قضايا وآراء

هل تعبّد واشنطن طريق الكارثة بشرعنة الإرهاب..!؟

عبد السلام حجاب:

 

لم يعد هناك عاقل يساوره أدنى شك بأن واشنطن وضعت مخططاً وتفاصيل لمؤامرة كونية لاستهداف سورية جيشاً وشعباً وقائداً منذ أكثر من أربع سنوات. وتدحرجت خطواتها التنفيذية بين السرية والعلنية. فبلغت مرحلة الحرب مباشرة أو بواسطة وكلاء حصريين، ضمهم الرئيس الأميركي أوباما في إطار تحالف دعائي مشبوه، اتخذ من الإرهاب الذي جرى تصنيعه والاستثمار فيه أداة تدميرية قذرة، ومطية سياسية جاهزة للاستخدام الرخيص، يجري الترويج لها والتلطي خلفها عبر إعلام مدجن ودعاية مضللة انتهجت سياسة النازي غوبلز بهدف الانقضاض على سورية وتمزيق وحدتها الوطنية لتحقيق أهداف إستراتيجية لمشروع أميركي صهيوني تحتل فيه سورية موقع بيضة القبان التي تحدد مآلات الحرب الإرهابية القائمة حالياً وارتداداتها الكارثية في المنطقة وخارجها.
وعليه ليس مفاجئاً ما أعلنه السيناتور الجمهوري راندبول المرشح للرئاسة الأميركية بأن تنظيم «داعش» الإرهابي نشأ وأصبح أكثر قوة بسبب صقور حزبه الجمهوري الذين قدموا أسلحة واستحوذ «داعش» على معظمها.
ولقد سبق لناظرة الخارجية الأميركية السابقة كلينتون الاعتراف في كتاب لها بإنشاء أميركا إرهابيي «القاعدة» في أفغانستان، ولعل المراقب للسياسة الأميركية البراغماتية يدرك جيداً أن المسألة ليست تنافساً انتخابياً بقدر ما تعكس طبيعة الرهانات القريبة والبعيدة التي تعبر عن إيديولوجيا فاشية تتفق بالأهداف وإن اختلفت الأساليب بين القذرة والأقل قذارة، وهو ما لفت إليه استغراب الكاتب الأميركي شاموس كوك، لقبول الإعلام الأميركي فكرة أن أوباما يتبنى سياسة عدم التدخل في سورية، وهو ينسق مع تركيا لتدريب الإرهابيين وإرسالهم إلى سورية، ومتورط في تحالف الحرب السعودي التركي في سورية والتنسيق مع الإرهابيين.
والسؤال: هل ما يعلنه المسؤولون الصهاينة وتروج له صحف تل أبيب بأن «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى سواء المشتقة أو المتحالفة لا تشكل خطراً على الكيان الصهيوني يمثل إضافة بدلالات واضحة في مرحلة السقوط المتتالية لأقنعة الإرهاب، وزاد من حدة سقوطها الفاجعي ما نشرته حرييت التركية لشريط مصور يدمغ حكومة السفاح العثماني أردوغان بتزويد الإرهابيين في سورية بشاحنات محملة بالأسلحة والقنابل والذخائر الحربية والمتنوعة!؟ ثم هل واشنطن تعمل جاهدة في مراحل أوباما الأخيرة من رئاسته من أجل تعبيد طريق الكارثة بما يشرعن الإرهاب وتدوير نفاياته بين «معتدل ومتطرف»؟
واقعياً إن القضايا الساخنة الحاكمة للمشهد السياسي الدولي تبدو متشابكة كما أن الحلول بشأنها متداخلة في ظروف معينة، من الملف الأوكراني الذي تريده واشنطن معقداً وساخناً على الخاصرة الروسية، إلى الإرهاب المبرمج وما تسعى إليه أميركا عبر أذرعها في سورية والعراق والمولج بهم تغذية هذا الإرهاب وتصعيد دوره التدميري، حيث تقوم أنظمة الحكم في تركيا والسعودية وقطر والأردن بأدوار قذرة وبتنسيق مسبق مع الكيان الصهيوني. وإذا كان الغزو السعودي لليمن بروافع أميركية وصهيونية يمثل أحد وجوه القضايا الساخنة فإن ملف إيران النووي السلمي وهو يقترب من الموعد المفترض في 30 حزيران الحالي للتوقيع عليه يشكل الامتحان الأصعب لسياسة الكيل بمكيالين الأميركية، ما يضع أوباما أمام واحد من خيارين:
1- اعتراف شكلي بالحقائق يقود إلى مناورة تبديل بالسياسات ومواصلة العزف على نغمات مراجعة المواقف، وهو فاصل زمني سقط بسقوط الأقنعة، ولكن على حساب تمديد زمن الأزمات.
2- اندفاع طائش باتجاه المجهول بتصعيد الإرهاب وفتح أبواب الاستثمار فيه وهو قرار لا يكتفي بمناصبة العداء العلني لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمحاربة الإرهاب وإلزام دول الجوار السوري بإغلاق حدودها وإيقاف تمويل الإرهابيين بالسلاح والمرتزقة، بل يفتح الباب أيضاً باتجاه حروب متشظية لا تقف حدودها داخل سورية والعراق، ولن يكون الكيان الصهيوني بعيداً عن آثارها التدميرية وليس بعيداً عن فهم حقيقة هذا الخيار الشمشوني، فقد حذّر الوزير الروسي لافروف قائلاً: «إن خطر تنظيم «داعش» يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم، مشدداً على أهمية تكثيف الجهود المشتركة للحرب على الإرهاب، وأكد أن حل قضايا الشرق الأوسط يكون بالاعتماد على الحوار»، كما نوهت بذلك صحيفة  تشيكية في تعليق لها بالقول: «إن اتخاذ أميركا والسعودية وقطر وتركيا ودول أخرى القرار المطلوب منها بالكف عن دعم «داعش» مالياً وعسكرياً ولوجستياً، أكثر أهمية من إنشاء ما أسموه تحالفاً ضد التنظيم»، ما يثير مجدداً دهشة لافروف تجاه الموقف الأميركي بعدم التعاون مع سورية في محاربة الإرهاب ويشي بنوايا خبيثة مضمرة.
قد يبدو مغرياً لمن عقله يشبه عقل دجاجة وفقد قدرة الإدراك بأن المعركة زمان ومكان، والرهان عليها رهان على سراب، فلا هي انهت حرباً ولا بمقدورها فرض وقائع الحرب في الميدان لكنها أوهام جنون العظمة التي تنهش عقل السفاح أردوغان وهواجس الخوف الذي يسيطر على حياة حكام الأردن والسعودية وقطر.. فحولوا الشقيق إلى عدو والعدو إلى صديق،
وأوغلوا في رهاناتهم على الإرهابيين من «داعش والنصرة» وسوى ذلك من تنظيمات إرهابية لحسابات صهيونية ليس لهم فيها غير الانصياع وتصفية أحقاد بغيضة قد تدفع المنطقة إلى أتون جحيم لن يكونوا بعيدين عن نيرانه.
إنه ما من شك بأن السوريين جيشاً وشعباً، الذين اختاروا بوعي وإرادة وثبات الرئيس بشار الأسد قائداً شجاعاً وحكيماً لمسيرتهم الوطنية، يثقون بقدرتهم على دحر الإرهاب في أي بقعة من الجغرافيا السورية وتحقيق نصر ليس بعيداً يفشل مخططات شركاء الحرب بالإرهاب ويبطل مخططاتهم العدوانية ضد سورية والمنطقة دفاعاً عن الحق والوجود.
وإذا كان النصر في القلمون عنواناً فإنه حقيقة تتأكد حيث يكون رجال الحق في الميدان وإن غداً لناظره قريب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن