قضايا وآراء

روسيا حليف أم وسيط؟

| بيروت – رفعت البدوي

اللقاء الذي حصل في المنتجع الروسي سوتشي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن حاملاً رسالة بالغة الأهمية من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني متضمنة لمقترحات قطرية تسهم في تسوية الأزمة السورية يعتبر أمراً لافتاً للانطلاق من رابط له صلة بالتحرك القطري من المفيد العودة إلى حديث وزير الخارجية القطري السابق حمد بنً جاسم لجريدة «فاينناشل تايمز اللندنية» الذي أقر فيه بحصول قطر على الضوء الأخضر في العام 2012 للتحرك في سورية، يضيف حمد بن جاسم قائلاً: لكن السعودية عقّدت الأمور عندما قررت خطف دور القيادة من قطر والسير في المقدمة ما حوّل الوضع إلى صراع سعودي قطري الأمر الذي أدى إلى إفشال التحرك على الساحة السورية.

انطلاقاً مما تقدم نلحظ الأمور التالية:
هناك أمر لافت تزامن مع وصول وزير الخارجية القطري إلى روسيا لإجراء المباحثات مع الرئيس الروسي هو قرار روسي بسحب 30 طائرة حربية من نوع سوخوي 25 من سورية، وهنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي.

«هل انتقلت روسيا من دور الحليف إلى دور الوسيط؟»
صحيح أن روسيا ومنذ إرسالها طائراتها الحربية إلى سورية للمشاركة بالحرب على الإرهاب أحدثت فرقاً ميدانياً كبيراً ساعد على تحرير نبل والزهراء وتدمر، إضافة إلى نجاح الجيش العربي السوري بتحرير واستعادة السيطرة على العديد من القرى والبلدات التي كانت تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى استعادة الجيش العربي السوري لامتلاك المبادرة الميدانية ما أدى إلى تسريع الذهاب إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات التي كانت مقررة هناك ولكن مع فارق كبير هو امتلاك الوفد الرسمي السوري ورقة قوة والكعب الأعلى في تلك المفاوضات.
لكن أيضاً لنعترف أن الدول الكبرى لا تتحرك ولا تقدم الدعم للحلفاء انطلاقاً من مفهوم الجمعية الخيرية، أي أن الدول الكبرى عندما تتلاقى مصالحها مع دول أخرى عندها يتم إطلاق ما يسمى الحليف أو نشوء ما يسمى الحلف بين الدول يترجم بالدعم العسكري والاقتصادي للحليف، أما عندما تتعارض مصالح الدول الكبرى مع الحليف فإن الدعم العسكري والاقتصادي يتراجع حينئذ تتقدم الدول الكبرى بعرض مبادرات مثل تهدئة أو وقف للنار تمهيداً للتفتيش عن تسوية معينة ترضي الأطراف المتصارعة حلفاء وأعداء على حد سواء ليصبح الفرقاء سواسية أمام مصالح الدول الكبرى.
ألم تسع روسيا إلى فرض هدنة عسكرية في حلب وتمديد صلاحيتها لمدة 72 ساعة إضافية على الرغم من خسارة مواقع مهمة كان الجيش السوري قد نجح في تحريرها والسيطرة عليها بعد خوض معارك ضارية.
لا محلل سياسياً أو قارئ سياسياً ألا ويعترف أن روسيا تتعرض لإغراءات اقتصادية إضافة إلى ضغوطات كبيره تمارس عليها من أوروبا وأميركا وبعض دول الخليج العربي.
 هبوط أسعار النفط في السوق العالمية وعدم الاتفاق على إنتاجية واحدة
 إعلان تركيا عن عزم الولايات المتحدة نشر بطاريات صواريخ بعيدة المدى على الحدود التركية السورية ما يهدد التحرك الروسي في سورية.
 حصول التنظيمات المسلحة الإرهابية على صواريخ أرض جو لضرب الطائرات ما يهدد تحرك الطائرات الروسية في سورية.
 إعادة فتح ملف الصراع بين أذربيجان وأرمينيا على إقليم ناغورنو كاراباخ.
 إعلان الولايات المتحدة وحلف الناتو عن قرار يقضي بنشر شبكة الدرع الصاروخية في كل من بولندا وفي منطقة البلطيق ما استنفر روسيا بالرد سريعاً على لسان سيرغي لافروف بأن نشر الدرع الصاروخية لا يمكن السكوت عنه وأن روسيا تحتفظ بحق الرد على الدرع الصاروخية ويجب الرد عليها.
فهل يأتي الرد الروسي على أميركا وتركيا وحلف الناتو على نشر الدرع الصاروخية انطلاقاً من حلب أم إن روسيا ومن خلال تراجع الدعم الجوي وسحب الطائرات الحربية الروسية نجحت في إرسال رسالة واضحة مفادها أن روسيا لا تريد الحسم في الميدان العسكري وأن روسيا تبحث عن تسوية تؤمن لها مصالحها بدءاً من حلب؟
وحدها الأيام القادمة ستحمل الجواب الشافي نحو تحرير حلب أم نحو تسوية على طريقة شراكة حلبية…

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن