قضايا وآراء

ماذا عن «الهدنة»؟

| عبد المنعم علي عيسى 

عندما تم الإعلان بتوافق روسي- أميركي عن بدء سريان الهدنة السورية 27/2/2016 لم تكن الفصائل المسلحة- كما يبدو- تضع في حسبانها أن وقف إطلاق النار سوف يمنح الجيش السوري فرصة كبيرة في مواجهة التنظيمات الإرهابية كداعش والنصرة ومن يستظل بظلهما، الأمر الذي تلمسته – تلك الفصائل- بعد تحرير مدينة تدمر 26/3/2016 التي شكلت نذيراً بإمكان تكرار ذلك السيناريو في أماكن أخرى كالرقة وإدلب أو سواهما.
كانت الآليات التي اعتمدت لمراقبة وقف إطلاق النار تقوم على غرفتي عمليات، الأولى في حميميم (روسية) والثانية في العاصمة الأردنية عمان (أميركية) حيث يكون من الضروري أن تكون التقارير الصادرة عن كلا الغرفتين متطابقة قبل أن تصدر إدانة مشتركة لخرق ما أو الرد عليه إذا ما استدعى الأمر ذلك.
ما بين 27 شباط المنصرم وبين أواخر آذار رصدت غرفة عمليات حميميم 300 خرق لوقف إطلاق النار بحسب وزارة الدفاع الروسية قامت بها الفصائل المسلحة بما فيها الموقعة على اتفاق الهدنة، إلا أن هذا الأمر لم يرد كما يبدو في يوميات غرفة عمليات عمان، الأمر الذي دفع وزارة الدفاع الروسية لأن تهدد بالرد على خروقات الهدنة ولو اضطر الأمر بشكل فردي.
خلال يومي 2 + 3/ 4/ 2016 قامت فصائل مسلحة معارضة من بينها جبهة النصرة بالهجوم على مواقع في كل من ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية الشمالي، الأمر الذي وصفته وزارة الدفاع الروسية بالخرق «الجسيم» وهو ما قابلته واشنطن بفتور واضح، فأجهزة الرصد الأميركية الدقيقة تستطيع رصد لوحة سيارة بأرقامها الدقيقة إلا أنها لا تستطيع رصد هجوم يشنه 400 مقاتل مزودون بعربات مصفحة وأخرى مركب عليها أسلحة متوسطة كما كان عليه الأمر في الهجوم الذي استهدف تلة العيس في ريف حلب الجنوبي.
منذ أن تم الإعلان عن انتهاء الجولة الأولى من جنيف 3 وواشنطن تبدي امتعاضها بشكل واضح وهو الأمر الذي شكل «فيزا» مرور نحو المناخات التي سعت القيادات في المعارضة السورية العسكرية منها والسياسية أيضاً إلى إشاعتها ولربما تعميمها وإلا فماذا يعني قول رياض حجاب بـ«عدم جدوى المفاوضات» أو ماذا يعني طلب محمد علوش من حركة أحرار الشام «توحيد الصفوف وإشعال الجبهات»، مع التأكيد بأن الفصيل التابع لجيش الإسلام قد شارك في الهجوم على تلة العيس، ثم ماذا تعني واشنطن بالإعلان عن إعادة برامج تدريب المعارضة السورية لمحاربة داعش. الإشكالية الأميركية في سورية اليوم لا تكمن في دحر داعش أو جبهة النصرة وإنما تكمن في ماهية القوى التي ستقوم بتلك العملية وهي بالتأكيد لا تريد للجيش السوري أن يكون هو القائم بالفعل، وبأي حال من الأحوال لننظر إلى تصريح لـ صالح مسلم الذي نصب نفسه متحدثاً باسم الجيش الأميركي، يقول مسلم 3/4/2016 لن نسمح للجيش السوري بدخول مدينة الرقة إذا ما استعادتها قوات سورية الديمقراطية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن