قضايا وآراء

واشنطن ستتجاوز حلفاءها

| باسمة حامد 

لا شك أن تمسك واشنطن بنظام التهدئة و«إبقائه ساري المفعول» يعكس سعيها للحفاظ على التفاهمات المتفق عليها مع الجانب الروسي بشأن الملف السوري.
إلا أن إدارة أوباما الآن باتت ملزمة بإبداء مواقف أكثر حسماً حيال مخطط التفجير الشامل الذي يقوده النظام السعودي عبر توثيق التحالف مع (إسرائيل)، وسياسة التصعيد الميداني والسياسي أملاً بفرض واقع مغاير في سورية بعد وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض.
وفي الواقع، لا خيارات كثيرة أمامها في هذا التوقيت الحرج، فهي عاجزة عن فصل (معارضتها المعتدلة) عن (جبهة النصرة)، بل إن الحديث يدور عن استعداد «جزء ملموس» من تلك (المعارضة) للارتماء في أحضان التنظيمات المصنفة دولياً (بالإرهابية) على خلفية الهزائم التي تكبدتها في الآونة الأخيرة، وما يربك القرارات الأميركية أكثر أن:»أغلبية المتمردين يحجمون عن مواجهة النصرة لأن التنظيم يضم عدداً كبيراً من الرجال الذين يتحدرون من المدن والبلدات نفسها» وفق صحيفة (وول ستريت جورنال)!!
ومن الواضح أن تمديد الهدنة المؤقتة شمال محافظة اللاذقية ومدينة حلب بمبادرة روسية لثلاثة أيام إضافية منح واشنطن فرصة أخرى لتثبيت التفاهمات مع موسكو وعدم السماح لحلفائها (المتمردين) الإطاحة بهم، لكن يتعين عليها لاحقاً اتخاذ خطوات أكثر أهمية من إلزام وفد الرياض بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
فالحملة الإعلامية التي شُنت على الجيش العربي السوري وحلفائه والمرفقة بحالة تباك (عربية ودولية) ممجوجة بهدف تحميله مسؤولية سقوط الضحايا وإيقافه عن استكمال إنجازاته الميدانية.. بدأت تستنفد أهدافها على وقع ما يلي:
1- دعوة الموفد الدولي (ستيفان ديمستورا) إلى إحياء نظام وقف العمليات «العدائية» كضرورة «ملحة» رغم هشاشته واهتزازه، واستجابة روسيا لهذا المقترح للتخفيف من وطأة الضغوط الغربية عليها في لحظة دقيقة كانت فيها القوات السورية تقترب من تحقيق تحول كبير في حلب، وتتقدم باتجاه قطع الطريق على التنظيمات الإرهابية وإسقاط آخر الرهانات السعودية التركية القطرية.
2- رفض أوباما للطلب التركي بخصوص إنشاء مناطق آمنة شمال سورية، وحالة الخلاف القائمة حالياً داخل الحزب الحاكم في تركيا، إضافة إلى أن غياب (أوغلو) عن المشهد أقلق الغرب لكونه سيحد من فرص التعاون الأميركي التركي في المسألة الكردية.
3- بروز تقارير غربية لافتة أماطت اللثام عن حقيقة ما يجري من تزييف وتزوير للحقائق، كتقرير لمركز (غلوبال ريسرتش) الذي تحدث الأحد الماضي باستفاضة عن: «دعاية إعلامية مغرضة تصاحب المعركة في حلب»، موضحاً أن الإدارة الأميركية تعتمد على منظمات غير حكومية بالوكالة مثل منظمة (الخوذات البيضاء)، إلى جانب بعض الميليشيات لتصدير صورة دائمة عن الجيش السوري بأن «قواته لا تفعل شيئاً سوى استهداف المدنيين».
يبدو أن واشنطن تدرك فقدانها الكثير من أوراق التأثير في الوضع السوري، لذلك من المتوقع أن تتجاوز رغبات حلفائها كما حصل سابقاً في الاتفاق النووي مع إيران لتكون شريكاً لروسيا في صناعة السلام في سورية.
ما يعني أنها ستقبل إما بإشراك (معارضتها المعتدلة) في المواجهة الجارية ضد الإرهاب بقيادة الجيش العربي السوري وحلفائه، وهذا الاحتمال ضعيف بسبب وضعه من الرئيس أوباما في سياق «الفانتازيا»، أو بالتجاوب مع المطلب الروسي بشأن توسيع قائمة الإرهاب لتشمل تنظيمي (أحرار الشام) و(جيش الإسلام)، وفي كلتا الحالتين قد لاتكون قادرة عن إيقاف مسيرة «الانتصار النهائي» الذي تخطط دمشق وحلفاؤها لإنجازه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن