قضايا وآراء

من يدعم النصرة؟

| صياح عزام 

حقق الجيش السوري انتصارات ميدانية فاجأت الكثيرين خصوصاً تركيا والسعودية وقطر وإسرائيل ونجح تقدّمه على كل جبهات القتال وخاصة في الجبهة الشمالية بدعم من الطيران الروسي الصديق، مما أوجد صعوبات في تسهيل الإمدادات بين أماكن تمركز المجموعات الإرهابية والحدود التركية.
لهذا نجد حالياً خروقات مستمرة للهدنة في أكثر من مكان؛ تلك الهدنة التي تمّ التوافق عليها بين الطرفين الروسي والأميركي بموجب بيان صدر بهذا الشأن في شهر شباط الماضي، مستثنية تنظيمي داعش وجبهة النصرة من نصوصها، وإزاء تلك الخروقات، اعتمدت وزارة الدفاع الروسية إستراتيجية شطب أي مجموعة مسلحة من إطار الهدنة فور خرقها لوقف إطلاق النار، ووضعها على بنك الغارات الروسية والسورية.
لقد كانت الحدود الشمالية لسورية مع تركيا لها اليد الطولى في مسار تطور الأزمة السورية منذ بدايتها عام 2011، لأن هذه الحدود كانت ولا تزال الشريان الرئيسي لإمداد المجموعات الإرهابية بالرجال والسلاح وحتى التدخل أحياناً عسكرياً من الجيش التركي لدعمها، وهذا الأمر أكده الجنرال الروسي «سيرغي رودسكوي» رئيسي هيئة العمليات في هيئة الأركان الروسية مؤخراً، مُدعماً ذلك بالصور المُلتقطة والأدلة القاطعة، هذا إلى جانب اعتراف «خالد الخوجا» بأن تقدم جبهة النصرة والفصائل المتحالفة معها في بعض مناطق الشمال والجنوب السوريين كان نتيجة لدعم عسكري تركي- سعودي.
وبالتوازي مع ذلك ما إن بدأ الجيش السوري وحلفاؤه أولى خطواتهم لتحرير حلب، عبر التمركز في الريف الجنوبي لها للانطلاق منه نحوها بعد أن نجح في تطويق معظم محاورها وعزلها في جيوب ضيقة يسهل تطهيرها، حتى بدأ التصعيد من جبهة النصرة وحلفائها، وتزايد هذا التصعيد أكثر فأكثر مع بدء الجولة الجديدة من مباحثات جنيف بهدف تحقيق بعض المكاسب على الأرض تكون بمنزلة ورقة للمساومة بيد تركيا والسعودية، وفي الوقت نفسه الخوف من إلحاق هزيمة بجبهة النصرة على غرار الهزيمة التي مُنيت بها «داعش» في تدمر، والمحافظة على ما تبقى لكل من تركيا والسعودية من نقاط قوة تمكنهما من الحفاظ على ماء الوجه.
وقد تلا ذلك الإيعاز لوفد الرياض إلى جنيف بتعليق المفاوضات، حيث قام «رياض حجاب» بعقد مؤتمر صحفي قبل مغادرته جنيف تحدث فيه بعصبية لافتة تعكس التوتر الشديد الذي يعاني منه، لدرجة تُوحي بأنه فقد رشده، فحديثه كان حديث المأزوم والمهزوم عسكرياً وسياسياً، حيث دافع عن جيش الإسلام وأحرار الشام وجبهة النصرة، متجاهلاً أن هذه الفصائل أدمت دمشق وحلب ومدناً سورية أخرى بقذائف المدفعية والهاون، وأنها هي التي خرقت وقف الأعمال القتالية، ومدعياً أن النصرة تحارب «داعش»، ومردداً «اللازمة» التي لم يحفظ غيرها «المطالبة بحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات»! وبالتالي، فإن خطابه «الناري» جاء مملوءاً بتزوير الحقائق وفقاً لإرادة مشغليه وأسياده في تركيا والسعودية وقطر.
مما لا شك فيه أن السوريين على مختلف أطيافهم يَعون مثل هذا الهرج، وما من سوري يُلقي إليه بالاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن