قضايا وآراء

جنيف.. جولة التردد

| مازن بلال 

طوال أسبوعين كانت أروقة الأمم المتحدة في جنيف تشهد لمسات إضافية على مسألة «المرحلة الانتقالية»، وعلى الرغم من تحفظ الجميع على تقديم تفاصيل عن المشاريع المقدمة، لكن المؤشرات تبين أن المفصل الرئيس هو البحث عن «شرعية» أي شكل انتقالي وانسجامه مع الدستور الحالي، فأطراف المعارضة التي بقيت في جنيف حاولت تلافي الصعوبات التي نتجت عن انسحاب وفد الرياض، وربما على العكس فإن جهوداً روسية ظهرت لتحقيق تقدم باتجاهين: الأول هو إنجاز تصورات متكاملة عن المرحلة الانتقالية، والثاني إيجاد صيغة لـ«الوفد الموحد» للمعارضة، وعبر هاتين النقطتين كانت الجولة الأخيرة في جنيف الأكثر ديناميكية؛ لأنها أتاحت للوفود العمل من دون الضغط الذي كان يُمارس من وفد الرياض.
عمليا فإن التصعيد العسكري الذي برز بشكل مفاجئ مهدداً «وقف الأعمال العدائية» بالانهيار الكامل؛ كان تعبيراً عن الفراغ السياسي لانسحاب وفد الرياض، ومن جهة أخرى محاولة لإبراز الأوراق التي يمتلكها هذا الوفد، الأمر الذي فرض ترددا واضحاً لدى المشاركين في المفاوضات من الذهاب مباشرة نحو إعلان خطوات نوعية في المسار السياسي، وما حدث يمكن أن نراه عبر أمرين:
– الأول هو سحب أوراق الضغط من وفد الرياض، فاستمرار التفاوض بذاته ينقل رغبة دولية في عدم الخضوع للابتزاز، ويطرح توجها قوياً نحو إنجاز آلية «المرحلة الانتقالية» وفق تصورات المشاركين، فنشاط الفريق التقني للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا كان لافتا، والنقاط التي يمكن أن يطرحها مع نهاية الجولة يمكن أن تحدد نقاطا خلافية أقل.
حتى بالنسبة لوفد الرياض فإن عملية الفرز داخله كانت واضحة، وعلى الرغم من عدم ظهور تصدعات حقيقية؛ لكن المواقف التي غابت عن الإعلام تؤكد خوفا حقيقيا لدى بعض أعضائه من خسارة سياسية نتيجة الانسحاب، وهناك جدل حول أن موسكو تدفع بالتفاوض لدرجة إحراج ما يسمى «الهيئة العليا للتفاوض»؛ لتجد نفسها خلال المرحلة القادمة ملزمة بالانطلاق من النقطة التي انتهت إليها الجولة الحالية.
– الثاني هو تحرك المشاركين من المعارضة لبلورة رؤية «الوفد المشترك»، ففي البداية تم الحديث عن منصتي موسكو – القاهرة، ثم شهد هذا التحرك، وخارج إطار التفاوض الرسمي، بحثاً جدياً في آلية إنجاز الوفد المشترك ومن خارج إطار المشاركين الحاليين، ويوضح هذا الأمر جهداً روسياً حقيقياً في رسم سياق تواصل منفصل عن الجولة الحالية ويؤسس للجولات القادمة التي تراها موسكو حاسمة.
ضمن الإطار العام فإن أياً من المشاركين أو الوسطاء الدوليين لا يريد تجاوز «وفد الرياض»، لكن سحب أحقية فرضه لأجندة التفاوض باتت خلف الجميع، فالاستمرار في التفاوض يوضح أن الأجندة الدولية تسير رغم الانسحاب، وأن الرؤية القائمة حالياً تتجاوز الضغط الذي فرضه وفد الرياض منذ بدء الجولات الحالية، والتردد الذي يظهر اليوم في إعلان نسخة جديدة من المفاوضات لن يستمر طويلا، فهناك أسبوعان حاسمان سيحددان شكل التفاوض القادم.
عضو وفد معارضة الداخل إلى مفاوضات جنيف

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن