اقتصاد

«عيد المستهلك».. بأي حالٍ عدت يا عيد!!

| علي نزار الآغا

من دون حرج، تستعد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لإحياء اليوم العالمي لـ«حماية المستهلك» يوم غدٍ (15 آذار) ببرنامج حافل، يضم في فقراته؛ احتفالية وخطابات وشعارات وحملات على الأسواق..!!
«المستهلك السوري» الذي انهارت قدرته الشرائية إلى ما دون خط الفقر، من دون حماية، سوى من القدرة الإلهية، سيكون غداً عنوان الحكومة الضارب، وسنتحمل مجدداً، إعادة شريط التصريحات الرسمية المتعلقة بالهمّ المعيشي ودور الحكومة الإيجابي في الموضوع..!!
ترى، هل سأل وزير التموين نفسه، قبل التخطيط للاحتفالية المزمع عقدها؛ كيف سيتلقى «المستهلك» خبر الاحتفاء بعيده وهو يقرأ خبر ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي قرب 448 ليرة؟ وهل توقع الوزير ردة فعل «المستهلك» الذي أصبح يشتري الخضر بالحبة بدلاً من الكيلو؟ وهل تنبأ بموقف «المستهلك» الذي يدفع يومياً ثمن العجز الحكومي في كل مفاصل الاقتصاد رازحاً تحت وطأة احتكار التجار؟ وهو الوزير العالم جيداً بماذا تعنيه عبارة «حماية المستهلك» ومدى ارتباطها بمفهوم الفقر، والمدرك جيداً لحقوق المستهلك وفقاً للمبادئ التوجيهية لحماية المستهلكين التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 39/248 لسنة 1985، والذي على أساسه تم تحديد يوم 15 آذار من كل عام يوماً لحماية المستهلك.
للعلم بالشيء فقط، تضمنت المبادئ التوجيهية ثمانية حقوق للمستهلك (بعد تطويرها)، وعلى رأسها حق إشباع الحاجات الأساسية، وحق الأمان، ثم الحق في التثقيف والتوعية والإعلام، وحق الاختيار، وحق التمثيل، وحق التعويض والحق في بيئة سليمة ونظيفة.
وقد أقرت الأمم المتحدة تلك الحقوق، وفقا للمبادئ التوجيهية التالية: توفير السلامة المادية للمستهلك، وتعزيز وحماية المصالح الاقتصادية للمستهلك، وضمان السلامة وجودة السلع الاستهلاكية والخدمات، وتحقيق تسهيل التوزيع للسلع الاستهلاكية والخدمات الأساسية وتشجيع التدابير التي تمكن المستهلكين من الحصول على تعويض، ووضع برامج التثقيف والإعلام. هذا وينبغي على السياسات الرامية إلى تعزيز الاستهلاك المستدام أن تضع في الاعتبار الأهداف المتمثلة في استئصال الفقر، والوفاء بالاحتياجات الإنسانية الأساسية لجميع أفراد المجتمع، والحد من التفاوت القائم داخل البلدان وفيما بينها. وينبغي أن توفر الحكومات أو تواصل توفير الهياكل الأساسية الملائمة لوضع السياسات المتعلقة بحماية المستهلك وتنفيذها ورصدها. وينبغي إيلاء عناية خاصة لكفالة تنفيذ التدابير الموضوعة لحماية المستهلك بما يعود بالنفع على جميع قطاعات السكان، ولاسيما سكان الريف، ومن يعانون الفقر.
وينبغي أن تنشد السياسات الحكومية تمكين المستهلكين من الحصول على الفائدة المثلى من مواردهم الاقتصادية، كما ينبغي أن تتوخى تحقيق أهداف المعايير المرضية للإنتاج والأداء، وطرق التوزيع الملائمة، والممارسات التجارية العادلة، والتسويق الذي يوفر معلومات عن السلع، والحماية الفعالة من الممارسات التي يمكن أن تكون لها آثار ضارة بالمصالح الاقتصادية للمستهلكين وبممارسة الاختيار في السوق. وينبغي أن تضع الحكومات، أو تعزز، أو تواصل، حسب مقتضى الحال، التدابير المتصلة بمكافحة الممارسات التقييدية وغيرها من الممارسات التجارية الضارة التي يمكن أن تلحق ضررا بالمستهلكين، بما في ذلك الوسائل اللازمة لتنفيذ مثل هذه التدابير. كما ينبغي أن تشجع الحكومات المنافسة النزيهة والفعالة.
وهنا نسأل، كم بنداً مما سبق نجحت الحكومة في تنفيذه على أرض الواقع قبل الاحتفاء بيوم المستهلك؟ الجواب يعرفه أي مستهلك سلفاً، فلا شيء يتحقق، سوى ازدياد الفقر، والفساد!
ودليل الفقر يأتي من واقع معيل العائلة السورية المكونة من خمسة أشخاص الذي يحتاج ما لايقل عن 4250 ليرة يومياً، ليبقى هو وعائلته على خط الفقر، مع إعلان البنك الدولي تعديل خط الفقر إلى 1٫9 دولارات للفرد يومياً!
والشكوك حول الفساد، تأتي من تأخر صدور التعليمات التنفيذية لقانون حماية المستهلك 7 أشهر، وبالمصادفة صدرت في اليوم التالي من استجواب الوزير في مجلس الشعب، وترتبط بملف الاحتكار وكواليس الرقابة التموينية.. وغيرها!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن