الأخبار البارزةشؤون محلية

نوفر الخدمات الصحية والأدوية مجاناً ونحتاج إلى أطباء العصبية والعظمية … محافظ دير الزور لـ«الوطن»: لا نمتلك إلا الخبز والبرغل والإرادة على النصر .. لست قادراً على نقل كل المواطنين والأولوية للحالات الإنسانية

| محمود الصالح

عام ونصف العام مضت على معاناة أهالي مدينة دير الزور بسبب الحصار الذي ليس له نظير في أي مكان آخر حيث منعت المجموعات الإرهابية عن مدينة دير الزور الكهرباء والمياه والغذاء والدواء بشكل مطلق ولم يعد يدخل إلى دير الزور حبة عدس إلا من خلال إنزالها بالطائرات، أيام قاسية جداً مرت على دير الزور أدت لبذل الغالي والنفيس من أبناء دير الزور للخروج إلى أي مكان آخر. عزت وسائل النقل كما عز كل شيء في التي كانت عروس الفرات. «الوطن» حاولت رصد ما يجري في هذه المدينة المنكوبة بكل المقاييس الإنسانية من خلال هذا الحوار مع محافظ دير الزور محمد قدور العينية الذي بدا صامداً وصابراً ومتفائلاً على الرغم من كل الصعوبات.

خبز وبرغل فقط
عن الأوضاع اليوم في دير الزور قال: الحقيقة الأوضاع في دير الزور صعبة جداً ولكن نبذل الجهود القصوى ونعمل على تخفيف المعاناة عن أبناء هذه المحافظة سواء بالجهود المحلية التي تبذل من المحافظة أو من خلال الجهود المركزية التي تقدمها الحكومة من خلال توفير احتياجات المحافظة عن طريق إسقاط المواد بوساطة المظلات من الطائرات. الخبز وهو المادة الأهم مؤمن بشكل تام لأننا نمتلك القمح ونطحنه لدينا ونوفر المازوت للخبز من خلال الطائرات، والمياه يحتاج توفيرها إلى المازوت، نوفر المياه مرة كل أربعة أيام وفي حال نجحنا في توفير مازوت سنعمل على توفير المياه كل يومين مرة وهناك آبار في المدينة تساعدنا في توفير المياه، 4 آبار موجودة وهناك آبار يجري حفرها ويتم تشغيلها بالطاقة الشمسية. ونقدم البرغل مجانا للمواطنين لأننا نمتلك القمح ونصنع البرغل محليا ونوزعه مجانا لكل المواطنين ونعطي لكل شخص 2 كغ لكل من يريده من دون سقف زمني.

إسقاطات ولكن؟
وعن طريقة نقل المواطن بين المحافظ: نقل المواد يتم أما من مطار دمشق بشكل مباشر وإما من خلال المروحيات للمواد الغذائية، منها ما هو مجاني ومنها ما هو مدفوع الثمن الذي يأتي عن طريق مؤسسة الخزن والتسويق ويباع بالأسعار نفسها التي يباع بها في دمشق، أما المجاني فهناك متبرعون يقدمون تبرعات ونحن نقوم بتوزيعها للمواطنين كان آخرها 22 طناً من السكر مقدمة من أحد التجار الخيرين تم إسقاطها بالطائرات ووزعت على الإخوة المواطنين وهناك جمعية أهلية قدمت حمولة 5 مظلات لمواد غذائية إضافة إلى 42 كرتونة في كل كرتونة 12 علبة سمنة، والمساعدات الأكثر هي التي تأتي من مساعدات الأمم المتحدة حيث تم توزيع حصة لكامل أبناء المدينة لمرة واحدة والآن نعود للتوزيع للمرة الثانية، والدفعة الأولى كانت نوعاً واحداً وهي عبارة عن كيس يحتوي 10 كغ رز و5 كغ عدس و5 كغ فاصولياء حب. واعتباراً من يوم الأربعاء الماضي بدأت إسقاطات جديدة تحتوي على الزيت وكل يوم يتم إسقاط 181 عبوة زيت بوزن 6 لترات وهي تجربة نتمنى أن تنجح وسيتم إسقاط حمولة طائرة كاملة لمادة الزيت قريبا في حال نجاح تجربة الإسقاط الأولى.

لا أطباء للعظمية والعصبية
وعن واقع الكهرباء أكد العينية:المشكلة الكبرى الآن هي في انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن المدينة منذ عام ونصف العام ولا توجد محروقات لتشغيل المولدات ولو توافر المازوت لقمنا بتشغيل الامبيرات ووزعنا الكهرباء للجميع.
وحول شكوى الصيادلة من عدم توافر الأدوية في الصيدليات الخاصة قال المحافظ: الدواء متوافر بشكل كامل وخاصة النوعي منه في مشافي الدولة والمراكز الصحية ولا يوجد نقص في أي نوع بل لدينا احتياطي جيد وعندما حدثت منذ فترة جائحة اللاشمانيا تمكنا بقدراتنا المحلية من معالجة جميع الإصابات التي تجاوزت حينها 10 آلاف حالة، ومستلزمات غسل الكلية لدينا احتياطي لسنة كاملة لكن المعاناة في عدم توافر الكوادر الطبية حيث لا يوجد أطباء عصبية وعظمية وأوعية بشكل نهائي في دير الزور ونستعين بأطباء المشفى العسكري وهذا الأمر غير مقبول وطلبنا من وزير الصحة تأمين الأطباء ونحن على استعداد لتأمين نقلهم بشكل يومي من دمشق إلى القامشلي ومن ثم إلى دير الزور حيث يبقى الطبيب أسبوعاً أو أسبوعين ونعيدهم ونأتي بغيرهم ونعدهم ألا يبقى هنا أكثر من ذلك وسوف نقوم بنقلهم وإطعامهم وهذه قضية مهمة وضرورية جداً (خلال إعداد هذا الحوار تواصلنا مع وزير الصحة فأكد أنه مستعد لإرسال طبيب عظمية وفي المستقبل يمكن إرسال طبيب عصبية وأوعية لأنه في الوقت الحالي لا تتوافر الإمكانية). أما نقص الأدوية في الصيدليات الخاصة فليس لدينا إمكانية لنقل الأدوية لها. وما دامت الأدوية متوافرة في مشافي الدولة والمراكز الصحية الموجودة في الأحياء وبشكل مجاني فلا توجد مشكلة في عدم توافر الدواء في الصيدليات الخاصة وهناك إمكانية للقيام بعمليات الجراحة وكل ما نعجز عن القيام به يتم نقله إلى دمشق ولكن لا يوجد لدينا إمكانية للقيام بعمليات الجراحة العصبية أو جراحة الأوعية ونستعين بالمشفى العسكري في ذلك.

يشتغلون ببعضهم
وعن دور فرع الهلال الأحمر وما يتم الحديث عنه بشأن بيعهم للمواد الغذائية قال: منذ عامين لم يتم توزيع مساعدات عن طريق الهلال الأحمر إلا خلال الفترة الأخيرة والآن تجري عمليات التوزيع بموجب بطاقات وبإشرافي حصرا وما يقال عن وجود فساد في الهلال غير صحيح ولكنني أنا غير راض عن الهلال لأنهم يشتغلون ببعضهم. جاءت سلل من الهلال العربي السوري من دمشق وزن الواحدة 30 كغ وقمنا بتوزيع سلة لكل عائلتين وهذه السلة قد يباع جزء منها في السوق السوداء لأن سعر السلة كاملة في السوق السوداء 150 ألف ليرة سورية أنا علي أن أعطى السلة لمستحقيها وإذا باعها أحد ما في السوق ماذا أفعل له ومع ذلك نقوم بالمراقبة والمتابعة ولكن إذا أخذ المواطن 10 كغ رز باع منها 5 كغ لشراء رب البندورة أو الزيت هل يعقل أن نحاسبه على ذلك؟
وكشف المحافظ أنه تم تأمين 97 مليون ليرة من خلال مديرية الزراعة وزعت للمواطنين الفقراء بحدود 58 ألفاً لكل عائلة.

مجلس المحافظة معطل
وعن الوضع القانوني لمجلس المحافظة بين العينية:مجلس المحافظة غير موجود منذ زمن لأن أغلبه من الريف وهو خارج السيطرة ومن هم من المدينة يسكنون في دمشق، الحقيقة مجلس المحافظة معطل وهناك مرسوم يعطي المكتب التنفيذي صلاحيات مجلس المحافظة في حال غيابه وهناك مرسوم صدر في 2014 أعطى المحافظ الحق في تشكيل مكتب تنفيذي مؤقت ريثما تتوافر الإمكانية لانتخاب مجلس ومكتب. مجلس المحافظة معطل 100% وأنا اعتمد على المكتب التنفيذي وهو غير كامل لأنه لا يوجد إلا 3 أعضاء يقومون بكل الأعمال وهذا قانوني لأن قانون الإدارة المحلية نص على أن اجتماعات وقرارات المكتب التنفيذي تكون قانونية في حال حضور 3 أعضاء.

المحافظ موافق
وعن آلية منح الموافقة للعاملين في الدولة بتحديد مركز عملهم خارج المحافظة و«تحكم» المحافظ بالموافقة قال: هناك قرار من مجلس الوزراء بخصوص تحديد مراكز العمل ينص على السماح بتحديد مركز العمل في أي محافظة بموافقة المدير المختص وأنا أوافق على كل شخص يوافق له مديره وأتحدى أي شخص عرقلت له تحديد عمله. أما بالنسبة للعقود السنوية وعقود تشغيل الشباب فيجب أن يوقع العقد في دير الزور ويداوم في دير الزور وأنا ليس من صلاحيتي نقلهم لأنني لا استطيع تجاوز رئيس مجلس الوزراء نحن أبلغنا الجميع بأنه من يريد أن يجدد عقده فعليه الحضور إلى دير الزور والدوام فيها. أما في الريف فقط يحتاج من يرد أن يحدد مركز عمله خارج دير الزور إلى موافقة أمنية أما من كان في المناطق الآمنة فلا يحتاج إلى موافقة أمنية، أنا لا أعطل أبداً.

الطائرة للحالات الإنسانية
وعن إمكانية تعزيز وسائل نقل المواد والمواطنين قال المحافظ: نحن لدينا حوامة من القامشلي إلى دير الزور وقد تقوم برحلة أو أكثر في اليوم ولدينا مواد كثيرة موجودة في القامشلي تحتاج إلى نقل منها مواد مجانية وأخرى بثمن. وهنك خط نقل للمواد القادمة من مطار حميميم وهذا ممتاز لأن المواد القادمة من هناك يتم إسقاطها بمظلات ممتازة وهناك إسقاط قادم من الأمم المتحدة وهو جيد وكذلك هناك خط إسقاط من مطار دمشق ونسبة نجاحه 80% حيث يصلنا المازوت من دمشق ويتم إسقاطه بالمظلات. المحافظ يتولى مهمة تأمين نقل جميع العاملين في الدولة بشكل مباشر، أما المواطنون العاديون فيتم نقلهم من خلال قائد الشرطة وقائد القوات في المحافظة وهنا يتم إعطاء الحالات الإنسانية الأولوية، والمحاسبون والموظفون الذين لديهم أعمال في دمشق نحن ليس لدينا إمكانية لنقل كل من يريد منهم وهناك أولوية لدينا.

حكموا ضميركم
وفي ختام اللقاء قال محافظ دير الزور: علينا بالصبر لأنه سيؤدي للنصر وأشكر كل أهالي دير الزور الذين بقوا معي خلال عامين ونصف العام ووجودهم ليس أمراً عادياً أو طبيعياً هو صمود رائع جداً وبارك اللـه بهم لأنهم تحملوا الكثير وأنا أعامل نفسي مثلهم تماماً، أتمنى منهم الصبر قليلاً. وأريد من الجميع تحكيم ضميرهم وأتمنى من اللـه أن ألاقيه ولم أقصر بحق يتيم أو فقير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن