قضايا وآراء

أخطاء سياسة تأجير الأدوار.. من يدفع الثمن..!؟

| عبد السلام حجاب

يبدو أنه، خطوة استباقية، لفترة الصمت الانتخابي للرئاسة الأميركية جاء حديث الرئيس الأميركي بعيداً عن الدبلوماسية وعالي السقوف إلى مجلة أتلانتس الأميركية- فألقى باللوم، من جهة على أخطاء في حسابات تقدير الدور الفرنسي والبريطاني في غزو حلف «ناتو» لليبيا وما نجم عنه من نتائج كارثية جعلت البلاد ساحة مفتوحة في كل الاتجاهات لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية التكفيرية ومن جهة أخرى، أعلن أوباما فشل سياسة تأجير الأدوار لأطراف من داخل حلفه مثل العثماني أردوغان وحكام بني سعود ومشيخة قطر وغيرهم ممن يوفر المال ويقدم المرتزقة والسلاح لخدمة المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة.
وعليه فإن جملة تساؤلات تطرح نفسها ومن بينها:
1- هل هو استدراك لأخطاء «سياسة تأجير الأدوار»، حيث لا تدفع أميركا من رصيدها ثمن تنفيذ أدوار مطلوبة!؟
2- أم هو انعكاس لحالة تخبط سياسي بين التقدم والتراجع بحسب براغماتية المصالح الأميركية التي لا تحسب حساباً إلا لمصالحها أولاً.
3- أم إن الأمر من مقتضيات تشكل عالم جديد متعدد الأقطاب يأخذ باعتباره ترسيخ قواعد القانون الدولي ومحاربة الإرهاب دونما تسييس أو انتقائية أو تجارب فاشلة يستحدثها الجنرال الأميركي أوستن أمام الكونغرس الأميركي!؟
ولعله من اللافت، أن الصحف والخارجية الفرنسية، لم تخف امتعاضها من إبعاد فرنسا عن المناقشات الروسية الأميركية بشأن الأزمة في سورية بدعوى أن الأميركيين يعملون على تعزيز مواقعهم في المنطقة. ثم تظهير الهلع الأوروبي هذا عبر تصريحات عالية النبرة أطلقها جبير السعودية ضد سورية وإيران ولم تستثن روسيا وحزب الله. وقد تسرب هذا الهلع إلى أمين عام حلف الناتو ستولتنبرغ الذي راح يصرخ «الروس قادمون»، إلا إذا كان صراخه ناجماً من خشية على تنظيم داعش وجبهة النصرة وما بينهما من تنظيمات إرهابية حددها البيان الروسي الأميركي لوقف الأعمال القتالية في سورية منذ السابع من شباط الفائت وما يزال البحث متواصلاً عن سبل تعزيز التنسيق بشأنه بين الوزيرين الروسي لافروف والأميركي كيري، مباشرة وعبر سياسة الهاتف المعتمدة. وقد أعرب وزير الخارجية الصيني في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي في موسكو عن إدراك بلاده لأهمية الدور الروسي في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية. وأكد الكرملين في بيان أن الحفاظ على وحدة أراضي سورية هدف أساسي بالنسبة لروسيا. ولا يحق لأحد باستثناء السوريين أنفسهم اتخاذ قرار شرعي حول مستقبلهم.
إنه لن يكون مستبعداً مناقشة الهلع الأوروبي، مدفوع الثمن والمحفز بالخطط التركية المرفوضة أممياً في اجتماع باريس الذي دعا إليه وزير الخارجية الفرنسي لوزراء خارجية كل من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا بحضور الوزير كيري، بغية استجداء دور عشية استئناف الجولة الثانية من جنيف3 للحوار السوري- السوري تلبية لدعوة المبعوث الدولي دي ميستورا التي يبدؤها بلقاء وفد الحكومة السورية، وقد أكد وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمر صحفي عقده أول من أمس «أنه لا يحق لديمستورا أن يتحدث عن انتخابات رئاسية فهي حق حصري للشعب السوري وملك له وحده».
وأضاف «نتطلع إلى أن يجري الحوار في جنيف مع أكبر شريحة ممكنة من المعارضات وخاصة المعارضة الوطنية غير المرتبطة بأجندات خارجية». وقال المعلم «ذاهبون إلى جنيف لإنجاح الحوار وهذا يعتمد ليس علينا فقط بل على الأطراف الأخرى، وإذا كان لديهم أوهام باستلام السلطة فهم سيفشلون، لأنها تتعارض مع تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 وبياني فيينا وميونيخ.
لقد بات مؤكداً لدى السوريين أن الرياح لم تعد خاضعة لتسير وفق مخططات وأحلام الآخرين مهما كان شأنهم، بل إن أي أدوار رخيصة في مسرحيات رديئة لم تعد تحظى باهتمام أحد ولا بأحلام صناعها وأدواتهم. وليس من أحد يجرؤ على التدخل في حرب برية في سورية بل إن مثل هذا الحديث تراجع وحديث أوباما إلى المجلة الأميركية برهان على ذلك ولا يغير في صحتها عنتريات تخرج في الفضاء يطلقها البعض هنا وهناك.
ويكفي المراقب أن يقرأ جيداً في مسار انتصارات الجيش العربي السوري المتصاعدة حتى القضاء على الإرهاب ودحره عن كل بقعة من الأرض السورية. ليدرك أهميتها في اتساع رقعة المصالحات الوطنية. وقدرة الوحدة الوطنية للسوريين على إنجاز المهام الوطنية والدفاع عن الخيارات السيادية سواء داخل جنيف أو من دونه. وليس بعيداً في هذا السياق ما يوفره الاتفاق الروسي الأميركي لوقف الأعمال القتالية في سورية من أرضية صالحة رغم ما يتعرض له من خروقات، لإنجاح مسار العملية السياسية السورية وقيام دي ميستورا بدوره الأممي النزيه وغير المنحاز لجهة إرضاء هذا الطرف أو تلك الجهة.
لقد أكد الوزير المعلم عشية استئناف جنيف 3: «أن المرحلة الانتقالية في مفهومنا هي الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر. وليس هناك شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، وعليه فإنه لابد لمن يقر أن يفهم أن الأدوار المستأجرة لا تستطيع أن تقرر ما يريده السوريون».
ومما لا شك فيه أن الانتخابات التشريعية في الثالث عشر من نيسان القادم حق دستوري للمواطنين السوريين وهم يريدون برلماناً جديداً وليس من حق أحد التنكر له أو أن يعتبره إجراء استفزازياً له بحسب أجنداته الخاصة والمستوردة.
فالاستقرار والدستور أمران مهمان في حياة السوريين كما قال الرئيس بشار الأسد.
أوليس من حق السوريين التمسك ديمقراطياً بحقوقهم السيادية، والدفاع عن مصالحهم الوطنية التي تلف من حولها مختلف تنوعات الفسيفساء السورية!؟
أخيراً يمكن القول إنه إذا كانت هناك من خطوات بناءه لخدمة الحل السياسي للأزمة في سورية، يمكن أن يقدم على اتخاذها من رهن بلاده لسياسات خاطئة ومقايضات ظالمة وشروط أجندات إرهابية، فإنه لابد أن تنحو تلك الخطوات باتجاهين رئيسيين:
1- انخراط صادق ونزيه إلى جانب سورية في محاربة الإرهاب وتعزيز الجهد الروسي والإيراني في هذا الاتجاه على قاعدة القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بمحاربة الإرهاب.
2- العمل على إلغاء الإجراءات العقابية القسرية وحيدة الجانب المفروضة على الشعب السوري إذ لم يعد مفيداً السباحة عكس التيار أو متابعة الغرق في أوحال حسابات ضيقة الأفق، ولا تجلب إلا مزيداً من الإرهاب وانتشار الفوضى والخراب والدمار وهو أمر فقد الكثير من المريدين والمؤيدين عدا الحمقى ومن أصابته لوثة الجنون وهيستيريا العظمة وهؤلاء بات رصيدهم مكشوفاً وحساباتهم أضغاث أحلام مريضة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن