعيات واختلاطات هذه الحرب من خلال الخسائر والأضرار التي أصابت الاقتصاد السوري بسبب الأعمال الإرهابية التي أدت إلى تدني تدفق الإيرادات إلى الخزينة العامة للدولة وزيادة الأعباء الجارية غير القابلة للتخفيض كالرواتب والأجور والدعم الاجتماعي والمجهود الحربي.
وأضاف: «لابد من ولادة الجيل الثالث من أجيال الاقتصاد السوري، جيل التشاركية الوطنية الفعالة، كضرورة تاريخية فرضتها أطر التطور من الجيل الأول جيل القطاع العام وما رافقه من مزايا وصعوبات، إلى الجيل الثاني جيل اقتصاد السوق الاجتماعي، إلى استيلاد الجيل الثالث كامتداد طبيعي للأجيال السابقة وكحاجة إرادية واعية لإدارة المعادلة الأزلية بين الموارد المحدودة والحاجات اللامحدودة مع المحافظة على القطاع العام كقطاع رائد وإستراتيجي في المسيرة التنموية».
منوهاً بأنه انطلاقاً من دور الحكومة في إدارة الثروة الوطنية بمكونيها من القطاعين العام والخاص، فقد كان من الضروري إعادة النظر بمقاربة العلاقة التعاقدية بينهما في عقد اقتصادي واجتماعي جديد يوحد جهودهما في سعيهما لتحقيق الهدف المشترك وهو رفاهية المواطن السوري منتجاً كان أم وسيطاً أم مستهلكاً، فكان صدور قانون التشاركية رقم /5/ لعام 2016، حيث تنظر الحكومة إلى الشراكة على أنها نظام سياسي اجتماعي اقتصادي متكامل يهدف إلى إشراك جميع المواطنين السوريين داخل القطر وخارجه في عملية البناء والتنمية.
ولم ينس الحلقي الهمّ المعيشي، مبيناً أن الحكومة تتابع تركيزها على الوضع المعيشي للمواطنين بمختلف شرائحهم من خلال الاستمرار بتوفير احتياجاتهم من السلع الأساسية والحد من انخفاض الليرة السورية، والاستمرار بتقديم الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وماء وكهرباء واتصالات ونقل وغيرها، بأفضل السبل وضمن الإمكانات المتاحة، وبتقديم الدعم للسلع والخدمات الأساسية وحوامل الطاقة والاستمرار بمشروع عقلنة الدعم وضبطه وتوجيهه نحو الفئات الأكثر فقراً، وتدوير مخرجات هذا الوفر من الدعم لتحسين المستوى المعشي والخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين وتأمين صمود قواتنا المسلحة. مشيراً إلى استمرار الحكومة بتنفيذ مشروع الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد بكل أشكاله وفضح الفاسدين والمفسدين وتطهير المجتمع منهم، وستمضي في برنامجها التقييمي والتقويمي للمفاصل القيادية في الإدارة الحكومية.
وأضاف «لن تتهاون الحكومة بمحاسبة المعتدين على المال العام وسارقي قوت الشعب، وستعمل على ترسيخ منظومة إدارية متطورة تعتمد على الدقة في اختيار الكوادر الإدارية على أساس الكفاءة والنزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص، بعيداً عن الرضوخ للاعتبارات مهما كان مصدرها وستعمل على ترسيخ مبدأ الدور التكاملي بين الجهات الحكومية والأجهزة الرقابية والسلطة القضائية والفعاليات المجتمعية وتعزيز مفهوم الإعلام الاستقصائي لنشر ثقافة محاربة الفساد».

نواب الشعب يسألون الحكومة
طالب اعضاء مجلس الشعب الحكومة بضرورة الاجابة على العديد من التساؤلات والاستفسارات التي يتم تداولها في الشارع بعيدا عن عين الحكومة لاسيما موضوع الغلاء والفساد والمحسوبيات… وما الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من كل ذلك.
من جانبه ركّز النائب صفوان القربي على ما يجري في بعض المؤسسات الحكومية من خلل مطالبا بتعديل بعض المفاصل الادارية الحكومية لجهة تشديد الرقابة على المؤسسات وخاصة المؤسسات التي ينتشر فيها الفساد واصفا وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بانها مجرد وزارة تطلق نظريات في الاقتصاد فقط في حين وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مازالت وزارة بدون عمل وقراءتها ضعيفة للأسواق متسائلا عن أداء المصرف المركزي والعلاقة مع «دكاكين» الصرافة –على حدّ تعبيره- واصفاً أداء المركزي بغير المريح رغم محاولات تلميعه، فالدولار يرتفع أمام الليرة.
أيده بذلك النائب صالح حويجة عندما وصف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن لا علاقة لها بالمستهلك نهائياً لأن المواطن لا أحد يسأل عنه وليس له حماية وكل ما تقوله الوزارة مغاير تماما للواقع خاصة في ظل الغلاء الجنوني.
ولفت العديد من نواب الشعب إلى أهمية معالجة ظاهرة التضخم النقدي والتركيز على المواد الاساسية والضرورية والابتعاد عن سياسة التمويل بالعجز واعتماد التقشف للتخفيف من ظاهرة التضخم قدر الامكان مطالبا بإعادة النظر ببعض الادارات وكيفية عملها وأدائها.
ودعا نواب إلى تشكيل وفد نيابي لزيارة لبلدتي نبل والزهراء للوقوف على الواقع المعيش والتمويني بالبلدتين مطالبين بضرورة التعرف على نتائج التحقيق الخاصة باستجرار محاليل غسيل الكلية من تركيا بالرغم من وجود قرارات تمنع أي استجرار لمواد وبضائع تركية المنشأ.
بدوره دعا النائب أكرم خليل إلى الارتقاء بالجهود والاداء بما يوازي تضحيات الجيش العربي السوري وزيادة الدعم المخصص لهم وبأسر الشهداء إضافة إلى توسيع رقعة المصالحات الوطنية في جميع المناطق وتشجيع الفلاحين على استثمار أراضيهم الزراعية وحمايتها من التعديات والحرائق وتعويضهم عن الخسائر الناتجة عن الاعمال الارهابية وخاصة المنشآت التي لحقها التدمير والتخريب وزيادة المخصصات الاغاثية للمدينة والاهم من ذلك العمل على تعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية والتشدد في مراقبة الاسواق التجارية وضبط المخالفين والمتلاعبين بالأسعار وخاصة مادة اللحوم وتخصيص أماكن بديلة لورش الصيانة واصلاح السيارات التي لحقها التدمير والتخريب .
في حين انتقد النائب مجيب الدندن العديد من القرارات الحكومية لافتاً الى أهمية تأمين الحماية الكافية للمدينة الصناعية في الشيخ نجار بمدينة حلب، ومطالبا بضرورة اعادة النظر ببعض القرارات الخاصة بالاستقالات والاجازات بلا أجر للموظفين وخفض رسوم التعليم المفتوح وإعادة اصدار هويات مدنية وجوازات سفر جديدة منعا للتزوير.

الحلقي يجيب
أكد رئيس مجلس الوزراء في معرض رده على تساؤلات النواب أن ارتفاع سعر الصرف الليرة السورية أمام الدولار هو نتيجة تراكم وأن السعر الحالي للدولار هو رقم متوازن مقارنة مع حجم الازمة التي تمر بها البلاد والتي أثرت على كل مفاصل الاقتصاد الوطني ومصادره الاستراتيجية موضحا أن مفرزات الازمة حادة ومعقدة ومركبة فنقص الامكانات التي انعكست سلباً على جميع الخدمات المقدمة للمواطنين يقتضي بذل المزيد من الجهد والعمل وتقويم الأداء وأن الحكومة ستبذل أقصى ما تستطيع لتعزيز صمود المواطنين.
وأضاف إن نقص الموارد الحاصل هو أحد أسباب ارتفاع الاسعار بالسوق اضافة الى اصابة القطاعين الزراعي والصناعي بالكثير من الضرر ما أدى الى انخفاض تدفق السلع الى السوق الى جانب أن الكثير من المنتجات تعتمد في انتاجها على مواد أولية مستوردة ومرتبطة بأسعار القطع لافتاً إلى الإجراءات التي تتخذها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لمحاربة المستغلين والمحتكرين إضافة الى محاولات مؤسسات التدخل الايجابي في الوصول الى جميع المناطق.
وأشار إلى أن هناك محاسبة دورية للادارات من الوزراء داعياً إلى إجراء تقويم مستمر لاداء الادارات لتشخيص مواضع الخلل والفساد وهناك الكثير من المعالجات داعياً أعضاء المجلس إلى تزويد الحكومة بمعلومات تتعلق باي حالة فساد في أي مؤسسة اقتصادية أو خدمية.
وأكد أن السلع المستوردة تجزأ لأكثر من تاجر لضمان تكافؤ الفرص. وأشار إلى أن خيار الحكومة بالتمويل بالعجز سببه قلة وشح الموارد، وأمل بتحسن الإنتاجية في المناطق الصناعية ولاسيما في حسياء وعدرا والشيخ نجار بعد إبرام عقود لحماية المدينة وتفعيل الحركة الصناعية الإنتاجية وتأمين الكهرباء والمحروقات.
ونوه بالجهود التي تبذلها الحكومة لتأمين المواد والسلع الاساسية الى الأهالي في مدينة دير الزور أشار الحلقي إلى أن عقود التشغيل السنوية للعاملين في الحسكة ودير الزور سيتم تجديده في حال استمروا بالعمل في المؤسسات التي تعاقدت معهم في هاتين المدينتين.
وبين الحلقي أنه تم وضع ضوابط للإجازات بلا أجر والاستقالات للعاملين بالمؤسسات الحكومية بما يحفظ حقوق العاملين إلى جانب مراعاة موضع نقص الموارد البشرية في تلك المؤسسات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن