ثقافة وفن

حضور الشباب في دار الأوبرا في دمشق منح حفلتي نجاحاً أكبر … فؤاد ماهر لـ«الوطن»: أوبريت «هنا دمشق» سيحمل أجمل الكلام عن دمشق في التاريخ

| عامر فؤاد عامر

استطاع أن يشقّ طريقه الخاصّ به؛ من خلال اجتهاده في تأدية الأغنية، وإيمانه بأنّه ابن المسرح، فمنذ صغره حَلُمَ بأنّه أهلٌ لهذا المكان، فكان على موعدٍ مع الشهرة، والأضواء، واعتلاء أهم المسارح محليّاً وعربيّاً وعالميّاً، لكن ذلك لم يعنه بالقدر الذي يهتم به لتقديم أغنية راقية تحمل لحناً مهمّاً، وكلمة ذات معنى حقيقي، ففطرته الفنيّة التي خُلق عليها في مدينة حلب؛ منحته الرغبة في المحافظة على الأصالة والجمال. كُرّم في أكثر من بلد بين مسابقات وحفلات مثل فرنسا 2004، والأردن 2008، واليابان 2005، وسويسرا 2005، وأشاد بصوته عدد من الفنانين من بينهم الفنانة «ميادة الحناوي»، وشارك في تأدية أغنيات الشارة لمسلسلات: «أبو خليل القباني»، و«قانون ولكن»، و«حوش العيلة»، واليوم يسعى الفنان «فؤاد ماهر» إلى رسم صورة متجددة لنفسه من خلال الأغنية الوطنيّة، ومن خلال حفلاته التي يحيي فيها التراث السوري الأصيل، ومن خلال أغنياته الخاصّة، ويحدّثنا عن تفاصيل وافية أكثر وعن جديدة القادم في هذا الحوار عبر «الوطن».

خصوصيّة حلب
تُشكّل البيئة الفنيّة لنفسها في حلب خصوصيّة في الفنّ الغنائي، وهي تُولَد مع أهل المكان بالفطرة، فنلاحظها في جمال الصوت، والبصمة الخاصّة التي ينطلق بها أهلها، وحول هذه الفكرة كانت بداية حديثنا مع الفنان «فؤاد ماهر» الذي ركز على البيئة وأهميتها في طبيعة الصوت الحلبي والذوق في الغناء ويقول عن نفسه أيضاً: «منذ كنت صغيراً كنت أستمع إلى الإذاعات كإذاعتي حلب ودمشق، وتعلّقت بالراديو كثيراً، فكنت استمع إلى عمالقة الطرب مثل: «صباح فخري»، و«عبد الوهاب»، و«كارم محمود»، و«محمد خيري»، و«فيروز»، وغيرهم. فالإذاعة حاضرةٌ في ذهني بصورة كبيرة، ومنها تعلّمت، ورافقت كثيراً من أغاني المطربين، فأديتها كثيراً في بيتي، وبالتالي وُلدَ الطموح لدي ونما في أن أقف على المسارح يوماً ما وأغني، وهذا ما حصل فيما بعد، ولكن بعد أن تعلّقت بهذا الحلم كثيراً».

عن جدّه
كان لا بدّ من التعريج على عائلة الفنان «فؤاد ماهر» لمعرفة المزيد حول خامة صوته ومن أين ورثها، فيجيب: «جدّي كان يملك صوتاً جميلاً، لكنه لم يمتلك الجرأة ليكون مطرباً على المسارح، فكان نشاطه يقتصر على الحفلات الأهليّة ومع أصدقائه، واعتقد أنني ورثت عنه الصوت الجميل. وقد كان من أصدقائه الفنان الراحل «عمر البطش» الذي أحبّ صوته كثيراً، وكان من النوع القويّ، والشفّاف، والحسّاس».

محاولات
نعود للبدايات وكيف انطلق الفنان «فؤاد» إلى حلمه: «لم أصعد إلى مسرحٍ في البداية بل كان أن غنيّت في أعراس الأصدقاء، وأهل حارتي، فكنت أطلب من أهل العرس أن أغني وأقدم لهم صوتي في أغنية أختارها كهدية لهم وللحاضرين، فيفاجأ الناس بصوتي، ويزداد تشجيعهم لي، وهذا ما منحني ثقة أكبر بأن لصوتي وقعاً جميلاً على أذن من يستمع له».

جائزة الأورنينا
منذ العام 2000 بدأت الانطلاقة والشهرة ضمن مدينة حلب تأخذ دائرتها الأوسع ومنها اتسعت الدائرة إلى جميع أنحاء سورية، فقد شارك الفنان «فؤاد ماهر» في مهرجان الأغنية السورية ضمن دورتين منه في أغنية «ليلات بعدك» من كلمات الشاعر «صفوح شغّالة» ومن ألحان الفنان «نهاد نجار»، وأغنية «شيء انكسر» من كلمات «صفوح شغّالة»، ومن ألحان «يحيى الحسن» وتوزيع «أنس نقشي»، والتي نال فيها جائزة الأورنينا عن أفضل أغنية حديثة متكاملة.

مع فرق التراث
تابع «فؤاد ماهر» رحلته من خلال المشاركة في أكثر من فرقة تراثيّة مثل فرقة «أورنينا» التي فتحت له الباب نحو العالم الخارجي وزيارة بلدان كثيرة مثل فرنسا، واليابان وغيرهما، وفي هذه الفرقة كان يشترك بالغناء الجماعي إضافة للغناء الفردي ومكث فيها مدّة 5 سنوات، بالإضافة لمشاركته في فرقة «سلاطين الطرب» وحفلاتها في سورية ولبنان بقيادة الفنان «محمّد قصّاص»، وفرقة «شباب الطرب» بقيادة الفنان «بشير بيج»، ومشاركات وحفلات كثيرة استفاد منها كخبرة وتجربة علمته الوقوف على المسرح أكثر والتعامل مع هذا المكان الذي أحبّه وعشقه منذ الصغر.

الأوبرا في دمشق
قدّمت دار الأوبرا في دمشق للفنان «فؤاد ماهر» بعد هذه الجولة فرصته في اعتلاء مسرحها مرتين ويقول عن هذه الفرصة: «يعنيني كثيراً أنني غنيّت في هذه الدار، وأتمنى تكرار التجربة من جديد، فالتعامل راقٍ، والأسلوب جميل في التواصل، وأشعر بالفخر في امتلاك بلدي مثل هذه الدار، فهي أهم مسرح يعتني بالأغنية السوريّة ورقيها، وبالفنّ الأصيل، في الحفلة الماضية التي كانت مع نهاية شهر آذار، غنيّت موشح «حبي دعاني للوصال»، وقصيدة «أغار من بردى» من تأليف «مضر شغّالة»، ودور «ضيعت مستقبل حياتي» الذي يعدّ من أصعب أدوار «سيّد درويش» إضافة إلى عدد من القدود، والطقطوقة، وأغنية «كل ده كان ليه» لـ«محمد عبد الوهاب»، وكانت ردّة فعل الجمهور مفاجئة، فالبرنامج من النوع الصعب، وفيه أغان دسمة، وحضور الشباب كان كبيراً، وردّة الفعل التي رأيتها جعلتني ازداد تفاؤلاً، فكانت مغامرة بالنسبة لي، ولكن أنا أيضاً من النوع الذي لا يخاف».

التجربة الخاصّة
جرّب الفنان «فؤاد ماهر» نفسه في الأغنية الخاصّة فكان لديه أغنية «من بابه لمحرابه» قدّمها في العام 2009 من كلمات الشاعر «مضر شغّالة» ومن ألحان فؤاد نفسه، وهي من النوع الاجتماعي والشعبي الراقي، وبعدها جاءت أغنية «من فضلك» بموضوعها الغزلي والشعبي، وهي من كلمات الشاعر «صفوح شغّالة» ومن ألحان الفنان «نهاد نجّار». أمّا في الأغنية الوطنيّة فكانت التجربة الأولى من خلال أوبريت «شكراً على العرش» بمشاركة نجوم الطرب في مدينة حلب، إضافة إلى الأغنية الأخيرة التي قدّمها على مسرح دار الأوبرا «رغم جروحك يا حلب» والتي يقول عنها: « في هذه الأغنية وصل الصدق إلى الناس وشعرت بأن رسالتي بدأت تصل إليهم، ويبدو أن موضوع الأغنية مؤثر، فمأساة سورية بصورة عامة مجسّدة في هذه الأغنية التي حملت الأمل والحزن معاً، والناس أحبّتها كثيراً، وأوجّه تحيتي للشاعر «صفوح شغّالة» الذي برع في كتابة الكلمات التي تقول:

رغم جروحك يا حلب وكلّ دمّ ودمع انسكب
وكلّ صرخة طفلة عأمها اليتم عليها انكتب
حلب الشهبا منتصرة عطول الأيّام وقصرا
وبجملة مفيدة بختصرا الزند الحلبي ما انغلب

مع ميادة الحناوي
كان للفنانة القديرة «ميادة الحناوي» وقفة خاصّة مع الفنان «فؤاد ماهر» الذي أحبّ لقاءه بها وعنه يقول: «لي الشرف في لقاء هذه الفنانة الكبيرة، ولدى رؤيتي لها شعرت بالخوف، وسألت نفسي ما الذي سأتحدث به أمامها؟ فهي قامة كبيرة من الزمن الأصيل، وقد تكلّمت عنّي بصورة جميلة جداً، أفتخر بها كثيراً، ومما قالته لي: إن صوتي يشبه صوت الفنان «محمد خيري»، وأن وقفتي على المسرح تشبه وقفة الفنان «عبد الحليم حافظ» وهذا حمّلني مسؤوليّة جديدة، فهي منحتني شهادة كبيرة بما قالته ووصفته».

جولة متجددة
يسعى اليوم الفنان «فؤاد ماهر» للبحث عن كلمات وألحان لتقديم مجموعة من الأغنيات بالإضافة للمشاركة في حفلات كثيرة وعن ذلك يضيف: « هناك طقطوقة بعنوان «ضاع الهوى» من ألحان وكلمات «نبلي فاضل»، وقصيدة «يا مليحة» بالفصحى ولكن بتوزيعٍ جديد، ولدي مجموعة من الحفلات في الجزائر في مدينة صفاقس عاصمة الثقافة للعام 2016، وأيضاً جولة من الحفلات في كلّ من دمشق، واللاذقية، والسويداء، وطرطوس، ضمن مهرجان النصر السياحي برعاية وزارتي الثقافة والسياحة».

«هنا دمشق» جديدي عبر «الوطن»
عن جديده الذي يتحدّث عنه للمرة الأولى ويخصّ به «الوطن» يقول الفنان «فؤاد ماهر»: «تحضيرات جديدة أنشغل بها اليوم في دمشق حول أوبريت غنائي ضخم سيحمل عنوان «هنا دمشق» وقد تمّ اختيار الكلمات من أفضل ما كُتب عن مدينة دمشق عبر التاريخ، وقريباً سيبصر هذا العمل النور».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن