قضايا وآراء

«عبقرية» الجبير في المُقتَرح الفاشل

| صياح عزام 

ما زالت العائلة السعودية الحاكمة ماضية في تخبّطها وارتباكها في ضوء فشل السياسات التي تمارسها في الوطن العربي، ولاسيما تجاه اليمن وسورية. وكان آخر ما تفتقت عنه عبقرية «الجُبير» اقتراح تشكيل قوة برية لقتال داعش في سورية.
إن هذا المقترح يُثير العديد من التساؤلات السياسية والتقنيّة التي تستدعي الإجابة عنها للوقوف على جدّيته، وعلى طبيعة التحديات التي تواجهه.
أبرز هذه الأسئلة: ممن سيتشكل قوام هذه القوة؟ وتحت أيّ مظلّة ستكون؟
ومن أين ستدخل إلى سورية لمحاربة داعش؟ وماذا سيكون الردّ السوري وردّ حلفاء سورية؟
في سياق الإجابة عن هذه الأسئلة والتساؤلات نقول:
1- إن السعودية لا تمتلك وحدها المقدرات البشرية لتشكيل هذه القوة، وخاصة أنها تتحدث عن أنها ستتألّف من /150/ ألف جندي، هذا في الوقت الذي لا تزال تغوص في وحول اليمن، وعالقةً بين جباله ووديانه… لقد راهنت- كما يعرف الجميع- على حسم عدوانها على اليمن في غضون /أسابيع/، ولكنها اقتربت من العام من دون أي حسم، وهذا يعني بوضوح، أن مركز الثقل في هذه القوة سيكون تركيّاً، وهذا ما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة جداً من بينها إمكانية اندلاع حرب بين روسيا وتركيا تأكل الأخضر واليابس.
2- من الواضح أن هذه القوة ستتشكل تحت مظلة «فوق قومية»، إذْ إنها مفتوحة لمشاركة عدة دول إسلامية حسب التصوّر السعودي… لا شك بأن مجلس الأمن لن يستطيع إعطاء تفويض لهذه القوة في ضوء وجود روسيا والصين… لهذا سيكون التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن المظلّة الأكثر ترجيحاً، لكن من دون توافق روسي- أميركي، شيء آخر مهم وهو أن الإدارة الأميركية الحالية من الصعب عليها أن تصبّ الزيت على النار في شمال سورية، كذلك، فإن روسيا لن تصمت أمام ذلك.
3- أما ما يتعلق بدخول هذه القوة إلى سورية، فهل سيكون من البّوابة التركية أم من البّوابة الأردنية (أي الجنوبية)؟ لا شك بأن الأردن- ومهما اشتدت الضغوط عليه- /سيعدُّ للألف/ قبل أن يفتح حدوده لدخول هذه القوة، بسبب تداعيات ذلك على أمنه واستقراره وحتى على وجوده… إذاً، تبقى البوابة التركية الحدودية مع سورية هي المرجحة لدخول قوات تركية- سعودية إلى سورية بزعم محاربة (داعش) كما هو مُعلن. هنا تبرز تساؤلات كثيرة، منها: هل سيقف أكراد سورية والعراق وتركيا مكتوفي الأيدي؟ وكيف ستتعامل روسيا مع هذا الأمر بعد أن دفعت أثماناً في محاربة الإرهاب جدياً خلال ما يقارب خمسة الأشهر الماضية، ثم كيف ستتصرف إيران والمقاومة الوطنية اللبنانية؟
باختصار، سترتسم اصطفافات وتحالفات جديدة متعددة.
4- ربما يطرب أو يسر هذا المقترح السعودي الإدارة الأميركية مع اشتراطها «نظرياً» أن تكون هذه القوة لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي من دون سواه، بمعنى أن تكون المهمة الأولى لهذه القوة محاربة داعش، ومن ثم لكل حادث حديث»؟
إن هذه اللعبة «داعش اليوم، وغداً لكل حادث حديث» لن تمر على أحد، فسورية وحلفاؤها، يدركون تمام الإدراك أبعادها ومراميها، فإذا كانت المرحلة الأولى لمهمة هذه القوة محاربة داعش نظرياً، فإن المهمة اللاحقة والأساسية ستكون محاولة «إعادة التوازن» إلى المعادلات السورية التي اختلت مؤخراً لمصلحة الجيش السوري على أثر الانتصارات النوعية التي حققها على مختلف الجبهات؛ هذه هي المهمة الرئيسية للقوة المقترحة، أما الادعاء بأن مهمتها محاربة داعش فهو مجرد «كذبة» و«فرية» وذريعة مكشوفة وواهية.
الخلاصة، إن قدر لهذا المقترح الذي يلاقي «الترحيب» الأميركي المفتوح أن يترجم على الأرض، فإنه سيضع المنطقة أمام «سياسة حافة الهاوية» التي ستجر المنطقة بأسرها إلى جحيم حرب إقليمية شاملة، وقد تشعل شرارتها حرباً بين القطبين الكبيرين اللذين بدورهما يعملان على تحاشيها بكل الوسائل وتحت أي ظرف، إنه مقترح يحمل التعثر والفشل بين جنباته، مقترح (المفلس)، لأن عراقيل وعقبات كبيرة تعترضه، وبالمقابل، فإن النجاحات والاختراقات المميزة التي حققها أبطال الجيش السوري ستستمر بإذن اللـه حتى يتم تحرير كل الأراضي السورية من رجس الإرهاب الوهابي التكفيري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن