عربي ودولي

المدعي البلجيكي: انتحاريا اعتداءات بروكسل هما إبراهيم وخالد البكراوي … وأخيراً قادة أوروبا يدعون إلى ضرورة الوقوف في وجه الإرهاب والقضاء عليه ومراقبة حدود الاتحاد الأوروبي .. فالس: فرنسا غضت النظر عن «تنامي الأفكار المتطرفة» لفترة طويلة

تتوالى الأسئلة من جديد على خلفية سلسلة العمليات الإرهابية التي أودت بحياة العشرات في عاصمة الاتحاد الأوروبي ومقر حلف الناتو، حيث إن تصريحات وتلميحات ساسة أوروبا ووسائل الإعلام، تشير إلى أن ما يحدث في أوروبا هو نتيجة لفتح أبوابها أمام قادة التطرف، والتعاطف مع المتطرفين والمتشددين. فمن الصعب أن نتجاهل سياسات الأنظمة الأوروبية التي تعمل بعكس منظومات قيم شعوبها باستخدام الإرهاب وتوظيفه تارة، والتعامل معه ومع الإرهابيين بمعايير مزدوجة تارة أخرى، على حين الإرهاب ذاته يضرب حياة الناس ومصالحهم في كل مكان في العالم.
وأعلن المدعي الفدرالي البلجيكي أمس الأربعاء أن الانتحاريين اللذين نفذا الاعتداءات التي أوقعت 35 قتيلاً و270 جريحاً في المطار الدولي ومحطة مترو في بروكسل الثلاثاء هما الشقيقان خالد وإبراهيم البكراوي.
وصرح فريدريك فان لو في مؤتمر صحفي أنه تم التعرف من خلال البصمات على إبراهيم البكراوي على أنه أحد منفذي اعتداء المطار وعلى شقيقه خالد على أنه منفذ اعتداء محطة مالبيك للمترو في الحي الأوروبي.
وأضاف فان لو: إنه وفي ما يتعلق باعتداء مطار زافنتم فإن صورة التقطتها كاميرات المراقبة ونشرتها السلطات تظهر ثلاثة مشتبهين فيهم «والرجل في الوسط هو أحد الانتحاريين اللذين تم التعرف إليهما من خلال البصمات أنه ابراهيم البكراوي المولود في بروكسل في 3 تشرين الأول 1986 ويحمل الجنسية البلجيكية».
وفي ما يتعلق باعتداء المترو أوضح فان لو أن «التفجير الذي تم داخل العربة الثانية حين كانت لا تزال متوقفة في المحطة، قام به خالد البكراوي شقيق إبراهيم والمولود في بروكسل في 12 كانون الثاني 1989 ويحمل الجنسية البلجيكية، وتم التعرف إلى الانتحاري من خلال بصماته». وذكر المدعي العام بأن «الإرهابيين اللذين قتلا لديهما سوابق قضائية خطرة غير مرتبطة بالإرهاب».
وأضاف فان لو: إن إبراهيم البكراوي رمى جهاز كمبيوتر عليه «وصيته» في سلة للمهملات في شارع حي شاربيك حيث قامت الشرطة بعدة عمليات تفتيش الثلاثاء، موضحاً أن إبراهيم كتب في الوصية: إنه «لم يعد يعلم ماذا يفعل» لأنه «مطلوب في كل مكان».
وعثرت الشرطة في شاربيك على «15 كيلو غراماً من المتفجرات و150 ليتراً من الاسيتون و30 ليتراً من ماء الأوكسجين وصواعق وحقيبة مملوءة بالمسامير، إضافة إلى مواد مستخدمة لتصنيع عبوات ناسفة».
وحمل العديد من الدول الأوروبية ووسائل الإعلام ازدواجية الغرب في التعامل مع ملف الإرهاب وتقسيم الإرهابيين وفرزهم حسب الأجندات الخاصة مسؤولية تمدد الإرهاب إلى أوروبا والعالم، بل ذاهبون إلى أن أوروبا هي المذنبة في تفاقم الإرهاب فيها.
ومن جانبه أقر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بأن بلاده غضت النظر عن تنامي الأفكار المتطرفة لفترة طويلة وهو ما تسبب بتزايد المخاطر الأمنية. وقال فالس في مقابلة مع إذاعة «أوروبا واحد» أمس: «إننا قمنا بغض النظر في كل مكان في أوروبا بما فيها فرنسا عن انتشار الأفكار المتطرفة للسلفية التي تسببت بإفساد أحياء بكاملها».
ودعا فالس إلى تعزيز مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وإلى تبني مشروع الوثيقة الأوروبية للمعطيات الشخصية للمسافرين جواً، وقال: «إن من الملح أيضاً ألا يتمكن أي شخص من المرور بوثائق مزورة لأننا نعرف أن تنظيم داعش سرق كميات كبيرة من جوازات السفر في سورية وهذا يفرض أن يتم التدقيق في المعلومات ومقاطعتها».
واعتبر فالس أنه «يجب التقدم في مجمل الوسائل لمكافحة الإرهاب لأنه باعتداءات بروكسل هوجمت أوروبا لأنها أوروبا ولذلك يجب أن يكون الرد أوروبياً».
وأعلنت شرطة الحدود الفرنسية إخلاء مطار تولوز بلانياك جنوب فرنسا صباح أمس لإجراء تفتيش أمني في وقت تشهد البلاد حالة استنفار قصوى بعد اعتداءات بروكسل.
وذكرت وكالة «أ ف ب» أنه تم إخلاء المبنى الرئيسي للمطار مرتين في الصباح على حين أشارت إلى تغريدات على «تويتر» بأن طائرات على وشك أن تقلع تعرضت للتفتيش أيضاً.
بدوره دعا المستشار النمساوي فيرنر فايمان الأوروبيين إلى ضرورة الوقوف في وجه الإرهاب والقضاء عليه وعدم السماح له بضرب «القيم الأوروبية» وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.
وجدد فايمان في بيان حكومي نشر على موقع المستشارية النمساوية استنكار النمسا للهجمات الإرهابية في بروكسل والدعوة إلى مكافحة الإرهاب عبر التنسيق الأوروبي الكامل رافضاً الخضوع لسياسة التهديدات والاستسلام للتنظيمات الإرهابية، مشيراً إلى أن بلاده اتخذت الإجراءات الأمنية المشددة لحماية الأمن في العاصمة فيينا.
من جهتها وجهت صحيفة أوستارايخ النمساوية انتقادات حادة إلى قادة دول الاتحاد الأوروبي لوقوفهم موقف المتفرج من مسألة مكافحة الإرهاب، مشددة على ضرورة أن يضع العالم حداً لتعاظم نفوذ تنظيم «داعش» الإرهابي ومحاربة جذوره وذلك من خلال توحيد الجهود الدولية عبر تنسيق روسي أميركي أوروبي للقضاء على التنظيم بشكل تام.
من جانبه صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن الاتحاد الأوروبي عليه الوقوف مع روسيا لمكافحة «الإرهابيين».
وقال لافروف في مستهل لقائه مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير: «آمل فعلاً أن يضع الأوروبيون الألعاب الجيوسياسية جانباً وأن يقفوا (مع روسيا) لمنع الإرهابيين من السيطرة على قارتنا المشتركة»، حسبما نقلت عنه وكالة أنباء «ريا نوفوستي».
وندد بوتين بالاعتداءات في بروكسل وقال: إنها «دليل جديد على أن الإرهاب لا يعرف الحدود ويهدد كل شعوب العالم»، وأضاف: «مكافحة هذا الشر تتطلب تعاوناً دولياً أكثر فاعلية».
وكان رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) الكسي بوشكوف اعتبر الثلاثاء أنه وفي الوقت الذي يتصدى فيه الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ «لتهديد روسي وهمي، فإن الناس يتعرضون لتفجيرات تحت مرأى عينيه في بروكسل».
بدورها حذّرت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين من مخاطر محتملة إذا رغبوا في السفر إلى أوروبا أو عبرها، وأوضحت أن مجموعات إرهابية لا تزال تخطّط لهجمات في الأمد المتوسط عبر أوروبا. ونكّس البيت الأبيض العلم الأميركي حداداً على ضحايا بروكسل.
ذكرت شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية أن تسعة أميركيين أصيبوا في الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في بروكسل.
ونقلت «رويترز» عن مسؤولين من الكنيسة والحكومة الأميركية قولهم: «إن ثلاثة رجال دين من ولاية يوتا وأحد أفراد سلاح الجو الأميركي وعائلته كانوا بين الأميركيين الذين أصيبوا في الهجمات الإرهابية».
ومن جانبه قال رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم ترنبول أمس: إن أوروبا «سمحت بإفلات الأمن منها»، مشككاً باتفاق شينغن والتنقل الحر غداة اعتداءات بروكسل.
واعترف ترنبول بأنه يعود إلى الاتحاد الأوروبي أمر تحديد القواعد الخاصة به، مؤكداً أن الإجراءات الأسترالية لحماية الحدود وضمان الأمن الداخلي «أقوى بكثير من تلك المطبقة في أوروبا التي سمحت بإفلات الأمن منها». وأضاف ترنبول للإذاعة الأسترالية: إن «هذا الضعف في الإجراءات الأمنية في أوروبا ليس غريباً عن المشاكل التي شهدتها مؤخراً»، ملمحاً إلى تدفق اللاجئين الفارين من سورية إلى أوروبا.
وتابع: إن منطقة شينغن للتنقل الحر التي تضم 26 بلداً بينها 22 من أعضاء الاتحاد الأوروبي، تعني أن «الناس يمكنهم التنقل بحرية في أوروبا، ما يطرح تحديات في مجال الأمن، إلى جانب الحدود الخارجية الهشة جداً كما رأينا في أمثلة عديدة».
وقال ترنبول للصحفيين في سيدني: إن «لهذه الإجراءات عواقب في مجال الأمن».
وقالت الشرطة الاتحادية الأسترالية في بيان: إنه «تم تعزيز العمليات والدوريات الأمنية في كل المطارات التي تم تحديدها». وشهدت أستراليا ثلاثة اعتداءات منذ أن رفعت مستوى التأهب على أراضيها في أيلول 2014 إلى أعلى مستوى.
وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن