قضايا وآراء

أوباما يعلن انتهاء حقبة «السلطان والمملكة»

| باسمة حامد

خلال حديثه الأخير مع مجلة «أتلانتك» حول المحطات الحاسمة في ولايته الثانية.. وضع أوباما النقاط على الحروف بكل ما يتعلق في مستقبل المنطقة العربية.
فالرئيس الأميركي قبيل مغادرته البيت الأبيض بأشهر قليلة عبّر عن افتخاره بقرار التراجع عن توجيه ضربة عسكرية لسورية العام 2013، وأشاد بمناقب نظيره الروسي كسياسي «مهذب بشكل دقيق»، وشنّ هجوماً غير مسبوق على أولئك «الجامحين» الذين سعوا جاهدين لجرّ بلاده إلى مستنقع حرب طائفية طاحنة.
لكن الافت أن انتقاداته لحليفيه السعودي والتركي تكاد تكون نسخة طبق الأصل عمّا يردده (النظام السوري) منذ العام 2011 بشأن الدور التخريبي لهما ومخاطر العقيدة الوهابية والدعاة السعوديين على السلم والأمن العالميين والحاجة إلى الإسلام المعتدل وضرورة الحفاظ على كيانات الدول لوضع حد للعنف وسفك الدماء!!
فالأطلسي- برأيه – أخطأ بالتدخل في ليبيا، والسعودية: «بلد يقمع نصف شعبه ويغذي التطرف ولا يمكن أن يتصرف بشكل جيد في العالم الحديث»، وأردوغان «فاشل واستبدادي» واللافت أن هذا التوصيف تزامن مع ما كتبه سفيران أميركيان مؤخراً حول الرئيس التركي: «عليه القيام بتنفيذ إصلاحات حقيقية بالداخل أو التنحي»!!
وهذه الإشارات الأميركية الواضحة تؤشر إلى انتهاء حقبة «السلطان والملك» كونها تأتي في إطار الحضور الروسي المتزايد والرعاية الدولية للحل السياسي السوري وانحسار خطط واشنطن بعنوان واحد: «دعم المعارضة المعتدلة» وتعزيز القوات المحلية «القادرة على مواجهة الجهاديين».
إذاً عهد التفرد الأميركي انقضى باعتراف أوباما، ما يعني ولادة زمن إقليمي جديد لن تتمكن دول المنطقة بالتعايش معه إلا عبر تشارك المصالح ومدّ جسور التواصل والتفاهم والحوار والأهم: تقاسم النفوذ مع إيران القوة الصاعدة، ومؤشرات هذا الخيار ربما تتضح أكثر في التفاصيل الصغيرة.
فقرار وزراء الخارجية العرب باعتبار حزب اللـه «منظمة إرهابية» لا يغطي على واقع تبدل اللهجة السعودية حيال إيران ولا على انخراط السعوديين حالياً بمفاوضات سرية مع حركة «أنصار الله» اليمنية وخصوصاً أن الخطوة حصلت بالتزامن مع تصريحات لرئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال مسعود جزائري الثلاثاء الماضي أكد فيها أن بلاده قد ترسل مستشارين عسكريين لليمن لمساعدة الشعب اليمني على قتال التحالف العربي.
ومع تحول ظاهرة الإرهاب إلى تحد عالمي، وتغلغل «القاعدة» في مناطق واسعة من إفريقية وآسيا وتجذّر «داعش» ببلدان عربية قريبة من شواطئ أوروبا كليبيا وتونس، واستمرار النظام التركي بابتزاز الأوروبيين (في قمة بروكسل الاستثنائية طالبت أنقرة الاتحاد الأوروبي بمنحها عشرين مليار يورو لاستقبال كل اللاجئين على أراضيها دون تحديد أو قيود).. لا شك بأن سورية وهي في بداية الانتصار- ستكون الركيزة الأساسية في الزمن القادم ولذلك، ليس غريباً على (الجامعة العربية) مواكبة الزمن السوري الجديد بالتأكيد على: «دعم وحدة سورية وسيادتها الإقليمية ورفض أي محاولات لتقسيمها على الرغم من الأفكار المطروحة حول الفيدرالية».
وبناء على ما سبق، من المتوقع أن نسمع الكثير من دعوات «التنحي» و«الرحيل» وإسقاط الأنظمة المتطرفة وخاصة أن الرياض وأنقرة تلعبان على الوقت أملاً بوصول رئيس جمهوري إلى البيت الأبيض من أجل إعادة إحياء خطط التدخل البري في بلدان المنطقة واختبار الأساليب العسكرية مجدداً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن