قضايا وآراء

هل تجرؤ «المملكة» على تنفيذ تهديدها؟

| باسمة حامد 

التهديد السعودي بالتدخل البري في سورية الذي جاء بالتوازي مع زيادة الأنشطة العسكرية التركية على الحدود.. لم يؤخذ على محمل الجد لدى محور موسكو (المسألة اعتُبرت مجرد مزحة سياسية)، فهل ستجرؤ المملكة على الدخول البري تحت شعار «محاربة داعش» وخصوصاً أنها تواجه اتهامات دولية بدعم الإرهاب وبقتل المدنيين العزل في اليمن؟
في الواقع من الصعب توقع الخطوة السعودية المقبلة، إلا أن إقدام السعوديين والأتراك على ارتكاب حماقة جديدة ليست مستبعدة في ظل ما سربته «سي إن إن» حول تجهيز النظام السعودي لقوة برية متعددة الجنسيات يصل عددها إلى نحو 150 ألف جندي للدخول البري في سورية.
مع ذلك فإن فرصة الحليفين لإحداث تحول لمصلحتها تكاد تكون معدومة على خلفية التقدم السريع للجيش السوري وحلفائه واقترابه من تحرير حلب «كنقطة تحول دراماتيكي في الحرب» و«ضربة قاصمة» لطموحات الرياض وأنقرة وفق تعبير مراكز الأبحاث الأميركية.
والحديث الآن في الغرب يدور عن اتجاه سورية نحو إنجاز «النصر الكبير» وذكاء (النظام) بتوظيف الميدان في المسار السياسي، وبناء عليه ثمة تركيز دولي واضح على مسألة محاربة الإرهاب مع رفض المطلب الأساسي لدى أنقرة والرياض أي: «رحيل الرئيس الأسد»، وهذا التوجه يُقرأ من خلال المؤشرات التالية:
1- تعليق جنيف 3 دون الإعلان عن انهياره، واتفاق لافروف وكيري على بذل الجهود المطلوبة من أجل تقصير مدة تعليق الحوار السوري السوري، وتبرؤ واشنطن من مسؤوليتها اتجاه وفد الرياض (جون كيري حمّله مسؤولية إخفاق المحادثات التي لم تبدأ أصلاً).
2- انتقاد الأمين العام للأمم المتحدة لبريطانية لإصرارها على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى السعودية التي تقوم: «بقصف عشوائي ومن دون تمييز على اليمن».
3- تحذير بان كي مون من وجود «34 مجموعة مسلحة من مختلف أنحاء العالم بايعت تنظيم داعش» الذي يمتلك إمكانيات مالية ضخمة بلغت «400 أو 500 مليون دولار العام الماضي مقابل بيعه النفط ومشتقاته رغم فرض مجلس الأمن الدولي حظراً على شراء النفط منه.. إضافة إلى أنه يحصل على مليار دولار سنوياً» من خلال فرض الأتاوات على سائقي الشاحنات ومصادرة الممتلكات والمنازل وتهريب الآثار.. في السياق ذاته، لفتت عضو لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان في سورية «ديل بونتي» لصحيفة سويسرية إلى أهمية «تضافر جهود المجتمع الدولي مع الحكومة السورية لهزيمة الإرهاب»..
وكل ما سبق يؤكد أن المحاولات السعودية التركية المتأخرة لمواكبة المناخ العالمي حيال محاربة الإرهاب والتطرف من شأنها أن تبوء بالفشل، فتحالفهما الوثيق مع التنظيمات الإرهابية لم يعد سراً خافياً على أحد، إضافة إلى أن محاربة «داعش» لا بد أن تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية والقوات الموجودة على الأرض بشكل شرعي (وهو أمر ما زال مرفوضاً للطرفين)، ومن المفيد في هذا الإطار التذكير بأنهما رفضا العام الماضي الانخراط بمبادرة الرئيس بوتين (تشكيل تحالف جدي لمحاربة الإرهاب بالشراكة مع النظام السوري).
أما دخول أي قوة برية بلا موافقة الجانب السوري فستعتبرها موسكو خروجاً عن القانون الدولي انتهاكاً لسيادة الدولة، وستصطدم حتماً برد فعل مباشر من حلفاء دمشق، ووزير الخارجية وليد المعلم وضّح هذه النقطة خلال مؤتمره الصحفي بالقول: «أي تدخل بري في الأراضي السورية من دون موافقة الحكومة هو عدوان.. والعدوان يستوجب مقاومته التي تصبح واجباً على كل مواطن سوري ونؤكد أن أي معتد سيعود بصناديق خشبية إلى بلاده».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن