ثقافة وفن

هل يغير الزمن من مواصفات الحب؟ حب واحد رغم اختلاف ساعة الزمن .. في قلوب هشة غيرت إيقاع النبض

| سوسن صيداوي

هل تغيرت الدنيا وتغير معها الحال، لماذا الكل مصر على أن الماضي بما فيه وبكليته كان أجمل وبأن الحب فيه كان أرقى والمشاعر كانت صادقة وحتى كما تقولون بأن الأشواق كانت فيه حارة متأججة دائماً ولا يمكن لأشد العواصف أو أعظم السيول بأن تطفئها، حتى الأشعار كانت مختلفة والأغاني والألحان كانت كذلك.
ما السر بعمق الحب في ذلك الزمن وما السر بأنه يحظى بالمقارنة الدائمة مع التأييد الواضح والصريح بأن الماضي هو الأجمل، ولكن السؤال: نحن في يوم من الأيام سنكون ماضياً مضى فهل سنكون الأفضل من المستقبل اللاحق لنا، هذا أمر يخفيه الزمن كما ستبرهنه الحياة بكل تفاصيلها وببساطتها وتعقيدها وبمظاهرها، ولكن ما دفعني إلى قول هذا هو كيف سيكون الحب بالمستقبل فنحن نمتطي ركب السرعة بالتكنولوجيا وأصبح بمتناولنا كل شي وبإمكاننا فعل كل شيء، فالشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعي حجّمت البعد وقلصته إلى حدود هي الأقرب لنا ومنا، وها أنذا أعرف بكل تفاصيل حياة أصدقائي وأحبائي حتى لو كانوا بآخر الكرة الأرضية، وما من داع للانتظار أو حتى لينفد صبري أو أكون مثل ليلى أو غيرها من الحبيبات الماضيات بمصارعة الشوق ومناجاة الحبيب في الليالي الصيفية الحارة ذات القمر الساطع أو حتى الثلجية القاسية البرودة، لأنه وببساطة شديدة أصبح الحبيب بالمتناول سواء أكان بالرسائل أو حتى بسماع الصوت أو أيضاً بالصورة عبر الكاميرا وبمجرد الاتصال.
هذا شيء جميل وأنا لا أنتقده على العكس سأكون سعيدة في حياتي، لقد أصبح كل شي أسهل فما من داع للانتظار ولا حتى هناك حاجة إلى سهر الليالي، هنا توقفت قليلاً فالتفكير أصبح متناقضاً، ومن قال: إن الحب صار أسهل وبأنه لا داع للسهر أو التفكير بالانتظار، فالحب هو حب أينما كان وفي أي زمان، وحتى لو توافرت لدي بالمستقبل طائرة بدلاً من السيارة أو سيارة طائرة أو عائمة وكل ما هو لتسهيل حضوري مع الحبيب أو حتى لتواصلي معه فالشوق سيبقى وسترافقه الغيرة مع القلق والانتظار الطويل الممزوج بتعب أرق السهر، لأنه وببساطة شديدة هذه هي التركيبة السحرية للحب فمن غير تلك العناصر لن يكون هناك حب.
الحب ليس فرحاً ولا حتى لعباً وليس هو بالضحك والمزاح ولا يعرف الحب الكلام المعسول ولا يكسبه الصبغة الحبيّة الالتزام بالحبيب وملاحقته على مدار الساعة والدقائق وحتى الثواني بحجة مشاركته تفاصيل حياته، يقولون: الحب مذاقه حلو كالسكر وهو جدّ مستساغ ولو كان يباع أو يشترى لوجدت الناس واقفة بالطوابير لشراء جرعات منه، على الرغم من أن النشرة التفصيلية له بالمكونات وما يتبعها من التأثيرات السلبية، وطبعاً من بعض أعراضها بأنه ممكن أن يرافق جرعة الحب وجع ناتج عن الخذلان.
كما يمكن لمتناول الجرعة أن يشعر بأن هناك شعوراً خانقاً يعصر قلبه ويقطعه إلى أجزاء ستحتاج زمناً طويلاً عن تناول الجرعة لترميمها وأيضاً هناك من التأثيرات السلبية لهذه الجرعة بأنه يترافق معها ضغوطات نفسية وعقلية سيصعب على من هم من ذوي الإحساس المرهف والحس الكبير بالرومانسية تجاوزها بسهولة ومتابعة حياتهم وكأن شيئاً لم يحصل، إذاً ما العيب في الحب وما العيب فيه في زمننا هل نحن الذين أكثرنا منه أم إننا بخلنا على أنفسنا بروعة حقيقته واكتفينا بما هو مصدّر لنا من الخارج، وهل نحن الذين تغيرنا أم الحياة هي التي تأبى أن تبقى على حالها وربما معها إرادتنا التي تلهث مجتهدة وراء الحب وعندما تصل إليه تكبله بكل ما يمكن من أشكال القيود والأغلال، كيف سيكون الحب في المستقبل وهل ستمكنني التكنولوجيا بأن أرسل هدايا ثلاثية الأبعاد إلى الحبيب، أو ستمكنني من إرسال صور تخصني ثلاثية الأبعاد، أو ربما سيخترعون طريقة جديدة، فهم بالطبع جادون بالسعي نحو كل ما هو جديد ومتطور كما أيضاً نحن جادون بأن نستهلك كل ما يرسلونه لنا، ولكن مهما فعلوا ومهما فعلنا فهل سيكون من السهل تغيير ثقافاتنا وسلوكنا وأن تكون حقيقة الحب واضحة فينا غير منسوخة ولا نتبع فيها أي تقليد من المجتمعات الأخرى، وهل سيكون حبنا بمرحلته وبأغانيه وبكليته عظيماً، وفي النهاية أمنيتي لكم لن تكون كالمعتاد «happy valentine day» بل أمنيتي لكم «كونوا الحب كل يوم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن