قضايا وآراء

أردوغان يفتح ساحة نزال مع روسيا في قرة باخ

| ليون زكي 

فتحت أذربيجان صفحة جديدة من الحرب مع أرمينيا على حدود إقليم ناغورني قرة باخ المتنازع عليه بعد طي صفحة النزاع 22عاماً ومن دون مقدمات أو أسباب موجبة، ما دعا إلى الاعتقاد أن أطرافاً إقليمية على علاقة بالصراع مثل تركيا متمثلة بالرئيس رجب طيب أردوغان لها مصلحة بإشعال فتيل الصراع في مثل هذا التوقيت للي ساعد موسكو والرئيس فلاديمير بوتين الذي حشر نظيره التركي في زاوية ضيقة على خلفية إسقاط طائرة سوخوي-24 الروسية فوق الأراضي السورية في 24 تشرين الثاني العام الفائت.
ويشارك محللون سياسيون وجهة نظر دبلوماسيين أرمن بأن أردوغان وراء افتعال الأزمة التي أودت بحياة عشرات الجنود من الجانبين في أيامها الأولى بفعل الاشتباكات العنيفة إبان انتهاك القوات الأذربيجانية للهدنة واستيلائها على مواقع في الإقليم تابعة لأرمينيا بهدف جس نبض موسكو التي سارعت على لسان بوتين إلى دعوة طرفي النزاع إلى ضبط النفس والوقف الفوري لإطلاق النار.
وبغض النظر عن دعوة رئيس أذربيجان إلهام علييف إلى التسوية السلمية للنزاع حول الإقليم وإعلان وزارة الدفاع الأذربيجانية كنوع من المراوغة وقفا لإطلاق النار من جانب واحد ومهما تكن نتائج اجتماع مجموعة مينسك لمنظمة التعاون الأوروبي (روسيا وفرنسا والولايات المتحدة) بغية التوسط في إيجاد الحل إلا أن ما جرى شكل طعنة في ظهر إجراءات الثقة التي وفرتها السلطات الأرمنية طوال فترة الهدنة وأعاد إلى الأذهان تجدد الأطماع الأذرية في الإقليم وبدعم من الحكومة التركية والرئيس أردوغان الذي أكد في وقت سابق أنه لن يفتح حدود بلاده المغلقة منذ 1993 مع أرمينيا ما لم تنسحب من ناغورني قرة باخ.
رد الجيش والحكومة والرئيس الأرميني سيرج ساركيسيان كان حازماً بعدم التفريط بالأرض استجابة لأهواء وتطلعات الآخرين غير المشروعة وبأن أرمينيا قادرة على رد الصاع صاعين للمعتدين على أرضها، وهو ما دفع بالحكومة الأذرية إلى التريث وعدم الانسياق وراء انفعالاتها وخلف مكائد الآخرين من أمثال أردوغان وعصابته، بالإضافة إلى رد الفعل الإقليمي والدولي الضاغط عليها وخصوصاً من واشنطن، التي لعب فيها اللوبي الأرميني دوراً فاعلاً، باتجاه عدم الانسياق وراء مزيد من التصعيد وإشعال المنطقة في حرب جديدة ليست من مصلحة الطرفين.
يغيب عن أذهان صناع القرار في العاصمة الأذربيجانية باكو أن حليفتهم أنقرة، التي تربطهم بها علاقات وثيقة، لا يمكن أن تشكل سنداً حقيقياً لهم في وجه موسكو التي تربطها مع يريفان علاقات إستراتيجية تبلغ من المتانة والقوة حداً لا يمكنها التفريط به لمصلحة حكام مرتهنين للخارج التركي المتآمر على الدولة الروسية الصاعدة بقوة في طريق تشكيل قطب عالمي يكون نداً للولايات المتحدة، وما استئثارها بحل الأزمة السورية سوى دليل على ذلك.
فقرار إشعال الحرب أو إخمادها بين أرمينيا وأذربيجان سيشعل النار شمال القوقاز ولن يخدم أنقرة ولن يرغم موسكو على تقديم أي تنازلات بحق يريفان أو القرم أو أوكرانيا ولا سورية التي ستبقى بوارجها الحربية قبالة الشواطئ السورية وقاعدتاها في طرطوس وحميميم ومنظومتا الدفاع S300 وS400 عنصر ردع وتحجيم للدور التركي الغارق في المستنقع السوري وفي أزمات دول الجوار بسياسة منافية لـ«صفر مشاكل».
يذكر أن الصراع نشأ بين البلدين سنة 1988بعد أن صوت برلمان إقليم ناغورني كرباخ الجبلي ذي الأغلبية الأرمنية على الانضمام إلى أرمينيا، ما أشعل الحرب التي تصاعدت سنة 1991بانهيار الاتحاد السوفييتي واستمرت حتى 1994عندما توسطت روسيا والاتحاد الأوروبي في توقيع هدنة لم تخرقها سوى انتهاكات وقف إطلاق النار عام 2009.
ويعرف إقليم ناغورني قرى باخ (جبال الحديقة السوداء بالروسية) باسم ارتساخ في أرمينيا (غابة الإله آرا إله الشمس بالأرمنية) وعاصمته سيتباناكيرت وتبلغ مساحته 4800 كم2 في حين عدد سكانه 145 ألف نسمة يشكل الأرمن 95 بالمئة منهم، وهو فقير بالموارد الاقتصادية ويعتمد سكانه على تربية الماشية وزراعة الحبوب والقطن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن