قضايا وآراء

السعودية تعمل بقاعدة «من ليس معنا فهو ضدنا»

| صياح عزام 

تتوالى الإرباكات في السياسة السعودية بعد أن تورطت في أكثر من مكان بدءاً من تورطها في سورية بتبنّي ودعم مجموعات إرهابية مسلحة، مروراً بما سمته عاصفة الحزم ضد اليمن، وقبل ذلك كله تورطها في ضعضعة استقرار العراق والمساعد على غزوه وتدميره وما لحق به من ويلات حتى الآن، ولاسيما ابتلائه بتنظيم داعش الإرهابي الذي احتل ما يقارب من نصف أراضيه.
في مسلسل الإرباكات، هذا جاء القرار السعودي بوقف المساعدات التي تقرر منحها للجيش اللبناني وقواه الأمنية والبالغة /أربعة مليارات دولار/.
لقد شكّل هذا القرار هزة سياسية كبيرة، من المتوقع أن تتواصل تداعياتها وارتداداتها حتى موعد غير معروف.
بداية، تجدر الإشارة إلى أن هذه المساعدة المشار إليها بقيت حبراً على ورق منذ زمن طويل، وظلّت حبيسة الأدراج والمكاتب ورهناً للسمسرات والعمولات، بمعنى أنها لم تترجم على أرض الواقع ما أوحى وأكد أنها لم تكن جدّية.
التبرير السعودي الرسمي لخلفيات وأسباب قرار وقف المساعدة لم يكن مُقنعاً، بل كان جائراً وواهياً، لماذا؟ لأنه- على ما يبدو استند إلى قاعدة غير موضوعية وعدائية أمريكية، سبق للرئيس الأمريكي «بوشن الابن» أن استند إليها وطبقها على أرض الواقع وتقول «من ليس معنا فهو ضدنا»، تماماً مثل تسمية العدوان السعودي على اليمن «بعاصفة الحزم» تيمّناً بعاصفة الصحراء الأمريكية على العراق… إذاً، هناك ما يشبه «الهَوَس» لدى العائلة السعودية بكل ما هو أمريكي!
نعود للتبرير السعودي، حيث جاء في سياقه ما معناه، أن لبنان لم يتخذ موقفاً داعماً ومؤيداً للسياسات السعودية في المحافل الدولية والإسلامية والعربية في مواجهة المملكة لإيران، وخاصة بعد ما وُصِفَ بالاعتداء على سفارة وقنصلية السعودية في طهران ومشهد، وأن وزير الخارجية اللبناني امتنع عن مجاراة الموقف السعودي وآثر «النأي بالنفس».
في الرد على هذا الموقف السعودي العِدائي يمكن القول:
1- إن صدور هذا القرار في هذه الظروف بالذات لا يمكن تفهمه وقبوله، ولماذا جاء متأخراً؟ الإجابة واضحة، وهي أن الحكومة السعودية تعاني من ضائقة مالية بعد ورطتها الكبرى في اليمن وعجزها عن تحقيق أهدافها هناك رغم ما دفعته من أموال باهظة حتى الآن.
2- إن حزب الله لم يكن البادئ بتوجيه الانتقادات للسعودية، بل كان على مدى سنوات يمد اليد للسعودية، ويدعو- على لسان أمينه العام- سماحة السيد حسن نصر الله للتعاون، والسعودية هي التي شنّت وما تزال أعنف الهجمات على الحزب وتصفه بالإرهابي رغم أنه مكون لبناني أساسي.
أما الورقة الثانية التي تُلوح بها العائلة السعودية ضد لبنان فهي «ورقة الجاليات اللبنانية في الخليج» لتكون أداة ضغط ثانية على لبنان لتغيير مواقفه، والآن يُخشى من أن تلجأ السعودية إلى عملية «طرد وتسيير» جماعي تعسفي لألوف اللبنانيين العاملين في دول الخليج كافة وليس في السعودية فقط.
لا شك بأن هذا المنطق الأعوج وقبل ذلك العدواني الذي يحكم علاقات السعودية بالدول العربية غير مقبول، فهو يُسهم في قطع الأرزاق لآلاف العائلات، وفي تقطيع العلاقات بين المجتمعات العربية، وفي خلق انعكاسات سلبية على الوضع الداخلي في لبنان والتعايش السلمي لأهله.
علاوة على ذلك، فإن للبنان «وضعية خاصة» لا تسمح له بالانخراط في سياسة المحاور السعودية لأن مثل هذا الانخراط يؤدي إلى إعاقة عمل مؤسسات الدولة.
أخيراً، إن هذه السياسة السعودية هي سياسة ابتزاز رخيصة، سياسة انتقامية وصبيانية، وبالتالي قد يتساءل المتابع: هل تلجأ السعودية إلى «عاصفة» جديدة ضد لبنان؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن