ثقافة وفن

صرخة جريئة مصوبة نحو الضمائر والعقول…«الطريق إلى الشمس» انهزام الاحتلال المتعاقب على سورية مهما غيّر في هندامه ولكنته

وائل العدس

 

دعا الفريق الإعلامي لمسرحية «الطريق إلى الشمس» إلى حضور مؤتمر صحفي خاص بإطلاق العمل المسرحي الاستعراضي في الثانية عشرة من ظهر اليوم في دار الأسد للثقافة والفنون بحضور وزيري الثقافة والإعلام ومخرج العمل والنجوم المشاركين، على أن يقام حفل الافتتاح في الخامس من شهر أيار القادم.
العمل من إنتاج وزارتي الثقافة والإعلام ودار الأسد للثقافة والفنون بالتعاون مع ميثا للإنتاج الفني.

تاريخ طويل
«الطريق إلى الشمس» عمل درامي غنائي استعراضي يحكي بلهجة سوريّة حكاية سوريّة تختصر تاريخاً طويلاً من الاحتلال المتعاقب على سورية وشعبها وكيف كان يهزم في كل مرة مهما حاول أن يغير في هندامه ولكنته.
لماذا تقدمون حكايتكم في هذا القالب التقني؟ يجيب القائمون على العمل في بيانهم الصحفي: في خضم الألوان العديدة للمسرح ومشاربه، وفي قمة الغزو المرئي والمسموع لبيوت الناس، ارتأينا أن نؤكد أصالة وشمولية المسرح الاستعراضي وما يمكن أن يصيبه في أفئدة الجماهير من حظوة جمالية وغنى فني وفكري، وإذا كان المسرح أبو الفنون فإن ما لا شك فيه أن المسرح الاستعراضي يقدم فنوناً صريحة لا مناص من جاذبيتها وجماليتها، ففيه نقدم الحكاية والحبكة والصراع المشوق المثير المستند إلى الوثائق التاريخية المثبتة ممزوجاً برقص فني تعبيري لا يقل عنه سحراً مصحوباً بغناء عذب وموسيقا أخاذة، مع الأخذ بعين الاعتبار البعد السينوغرافي المحترف شاملاً الأزياء والإكسسوارات والإضاءة، طامحين إلى تقديم جرعة جمالية عالية لا تحتمل متعة مشاهدتها القسمة على اثنين، ولأن رسالتنا هي الوطن والوطن حق فنحن منوطون بالضرورة أن نزاوج الرسالة بالجمال والغنى والمتعة.
وأضافوا: المسرحية دعوة صادقة للجمال في قلب البشاعة وهي صرخة جريئة مصوبة نحو الضمائر والعقول.. ولم لا يكون الفن بكل ميادينه بندقيتنا المشهرة في وجه غربان العالم المتآمر؟ سنحارب أعداء سورية بإنجازات موهوبيها وبإرادة العقل. إنها فكرة حقيقية نقية نوردها لتخطر في كل بال مفادها أن الوطن حي ونحن به نحيا ونتحرك ونوجد.

حكاية العمل
العمل درامي استعراضي، الدراما فيه مستندة إلى أحداث تاريخية مثبتة بالوثائق وهي تشمل ما يقارب المئة سنة من حياة سورية، ابتداءً من الاحتلال العثماني مروراً بالانتداب الفرنسي ووصولاً إلى يومنا الحاضر وما ألم ببلادنا من مصاب.
يحكي القصة كهل يعاصرنا بصحبة حفيدته التي تتعرف على ما لا تعرفه ألا وهو الوطن، بداية وفي عام 1896 وفي ظل الاحتلال العثماني السيئ الذكر ضربت المجاعة سورية وأثقلت الضرائب كواهل الأهالي ونفذت أحكام الإعدام بالوطنيين الأحرار أمثال ذوقان باشا الأطرش الذي يرسل بدمه صك متابعة النضال لابنه سلطان البطل السوري القومي، أما التجنيد الإجباري فلم يبق من الشباب أحداً ولم يذر، ولأن الغلظة العثمانية طبع متجذر فقد أحكمت السجون على الناس المتخلفين عن دفع الضرائب وعانى شعبنا ما عاناه، وهنا يتم إلقاء الضوء على قرية «عرمان» تلك القرية الوادعة في جبل العرب، وقد انبرت البطلة الشابة الجميلة «ميثا» لتكسر قيد الأنثى الشرقية وتهب لترد أهلها من سجون الغزاة.
تقابل «ميثا» الوالي الذي يعجب بها ويطلب الزواج منها فتحتال عليه بأن العادات المتبعة توصي بأن يتقدم لأهلها وعشيرتها لذا فلزاماً عليه أن يطلق سراحهم أولاً.
يبتلع الوالي الطعم وتعود «ميثا» لقريتها وقد نشر «عطاب» ابن القرية العميل للعثمانيين الإشاعات التي تطعن بشرف «ميثا» وعفتها لكنها توضح الأمر للوجهاء وتخبرهم بحيلتها فتهدأ النفوس وينبذ «عطاب» الذي يدس للوالي بمكيدة «ميثا» وتلاعبها به.
يشعر الوالي بأنه خدع فيوجه حملة للاقتصاص منها وأهلها الذين يسبقون الحملة بشحذ الهمم والتوجه لملاقاة العثمانيين في منطقة «الخراب» الوعرة الجرداء ويكون هناك النصر المؤزر للأهالي الذين لا يلبثون أن يفرحوا بزوال العثمانيين حتى تعتم شمسهم غمامة الانتداب الفرنسي، وها هو يوسف العظمة يقدم درساً وطنياً في الرجولة أمام غورو وبحضور أمم العالم قاطبة.
وبالعودة للقرية نشاهد «أسعد» وحبيبته «زهرة» وقد أخذ الخصام منهما كل مأخذ، فزهرة تذكر أسعد بوعد الزواج منها برحيل الاحتلال العثماني، وأسعد يترفع عن الأمر لأن الاحتلال تبدل ولكنه لم يزل وهو الآن مناضل في مجموعة سلطان باشا الأطرش، ويقول مقولته العميقة «زهرة.. كيف فيني أفرح والناس حزنانين.. والغربا مكللين سورية بالسواد».
تجتمع الضيعة بحضور «كركوزاتي متجول» ويقدم الأخير للأهالي حكاية عادية لا تعجبهم فيطالبونه بحكاية حقيقية فيروي للناس حكاية يهزأ بها من المحتل فيضحك الجميع ووسط الضحك تغير الطائرات الفرنسية على القرية وتقصفها فيموت كثير من الناس من بينهم زهرة، يجن جنون أسعد ويصرخ طالباً الانتقام ومتوجهاً إليه من دون أن يقدر أحد على ثنيه عن عزمه ليواجه وحده بشجاعة اليائس كتيبة فرنسية كاملة فيمزق الرصاص جسده وهنا يقوم برفع جثمانه وتشييعه كل قادة الثورة السورية الكبرى لتقوم «ميثا» والراوي بعرض انتصارات ومعارك الثوار على كامل الأرض السورية المحتلة، ونشاهد أسعد بصحبة زهرة في أعلى المسرح وهما بثياب العرس في حين يقوم القادة بدفن برج إيفل إلى غير رجعة.
تعود المسرحية للراوي وقد جاء الزمن المعاصر ويخرج صوت غريب محاوراً الراوي متوعداً إياه باحتلال غير مسبوق ولا فكاك منه، لقد جاء الأميركي بسلاح جديد وبحلة جديدة، لقد جاء يحمل الإرهاب في كف وطمس التاريخ في كفه الأخرى، ليتم استعراض على شاشة عرض شذرات مفصلية من الحدث السوري مترافقاً برقص تعبيري مؤثر.
ها هو الراوي الكهل يبدو متعباً غير قادر على الحركة والكلام، لكن هيهات من الذاكرة الفناء وهناك أجيال جديدة تحمل على عاتقها رد أعداء الشمس.
تبدأ الحفيدة بالرواية معلنة تتمة حكاية وطن منتصر حي سيضرب جذوره في المستقبل لا في التاريخ فحسب.

فريق العمل
يتألف فريق العمل من: ممدوح الأطرش (رؤية وإخراج)، كفاح الخوص (إعداد النص والشعر)، طاهر مامللي (الألحان)، معتز ملاطيه لي (الكيوغراف)، نزار بلال (السينوغرافيا)، مارال ديراكيليان (الأزياء)، باسل صالح (قيادة الأوركسترا)، ريم محمد (الإضاءة)، نضال قسطون (الصوت)، يزن السيد (الإسقاط الضوئي)، مها الأطرش (فرقة الرقص)، إضافة إلى نورا رحال، ووسيم قزق، وميس حرب، وحسين عطفة، وعباس الحاوي، وفيصل الراشد، وشادي كيوان، والطفل ريان شامية، وبمشاركة 30 راقصاً وراقصة و30 عازفاً وعازفة و20 كورال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن