قضايا وآراء

تنظيم داعش الإرهابي يعيش «زَفْرة المذبوح»؟

| د. صياح عزام 

– في اليوم الثاني من شهر آذار الماضي، أحبط الأمن الأردني مخططاً إرهابياً كبيراً لتنظيم داعش الإرهابي حاولت خلايا نائمة تابعة له تنفيذه في عدد من المواقع المدنية والعسكرية المُنتقاة، وذلك في مدينة «إربد» المحاذية للحدود السورية حيث أدى ذلك إلى قتل /7/ من أفراد الخلية ومصادرة كمية كبيرة من الأسلحة والمتفجرات والأحزمة الناسفة.
– ويوم السابع من آذار الماضي أيضاً، غزا تنظيم داعش مدينة «بن قردان» الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي المحاذي لـ«ليبيا» حيث احتل إرهابيوه مقار حكومية وأمنية وعسكرية بينها قاعدة للجيش التونسي ومركز للشرطة، إلا أن هذه الغزوة فشلت، حيث نجحت قوات الجيش والأمن التونسية في قتل /46/ إرهابياً ومطاردة الفارّين منهم في الأيام التي تلت العملية.
إذاً، فشل تنظيم داعش بغزوتيه المُحبطَتين في كل من (إربد وبن قردان).
– وفي سورية لحقت بتنظيم داعش مؤخراً خسائر فادحة، إذ استطاع الجيش السوري وبدعم جوي روسي ومساندة من أصدقاء سورية الآخرين إيران والمقاومة اللبنانية، أن يطرد هذا التنظيم من (مدينة تدمر) الأثرية، ولاحقاً من (مدينة القريتين) وألحق به خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وما يزال الجيش السوري يوسّع سيطرته بشرقي وشمالي تدمر ناهيك عن حلب وشمال اللاذقية مُضيقاً الخناق على داعش.
– في العراق أيضاً، يحرز الجيش العراقي والحشد الشعبي المؤازر له نجاحات عبر تحرير العديد من المناطق والقرى العراقية من سيطرة داعش؛ الأمر الذي دفع هذا التنظيم اليائس والمجنون والمُرتبك إلى القيام في الأسبوع الأول من شهر آذار الماضي بقصف بلدة «تازة» بمحافظة كركوك بالقذائف الصاروخية المحمَّلة بغاز الخردل المُحرَّم دولياً انطلاقاً من قرية «بشير» الواقعة على بعد خمسة كيلومترات من البلدة (أي تازة).
إن هذه الهزائم الداعشية تشير إلى أن داعش يعيش /زفرة المذبوح/ إن صح التعبير، خاصة بعد أن ظهر توافق دولي ولاسيما بين القوى العظمى على ضرورة القضاء على هذا التنظيم الذي أصبح يُشكل مصدر تهديد للعالم أجمع وليس للمنطقة العربية فحسب.
إلى جانب ذلك، فإن تنظيم داعش- على ما يبدو- لم يعد مؤخراً يحظى بامتياز استخدامه من مُشغِّليه، كورقة ضغط رئيسية لتغيير موازين القوى على الأرض، ولاسيما في سورية والعراق، بعد التدخل الروسي الجوي في سورية الذي يمكن أن يقال إنه كسر العمود الفقري لداعش.
الثابت، على ما هو بائن وملموس، أن داعش أصبح يعاني الانفلاش والتقهقر والتراجع، وأن أياماً صعبة تنتظره إزاء الجرائم التي قام وما يزال يقوم بها في سورية والعراق ومصر وتونس وجنوب اليمن، وبالتأكيد سيخسر كل ملاذاته قريباً في سورية والعراق، ولهذا فهو يبحث عن ملاذات بعيدة وأقلّ استهدافاً له ربما في ليبيا وتونس ومناطق إفريقية أخرى صحراوية صعبة الاستهداف، كما فعل تنظيم القاعدة الإرهابي حين حُوصر في ملاذاته في أفغانستان ووزيرستان بباكستان ضمن مناطق ضيقة ووعرة.
ولكن في الوقت نفسه، لن يكف هذا التنظيم الإرهابي عن تنفيذ عمليات فردية انتحارية في مناطق حساسة في دول العالم لإحداث الدويّ الإعلامي المطلوب للتخفيف من وطأة انكساراته وهزائمه، ولاسيما منها هزائمه الأخيرة في سورية وأيضاً في العراق، ولرفع الروح المعنوية المُنهارة لعناصره وأنصاره وُمريديه، تماماً مثل الانفجارات التي حدثت في /بروكسل/ مؤخراً.
لقد ولّت إلى غير رجعة الأيام التي كان فيها هذا التنظيم الإرهابي يحتل محافظات ومدناً بأكملها، ويهدد عواصم كبيرة مثل بغداد، ويتمدد ويزحف هنا وهناك، ويعلن إقامة «دولة الخلافة» المزعومة، ذلك أن بوصلة التركيز العالمي في محاربة الإرهاب تحوّلت عليه، وبدرجة أقل على نسختيه الأخريين النصرة والقاعدة وما يتفرّع عنهما من تنظيمات إرهابية أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن