رياضة

من إخفاق إلى فشل.. فإلى متى؟ .. البحث عن اتحاد كروي جديد أولى من البحث عن مدرب

| ناصر النجار

أكثر من شهر انقضى على تأهلنا لنادي الكبار في التصفيات المونديالية دون أن نهتدي إلى مدرب يقود كرتنا في المباريات العشر المقررة.
الوقت يمر مسرعاً ونحن في غفلة من أمرنا، فلا مدبر ولا متدبر، ولا واعي ولا متعظ، من كل ما يجري عندنا أو حولنا.
فالمنتخبات الأخرى مستقرة، مستوعبة لمهمتها، فاهمة لمعنى المهمة التي تنتظرها، وهي تعمل ضمن خطط وإستراتيجيات على كيفية الظفر بالنقاط والتأهل إلى أم البطولات، على حين نعمل للظفر بمدرب بأقل التكاليف وأيسر الشروط دون عناء أو أدنى جهد.
وإذا كانت الفرق الأخرى تخشى التصفيات كموقعة مهمة توصل إلى المونديال، فإننا نخشى وسائل الإعلام وما يكتب على (الفيسبوك) لذلك نتصرف بردة فعل تجاه ذلك، ناسين أو متناسين الأهم مما يكتب، ولا يعرف القائمون على كرتنا أن النقد موجود حتى في اليابان، وإذا تصدر المنتخب الياباني فرق مجموعته، فهل هذا يعفيه من النقد؟ ومثله المنتخبات الأخرى التي لقيت (حماماً ساخناً) على أخطائها وعثراتها، وهذا الانترنت مفتوح لمن أراد التأكد من ذلك.
المشكلة في كرتنا أنهم ينظرون إلى ما وصلت إليه كرتنا اليوم من باب الانجاز، ويريدون للصغير والكبير أن يصفق لذلك وأن تُعمى الأعين والأبصار عن مجمل أخطاء مرتكبة منها ما هو إداري، ومنها ما هو فني.
يتناسى اتحاد كرة الفدم أن من حق الشارع الرياضي أن يفرح وأن يحلم وأن يطلب، وأنه من حق إعلامنا أن ينتقد مادام الخلل موجوداً والثغرات كثيرة.
لكن الشيء الذي لم يعد محتملاً، ولا يمكن أن يتقبله أحد، هو سياسة الكذب، واللف والدوران، أو سياسة الاستخفاف بالعقول الكروية أو مجموعة المحبين لكرتنا الوطنية.
فأن تراسل مورينيو فهو أمر عادي، لكنه خيال لا يحلم به إلا السذج والقصّر.
وأن تضع جدولاً بأسماء عشرة مدربين عرب وأجانب وتعلم مسبقاً أنك لن تستطيع محاورتهم، فهو استخفاف بالعقول ومضيعة للوقت.
وأن يكون همك التصدي لوسائل الإعلام وما ينشر على (الفيسبوك) بطرق أقل ما نقول عنها: إنها غير حضارية، فهذا يدل على أن القائمين على كرتنا ومنتخبنا لم يبلغوا مرحلة النضج، وأن ما وصل إليه منتخبنا أكبر منهم ويفوق قدرتهم الفكرية والذهنية.
إذا كنت لا تدري، فتلك مصيبة، لذلك نقول: إذا كان القائمون على كرتنا لا يدركون حجم الإمكانات وسقف التعاقدات، فتلك فعلاً مصيبة، لأنهم على أقل تقدير تلاعبوا بمشاعر الشارع الكروي.
إذا كانت قصة مورينيو اخترعها الجهابذة لطي الخسارة المرة مع اليابان، فكم قصة من هذا الطراز تنتظرنا؟

فن الممكن
عندما أعيد تشكيل اتحاد كرة القدم انتظرنا (كعادتنا) لنرى ما هو فاعل، ومن الطبيعي أن تمنحه المهلة تلو الأخرى ليثبت وجوده، قبل أن تمارس النقد البناء الايجابي الذي يصب في المصلحة العامة.
والأكثر من ذلك أن ننساق برغبتنا نحو الشراكة التي اقترحها اتحاد كرة القدم من خلال تشكيلات إعلامية بمختلف الاختصاصات، لكننا وجدنا للأسف أن كل ذلك كان فخاً يراد به التهدئة والتغطية على إخفاق اتحاد كرة القدم سواء في النهائيات الآسيوية للمنتخبات الأولمبية، وما يرافقها من حديث عن إقالة اتحاد الكرة أو رئيسه على الأقل. وشعرنا بلحظة من اللحظات أن الاتحاد صادق في مسعاه وأنه يريد الإصلاح، لذلك طرح الشراكة مع وسائل الإعلام.
لكننا للأسف وجدنا غير ذلك!
ولو أن الاتحاد طرح في خطته (فن الممكن) من خلال العقلانية والصدق في التعامل لبقينا ندعم الاتحاد من واقع نعرفه ويعرفه الجميع ونقول: هذه إمكانياتنا، وهذه حدودنا؟
لكن قصة التعاقد مع المدرب نزار محروس كانت كالقشة التي قصمت الهدنة الموقعة بين اتحاد كرة القدم وأغلب وسائل الإعلام.
والأسباب التي وضعها الاتحاد في (وثيقة إخفاق التفاوض) هي ذاتها الأسباب التي طلبها المدرب حين الاتصال به قبل عشرين يوماً، فلماذا السعي إليه مجدداً، وهل هذا سببه إضاعة الوقت، أو إقناع الآخرين بأن اتحاد كرة القدم يسعى، ويعمل الذي عليه، ولكن؟
بالمحصلة العامة فإن قدرات بلادنا كبيرة، لكن قدرات القائمين على كرتنا بسيطة، وكما يقول المثل (المكتوب مبين من العنوان) فمن كان غير قادر على وضع جدول ناجح لمسابقة كأس الجمهورية، ومن كان لا يملك رؤية واضحة وجيدة للدوري لا يمكنه أن يملك فكراً ناضجاً قادراً على قيادة منتخب بلاده ولو بالإمكانات المحدودة. منتخبنا قادر على الإبحار بشواطئ الصين وكوريا الجنوبية وقطر وغيرها، لكنه يفتقد الربان الماهر القادر على القيادة.
أعتقد أنه في الوقت الحالي علينا البحث عن اتحاد كرة قدم بديل للحالي، وهذا أفضل من البحث عن مدرب للمنتخب ولو كان مورينيو ذاته، فالمشكلة في كرتنا ليست في المدرب، إنما بمن يقودها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن