قضايا وآراء

أوباما تجنّب خطط كيري التصعيدية

| تحسين الحلبي 

حين يعيد المراقبون قراءة أحداث السنوات الخمس الماضية التي حملها المخطط الأميركي الإسرائيلي ومن تحالف معه على سورية سيكتشف أن صقور السياسة الأميركية في إدارة أوباما وفي مقدمتهم جون كيري وزير الخارجية الأميركي كانوا يسعون إلى توريط الرئيس الأميركي (أوباما) بشن حرب بقوات أميركية على سورية منذ تولي كيري منصبه في عام (2013) الذي شهد أشرس حملات التهديد بغزو سورية في ذلك الوقت.
ففي 15/آذار الجاري نشر (جيفري غولدبيرغ) تحليلاً على شكل كتاب كشف فيه أن (كيري) حاول في «عدد من المناسبات في الشهور الماضية الحصول على موافقة الرئيس أوباما لتوجيه ضربة بالصواريخ على بعض المراكز الحكومية السورية كرسالة موجهة للرئيس الأسد بالذات وحلفائه في المنطقة والعالم ولكي يكون المقصود من هذه الرسالة «الصاروخية» إجباره على تقديم تنازلات» لكن الرئيس أوباما تجنب الموافقة على هذه المغامرة التي تحمل تصعيداً مباشراً أميركياً ومخاطر غير محسوبة. ويقول (غولدبيرغ): إن المعلومات التي توفرت لديه تشير إلى أن كيري حاول منذ شباط 2013 يوم تسلم منصبه إقناع الرئيس أوباما ومجلس الأمن القومي الأميركي بتوجيه ضربات صاروخية من صواريخ من البحر على مواقع حساسة للحكومة السورية حين كانت جبهة النصرة تقوم بتصعيد عملياتها الإرهابية على الجيش السوري، وطلب كيري من أوباما التوقيع على قرار سري رئاسي يكلف بموجه (وكالة المخابرات المركزية) «سي آي إيه» في أيار 2013 بأعداد عملية سرية داخل سورية لإعطاء المجموعات المسلحة والنصرة دعماً معنوياً وتشجيعها على الاعتماد على التسليح الأميركي الذي طالب كيري بإعطائه للمجموعات المسلحة وبغض النظر عن اتجاهاتها الإسلامية المتطرفة ويضيف غولدبيرغ: «وفي آب 2013 تقدم كيري بورقة للبيت الأبيض يطلب فيها إدانة سورية باستخدام السلاح الكيماوي (غاز السارين) وضرورة فرض النتائج المطلوبة على الرئيس الأسد وحكومته وطلب إرسال المزيد من الأسلحة النوعية للمسلحين لكي يعززوا من مواقعهم لكن أوباما تراجع في النهاية عن النظر في تهديداته التي أطلقها على سورية».
وتكشف الوثائق التي تسربت إلى الكاتب غولدبيرغ أن «كيري استعد لتقديم كل أشكال الدعم العسكري لجبهة النصرة ورتب إرسال 15 ألف صاروخ مضاد للدبابات من نوع (تاو) باعها إلى السعودية لكي تنقلها إلى المجوعات المسلحة بما في ذلك جبهة النصرة في عام 2014 وحين فشلت كل الخطط التصعيدية التي وضعها كيري للرئيس أوباما انتقل إلى تكرار شعاره الفاشل بضرورة استقالة الرئيس الأسد واعتبره شرطاً وفرضه على مجموعات المعارضة السورية المختلفة إلى أن تمكنت روسيا في اجتماع فيينا من فرض شروط سورية في البيان الختامي الذي أكد شرعية الرئيس الأسد وحكومته وأن الشعب السوري هو الذي يقرر مستقبله ومن يكون الرئيس السوري».
وتلقى كيري ضربة قاسية حتى حين جرى الاتفاق على مفاوضات جنيف الراهنة في 14 آذار وحاول قبل انعقادها التلويح بخطة باء أي الخطة البديلة إذا لم تقدم القيادة السورية تنازلات في مفاوضات جنيف فتبين أن هذه الخطة مجرد وهم أطلقه كيري بعد الفشل الذي لازم كل شعار وخطة له، فموسكو أكدت هذا الفشل وسارع مسؤول أميركي إلى نفي وجود مثل هذه الخطة، وها هي مفاوضات جنيف تجري في ظل نجاح سوري روسي لانعقادها بشروط لا تحمل أي شرط أراد كيري والسعودية فرضه على المفاوضات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن