قضايا وآراء

إضاءات على قرار التدخل العسكري للجارة وحلفائها

|د. دانيال بولس – سفير النوايا الحسنة للسلام والإنسانية

قد يفاجأ العديد من القرار السريع الذي اتخذته كل من تركيا وحلفائها مؤخراً للتدخل جواً وبراً بالحرب الدائرة في سورية بعد أن دعموا كل أشكال المسلحين والإرهابيين فيها بشتى الوسائل الممكنة وعلى الأخص الإعلامية وقدموا السلاح والمال وسهلوا دخول الإرهابيين إليها من كل أصقاع الأرض وشراء ضمائر العديد من أصحاب القرار في بعض الأحيان، ويبدو أن تلك الدول التي راهنت على انهيار الدولة السورية وإزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة بعد أن عملت جاهدة على ذلك لخمس سنوات متواصلة شعرت بأن الأزمة تقترب من نهايتها في ظل تقدم الجيش والانتصارات التي يحققها فقررت دعم المقاتلين من داعش وبقية الفئات المسلحة لإطالة عمرها، لعل وعسى تتمكن بذلك من لعب شوط إضافي من خلال سياستهم وخططهم التي باتت في مهب الريح، ولعلها أيقنت بأنه وحتى إعلان المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا الموعد الجديد لاستئناف المباحثات السورية السورية بجنيف لن يبقى لهم ولا لوفودهم التي يرسلونها تحت مسميات مختلفة للمعارضة ما يفاوضون عليه.
الأمر الآخر لعله خوف الجار الغادر من تجمع عدد أكبر من المسلحين بعد أن فاق عددهم عشرين ألفاً يحتمون ببعض المدنيين على حدوده بعد أن قاموا بحلق ذقونهم وتنازلوا عن أسلحتهم هرباً من الموت تحت أقدام أبطال الجيش العربي السوري، وخاصة بعد تهديده بفتح الحدود وتمهيد طريق هؤلاء الإرهابيين إلى دول أوروبا الأمر الذي لم تعر له دولة أوروبية واحدة أي اهتمام، فقرر مع حلفائه الذين يرى نفسه محاصراً معهم بخندق واحد التخلص من هؤلاء المسلحين قبل دخولهم لأراضيه عنوة ما سيؤدي إلى انتقال جزء منهم إلى أوروبا وعودة عدد آخر لأوطانهم بعد أن أصبحوا بجاهزية عالية بالقتال واعتادوا سفك الدماء والسلطة، ويأتي ذلك بعد تخلي العديد من الدول التي شاركت بالحرب على سورية عن شرط خروج الرئيس الأسد من السلطة وعن سياستهم التي فشلت مع هذا البلد المقاوم والرئيس البطل حيث بدؤوا فعلاً باتخاذ منحى آخر تجاه الأزمة
وهناك احتمال آخر يرتبط مع بدء العمليات العسكرية المفاجئة للجيش العربي السوري بالرقة إذ قرر الحلفاء أن يتدخلوا عسكرياً لتخليص أزلامهم وخبرائهم العسكريين الذين زرعوهم مع عدد من عناصر المخابرات الإسرائيلية وضباط من دول أخرى معادية لسورية بعدما قدموا الدعم اللوجستي والخطط العسكرية لداعش وغيرها من الفصائل الإرهابية المسلحة طوال فترة الحرب على سورية وخاصة أنه قد شاع خلال الأزمة بأن الرقة هي المركز الرئيسي لتلك العمليات والتوجيهات وفيها أكبر مستودعات لأسلحتهم وذخيرتهم كذلك هناك تأكيدات بأن الرقة تعتبر أكبر تجمع للإرهابيين بعد لجوء عدد كبير من فلولهم إليها من المناطق التي سيطرت عليها الدولة مؤخراً، وهنا نرى أنهم غير قادرين على تخليص هؤلاء المنهزمين إلا من خلال تدخل بري بسورية بحجة محاربة الإرهاب والوصول إليهم أو تدخل جوي لتوفير غطاء لهم لإخراجهم من مستنقعهم الذي أحاطه الجيش العربي السوري تمهيداً لإبادتهم
في جميع الأحوال نقول: إن سورية قد انتصرت على الإرهاب بفضل اللـه تعالى والقيادة الحكيمة وأبطال الجيش العربي السوري ووقوف الحلفاء والأصدقاء إلى جانبها والتفاف الشرفاء من أبناء الشعب السوري حول قيادتهم ومع الرئيس بشار الأسد..
وأخيراً لا يسعنا إلا أن نحيي مصر والكويت على موقفهما العروبي الشجاع والمشرف بالإعلان عن رفض التدخل العسكري بسورية، علماً بأن الأيام القليلة القادمة ستثبت للجميع ما سبب سرعة قرار التدخل العسكري لبعض الدول بهذا الوقت بالتحديد وما دور «التحالف الإسلامي» المزعوم ولمصلحة من سيعمل إذا تمكن من العمل!؟!؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن